وكاله جراءة نيوز - عمان - آمن العراقيون بمجرد سقوط تمثال صدام حسين في التاسع من أبريل (نيسان) 2003 بأن حياتهم ستتغير نحو الأحسن. لكن بعد تسع سنوات من العنف والمعاناة، لا يزال هؤلاء ينتظرون تحقيق حلمهم بالعيش في وطن أفضل. وفي ساحة الفردوس وسط بغداد، لم يبق من تمثال صدام الذي كان يرتفع نحو أربعة أمتار إلا بقايا أقدامه المثبتة على قاعدة إسمنتية تحمل ملصقات، أحدها للزعيم الشيعي مقتدى الصدر. ولم تعد الساحة التي كانت تمثل أحد رموز نظام حكم البلاد بيد من حديد لسنوات طويلة إلا دائرة تنتشر حولها الدوريات الأمنية التي تسعى لمنع أعمال عنف قد تستهدف المكان الذي يشهد مظاهرات بين الحين والآخر.
ويقول هلال سلطان (54 عاما) الذي يسكن في مدينة الصدر (شرق) ويعمل في الصيرفة منذ 22 عاما في ساحة الفردوس إن «التاسع من أبريل كان يوما تاريخيا للعراقيين». واستذكر لحظة سقوط تمثال صدام قائلا «عندما سقط في ساحة الفردوس كنت حاضرا، أسقطه الجنود الأميركيون (...)، ومن بين الحضور من صفق وفرح، فيما بكى بعضهم، وضرب آخرون التمثال بالأحذية». وتابع سلطان «كانت فرحة كبيرة بتغيير النظام وتحسين الأوضاع، لكن الإرهاب بدأ في محاربة العملية السياسية، ومع الأسف لم يكن هناك خطاب سياسي موحد». وتحدث عما تحقق بعد تسع سنوات من ذلك، وقال «هناك سلبيات خصوصا أعمال العنف، لكن الأمور تحسنت الآن، وهي أفضل من الأعوام الماضية (...) كما أن الفساد وعمليات الاختلاس تعوق تطور الخدمات».
وقتل عشرات الآلاف العراقيين في أعمال عنف متواصلة منذ سقوط نظام صدام حسين. وإلى جانب الوضع الأمني غير المستقر، تعاني البلاد الغنية بالنفط من نقص كبير في الخدمات خصوصا الكهرباء والمياه النظيفة، فيما يستشري الفساد بشكل كبير في الإدارات الرسمية.
ويقول بسام حنا (35 عاما)، الذي يعمل في محل لبيع التجهيزات المنزلية «عندما أتذكر يوم التاسع من أبريل أفرح كثيرا، وأشعر وكأنها ولادة جديدة للعراقيين». ويضيف «كنت مع عدد كبير من الأصدقاء في استقبال أول دبابة أميركية عند المسرح الوطني في منطقة الكرادة» وسط بغداد. واستذكر بسام قائلا إن «الأميركيين أول من حاولوا إسقاط تمثال صدام، ووضعوا على رأسه علما أميركيا. اعترض عشرات العراقيين مطالبين بوضع العلم العراقي بدلا منه، بعدها استبدل العلم وحاولوا إسقاط التمثال مستعينين بحبل سميك لكنه انقطع». ثم «قام المارينز (مشاة البحرية الأميركية) بوضع سلسلة حديد حول التمثال وأسقطوه مستعينين بآليات عسكرية (...) شعرنا عندها بالفرحة والحرية ونهاية الضغوط خصوصا الخدمة العسكرية وبداية حياة أفضل». وتابع حنا «لا تزال هناك أمور تحتاج لتكون أفضل، لأن صدام حكمنا 35 عاما. نحتاج إلى وقت لتتحسن أوضاعنا (...) ونأمل ألا تكون هناك أي خلافات بين العراقيين».
من جهتها، قالت أم محمد (50 عاما) التي تعمل في مجال التنظيف في مصرف في الكرادة «عندما سقط النظام الناس فرحوا وقلنا إن الحياة ستكون أفضل، لكن لم يتحقق أي شيء، وهم (السياسيون) لا يقدمون أي شيء للناس ويبحثون عن مصالحهم فقط». إلا أن أم محمد المسؤولة عن تربية أبنائها الخمسة منذ وفاة زوجها قبل خمس سنوات، لا تزال تأمل «في تحسن الأوضاع في المستقبل».
وبينما رأى الشيخ إسماعيل الصالح، وهو إمام وخطيب جامع في ساحة الفردوس، أن «أيا من أحلام العراقيين لم تتحقق»، قال سلام الحاج سبهان (44 عاما) الذي غادر البلاد عام 1996 «توقعنا مستقبلا أفضل لأطفالنا وبلدنا، لكن ذلك لم يتحقق». وتابع أن «إسقاط صدام كان خطأ كبيرا لأنه كان أفضل من هذه الحكومة (...) صدام كان ديكتاتورا كبيرا وكان رجلا سيئا جدا نعم، لكننا لم نر أي شيء أفضل (...) لا بلد هنا ولا أمان».