جراءة نيوز - اخبار الاردن -
تركَتْ المدرسة في سنّ مبكرة، عانت من قساوة والدها وشقيقها، كانت تغار من الفتيات اللواتي يخرجن ويسهرن فيما هي قابعة في المنزل، أرادت حياة جميلة ولو تقليديّة، فما إن تعرّفت إليه حتى قبلت به، هربت معه على الرغم من معارضة أهلها، تزوّجته وحلمت بتأسيس عائلة معه. كانت تظن أن الحياة منذ تلك اللحظة ستكون ورديّة وستنسيها القهر الذي تحمّلته ثمانية عشر عامًا.
"من الدلفة لتحت المزراب"
تعود رانية بالذاكرة سنين إلى الوراء، فتقول : "نحن سكّان القرية نفسها، كان يبدي إعجابه بي كلّما رآني، ونتيجة إصراره قبلت به وتزوّجنا. كنت في الثامنة عشر من عمري، وهو يكبرني بسبعة عشر عامًا. هربت معه وتزوّجنا خطيفة، رأيت فيه صورة الرجل الناضج والأب الحنون والزوج القادر على تحقيق أمنياتي، هربت معه من المعاملة القاسية في منزل والدي، وحلمت منذ تلك اللحظة بتأسيس حياة جميلة وعائلة صالحة".
صدمة الليلة الأولى
الصدمة الأولى كانت ليلة الزفاف، في الفندق، عندما حاولا ممارسة الجنس، ولكن من دون نتيجة. تتابع رانية: "بقينا في الفندق أيامًا، كنت أخاف وأتألّم كلّما حاولنا إقامة أي علاقة جسديّة، فهي تتمّ بطريقة غريبة وغير تامّة. لكنّه كان يراعي شعوري وإحساسي ولا يجبرني على أي فعل. وبعدما عدنا إلى المنزل، فضّ بكارتي بإصبعه لأنه لم يكن قادرًا على الأمر بطريقة أخرى. وبقي يمارس هذه العلاقة بطريقة غريبة وغير تامّة لمدّة أربعة أشهر، فلا يخرج منه أي سائل ولا تتمّ عملية الانتصاب".
رفض العلاج
في البداية، ظنّت رانية أن الأمر طبيعي، فلا تجارب سابقة لديها، فيما كانت تشكّ مرّات أخرى في قدراته وتردّ الأمر إلى فارق العمر بينهما. إلى حين طلبت منه الذهاب إلى طبيب متخصّص لمعالجة الوضع، فتقول: "زرت الطبيب وخضعت لفحوص طبيّة بيّنت عدم معاناتي من أي خلل، لكن عندما طلب منه الطبيب القيام بفحص للبذرة رفض، وبقي على موقفه لمدّة ثماني سنوات. عندها قرّرت النوم في غرفة مستقلة عنه، وبقينا منفصلين ونعيش في المنزل نفسه لمدّة أربع سنوات، ثمّ قرّرت ترك المنزل والمباشرة بمعاملات الطلاق. طوال فترة زواجنا لم تكن تهمّني العلاقة الجسديّة بقدر ما كان يهمّني إنجاب طفل وتأسيس عائلة، طلبت منه مرارًا أن نتبنى طفلًا ولكنه كان يرفض، تحمّلت فهذا هو نصيبي في الحياة إلى حين اختنقت".
أمومة ضائعة
لم تعد تقوى على الاحتمال، فالسنين تمرّ وهي تكبر، كانت تخاف من أن تضيع أيّامها ولا تحمل طفلًا بين يديها، فتقول: "مع حلول عيد الأمّ سنويًا كنت أعيش مأساة وأبكي حرقة وألمًا. والأمر نفسه في عيد الميلاد، حيث يجتمع أخوتي وأخواتي مع أولادهم، فيما أنا محرومة من طفل. لقد اختنقت فأنا شابّة وما زلت قادرة على تأسيس عائلة وإنجاب الأولاد، كنت أرى أن من حقي عيش حياة مختلفة وجديدة، ما زلت قادرة على تأسيس عائلة، ولكني أخاف من أن لا أتمكّن من ذلك بعد سنوات".
على الرغم من كونه رجلًا جيّدًا، يؤمّن كلّ حاجاتها ويفهمها ويحترمها، لكن حرمان الأمومة كان الأقوى، فتقول: "لقد عانيت كثيرًا، ولكني لم أشعره يومًا بعجزه، ولم أجرح مشاعره، كنت أبكي كلّما مارسنا الجنس، ولكني كنت أخفي دموعي عنه، مع أنني متأكّدة أنه كان ليتركني لو كان الخلل مني. لقد تعذّبت ودخلت إلى المستشفى مرّات عدّة في حال عصبيّة وصرت أخذ أدوية أعصاب. لا ألوم أحدًا هذا نصيبي، ولكني لن أعيش تعيسة طيلة حياتي، لن أقبل أن يرافقني القهر طالما حييت".
العجز والعلاج
في هذا السياق، يشرح الاختصاصي في الصحّة النفسيّة والجنسيّة، الدكتور بيارو كرم، أسباب العجز الجنسي، وإن كان يخلق مع الرجل أم يصيبه مع تقدّمه في العمر، ويقول: "العجز الجنسي نوعان، هو إمّا عدم قدرة على الانتصاب، أو عدم قدرة على الانتصاب والقذف في الوقت نفسه. أمّا أسبابه فهي عضويّة (1/10 من الحالات) تخلق مع الإنسان، أو نفسيّة (9/10 من الحالات) مرتبطة بخوف الرجل من أدائه وقدرته على القيام بالعلاقة الجسديّة خصوصًا في تجربته الأولى، علمًا أن هذا الخوف لا عمر له. أو سببه القذف السريع وعدم قدرته على إطالة فترة العلاقة. كما قد ترتبط بنظرته إلى المرأة أو خوفه منها".
العجز قد يكون مرحليًّا أو دائمًا، فهل هناك علاج لهما؟ يردّ كرم: "هناك علاج للعجز الدائم والعجز المرحلي، لكن أوّلًا يجب معرفة سبب المشكلة، وتقبّل الرجل الخضوع للعلاج، الذي قد يكون نفسيًا، أو من خلال الأدوية أو من خلال العمليّات الجراحيّة".
90% من الرجال يعانون
وعن نسبة الرجال الذين يعانون من مشكلات جنسيّة، وتأثير هذا الأمر على المرأة من الناحية النفسيّة والجسديّة، يقول كرم: "70% من الرجال يعانون من القذف السريع، 30% لديهم عجز جنسي لسبب ما، و90% يعانون أو سيعانون من مشكلات مع الجنس يومًا ما. العجز لا يسبّب أي أذية جسديّة للمرأة، لكن له تأثيرات نفسيّة عليها، فبداية لن تكون مكتفية جنسيًا ما قد يدفعها إلى الخيانة، كما تؤثّر المشكلة في نظرتها إلى ذاتها وتشكيكها في قدراتها كامرأة، ما قد يقودها إلى إهمال جسدها وفقدان احترامها لنفسها، إضافة إلى أنه يؤثّر في حياة الثنائي ويؤدي في النهاية الى انفصالهما".
عودة إلى الماضي
إلى ذلك، يفسّر الخبير النفساني، الدكتور روجيه بخعازي، الأسباب النفسيّة التي تؤدي إلى العجز الجنسي، ويقول: "هناك عدّة أسباب نفسيّة، منها الجهل ونكران المشكلة ووجودها، رجولته التي لا تسمح له بالخضوع لأي علاج فيردّ المشكلة إلى خلل لدى المرأة، معاناته من عقدة أوديب فيعتبر كلّ امرأة بمكانة والدته ويعجز تاليًا عن ممارسة العلاقة الجسديّة معها، وجود عطل في الرغبة وخصوصًا عندما لا تستثير المرأة الهوّامات لديه، كما من الممكن أن يكون مثليًا. وهذه العقد النفسيّة تتولّد من التربية والسلوك الاجتماعي، ومن طريقة التعاطي معه في البيت وفي محيطه، من التشدّد في التربيّة أو اعتباره أقل من غيره، أو اعتبار الجنس خطيئة، أو بسبب قيامه بعلاقة فاشلة".
أمّا عن الشفاء والعلاجات المتاحة، ونسبة الرجال الذين يلجأون إلى الطبيب النفسي، يقول بخعازي: "مدّة العلاج مرتبطة بخطورة الوضع ونوع الصدمة التي تعرّض لها ومعرفته وإقراره بالمشكلة، فقد يخضع لعلاج سلوكي وآخر جنسي. أمّا عن نسبة الرجال الذين يلجأون إلى الطبيب النفسي فهي غير معروفة، ولا توجد إحصاءات عربيّة أو لبنانيّة في هذا المجال، لكن تقديريًا قد تصل إلى 25%".