آخر الأخبار
  منخفضان جويان متتاليان يؤثران على المملكة مع نهاية 2025   تحقيق: جنرالات الأسد يخططون لتمرد سينفذه 168 ألف مقاتل   "الأرصاد" : طقس بارد ومنخفض جوي يؤثر على الأردن السبت   تقرير المحاسبة: جرافة "الكرك" تسافر للصيانة وتعود بعد 4 سنوات "معطلة" في واقعة غريبة   منخفض جوي ماطر وطويل التأثير يبدأ السبت ويشتد الأحد والاثنين   تحديد موعدي شهري شعبان ورمضان فلكيا   حاويات ونقاط جمع نفايات لوقف الإلقاء العشوائي في المحافظات   ورقة سياسات: 3 سيناريوهات لتطور مشروع مدينة عمرة   الأردن استورد نحو 300 ألف برميل نفط من العراق الشهر الماضي   "وزارة التربية" تصدر تعليمات حاسمة لطلبة التكميلي وتحدد آليات الدخول للامتحانات   المعايطة: أعياد الميلاد المجيدة تمثّل صورة حضارية مشرقة للتعايش والوئام الديني وتبرز الاردن كوجهة روحية عالمية   نقيب الألبسة: استعدادات كبيرة لموسم كأس العالم عبر تصميمات مبتكرة لمنتخب النشامى   33328 طالبا يبدأون أول امتحانات تكميلية التوجيهي السبت   أمطار غزيرة وثلوج كثيفة في عدد من الدول العربية نهاية الأسبوع .. تىفاصيل   ابو علي: مباشرة صرف الرديات الاحد واستكمال صرف الـ 60% المتبقية خلال الاشهر الاولى من 2026   تنويه هام من التنفيذ القضائي الى جميع المواطنين   وفاة 3 أطباء أردنيين .. اسماء   وزير الداخلية يتفقد الأعمال الإنشائية في جسر الملك حسين   الخارجية: استلام جثمان المواطن عبدالمطلب القيسي وتسليمه لذويه   العدل: تنفيذ 2143 عقوبة بديلة عن الحبس منذ بداية العام الحالي

الاردن قرر الانتقام بإعلان الحرب على “داعش” والايام المقبلة حافلة بالمفاجآت

{clean_title}

جراءة نيوز - اخبار الاردن -

اعفت الطريقة الدموية البشعة التي اعدم من خلالها الطيار الاردني معاذ الكساسبة على يد “داعش” القيادة الاردنية من “حرج” كبير، وحشدت معظم الرأي العام الاردني، ان لم يكن كله، خلف مشاركتها في التحالف الدولي الذي تتزعمه الولايات المتحدة للقضاء على هذه الظاهرة “الجهادية” المتشددة.

الشارع الاردني قبل الاعدام كان منقسما في موقفه تجاه مشاركة بلاده طائرات التحالف الامريكي الغربي في الحرب على “داعش”، ومعارضي هذه المشاركة كانوا الاعلى صوتا، ولكن الصورة تغيرت كليا في اليومين الماضيين، وبدأت الدعوات لانتقام اوسع لاحراق الطيار الضحية على السنة الغالبية الساحقة من الشعب الاردني بمختلف اطيافه والوانه واصوله ومنابته.

في ظل هذا المناخ المتعطش للانتقام، لم يكن مفاجئا ان يتماهى معه العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني الذي قطع زيارته الى واشنطن، ويتوعد في بيان رسمي شديد اللهجة، وبعد اجتماع مع كبار قادته العسكريين “داعش” “برد قاس″، مؤكدا ان دم الطيار الاردني لن يضيع هدرا، ونحن هنا لا نتحدث عن اعدام السيدة الانتحارية ساجدة الريشاوي وزميلها زياد الكربولي كأول خطوة على طريق هذا الانتقام، فالمسألة اكبر واخطر من ذلك بكثير.

***
القاء نظرة متأملة لبيان الديوان الملكي الاردني تعطي انطباعا بأن القيادة الاردنية قررت نقل الحرب الى معاقل “اداعش” بما في ذلك ارسال قوات “برية” خاصة، او على شكل وحدات من الجيش الاردني، فالبيان الملكي تضمن نقطة على درجة كبيرة من الاهمية وهي “سنكون بالمرصاد لزمرة المجرمين، ونضربهم في عقر دارهم”.

وما يؤكد هذا الاستنتاج، التصريحات التي ادلى بها النائب الامريكي ثورنبيري ماك ثورنبيري رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب الامريكي، وقال فيها “ان الولايات المتحدة تبحث في الطلبات الاردنية للحصول على اسلحة ومعدات في الحرب على “داعش” ودعا “الى ضرورة تلبيتها بشكل عاجل، وبحث كيفية التصدي لايديولوجية هذا التنظيم”.

الاردن كان منذ اليوم الاول عضوا فاعلا في التحالف الامريكي “الخمسيني” ضد “الدولة الاسلامية” وبادر بإرسال طائراته الامريكية القديمة من طراز (اف 16) لتأكيد نواياه في هذا المضمار، وكان بصدد ارسال قوات خاصة تدعم جهوده الاستخبارية الاهم التي يُشهد لها في جمع المعلومات، ومن المؤكد ان اعدام الطيار الكساسبة بالطريقة البشعة (امتنعت عن نشرها) عجل من التوجهات العسكرية الاردنية في خوض الحرب بالاسلحة كلها.

من الصعب علينا في ظل حالة الغضب الشعبي غير المسبوق، والدعوات المتصاعدة للانتقام، مناقشة الجوانب الايجابية والسلبية لمثل هذه الخطوات، فالاخطار موجودة، لا يمكن، بل لا يجب، التقليل من شأنها، او القفز عنها، فالاردن سيكون في مواجهة تنظيم دموي شرس يرابط بالقرب من حدوده، ولا يهمه خسارة الرأي العام الاردني او كسبه، ولا يلتزم بأي قواعد للاشتباك، ورأسمال الاردن هو امنه واستقراره ووحدته الوطنية، ولهذا يجب النظر الى الامور من زاوية المصلحة واجراء حسابات دقيقة، بعيدا عن العواطف والنزعات الانتقامية، فالاردن دولة تمتد جذورها لاكثر من مئة عام بينما خصمه، اي “الدولة الاسلامية” تنظيم حديث العهد لا يزيد عمره عن عامين، والفارق كبير بين الطرفين، ونأمل ان لا يفسر كلامنا هذا بطريقة خاطئة، لان غبار “الحماس″ سيهدأ بعد ايام او اسابيع حتما، وستظهر الحقائق واضحة ويمكن رصدها بالعين المجردة.

شتم “ داعش” واتهامها بالارهاب والوحشية والبشاعة من قبل الكثير من الكتاب والمحللين السياسيين في الاعلام العربي، يعطي نتائج عكسية تماما، لانه يصب في خانة “المدح” وليس “الذم”، لان استراتيجية هذه الدولة تقوم على “الصدمة والرعب” و”ارهاب” الخصوم، وارباكهم عسكريا وسياسيا، الامر الذي يسهل عملية تجنيد المزيد من الشباب المحبط في صفوفها وتبني ايديولوجيتها الدموية.

من تابع شريط الاعدام للطيار الكساسبة والطريقة التي انتج واخرج بها، يعتقد انه يتابع فيلما هوليوديا لافلام العنف من اعداد خبراء كبار في الحرب النفسية، كان مبتغاهم الاساسي احداث اكبر قدر ممكن من التأثير في المشاهد، مما يؤكد الرواية الاردنية شبه الرسمية التي تقول بأن الطيار الضحية اعدم قبل شهر على الاقل.

نشرح اكثر ونقول ان وضع الطيار الضحية في قفص، واغراق جسده بالبنزين، وهو في بدلة الاعدام البرتقالية، ووقوف شخص ملثم حاملا شعله “مضمخة” بالبترول يشعلها ببطئ، امام الكاميرا، ثم يستخدمها لاشعال الفتيل المؤدي الى القفص يتحول الشاب الضحية بعدها الى كتلة من اللهب بطريقة بشعة وغير انسانية، هذا الاعدام غير المسبوق لا يمكن ان يكون وليد الساعة، ولا يمكن ان يكون من انتاج تنظيم همجي متخلف، وانما يعكس عملا مؤسساتيا متقدما لا يضاهيه اي عمل رسمي عربي، وهذا ليس مدحا وانما توصيفا عمليا مهنيا.

هذه هي المرة الاولى التي يستخدم فيها التنظيم هذه الطريقة البشعة في اعدام اسراه، فحتى جنود الجيشين السوري والعراقي الذين يوصفوا بـ”المرتدين” في ادبياته، لم يعدما بهذه الطريقة، ولا الرهائن الاجانب ايضا، وسمعت من يقول على احد الشاشات ان استخدام اسلوب الحرق في اعدام الطيار الكساسبة جاء بسبب كونه عسكريا وليس مدنيا، وهذا تفسير يتنافى مع الواقع، فلم نر التنظيم “الدولة” يحرق جنودا، او مقاتلين من الجبهات العسكرية المعارضة الاخرى التي خاض حربا ضروسا في حلب ودير الزور والرقة ضدها واعدم المئات ان لم يكن الآلاف من منتسبيها الذين وقعوا اسرى في قبضته.

***
طريقة الحرق البشعة هذه كان الهدف منها ارسال رسالة ترهيب الى الدول المشاركة في التحالف الخمسيني الامريكي لحثها على الانسحاب من هذا التحالف اذا ارادت تجنب المصير نفسه لطياريها او جنودها، ويبدو ان هذه الرسالة وصلت بسرعة بالنظر الى التقرير الذي نشرته صحيفة “النيويورك تايمز″ اليوم الاربعاء، واكدت فيه ان دولة الامارات العربية المتحدة اوقفت طلعاتها الجوية لقصف مواقع “داعش” منذ اسر الطيار الكساسبة.

الاردن قرر “الانتقام” والذهاب في حرب ضد “الدولة الاسلامية” حتى الشوط الاخير ويجد دعما من الغالبية العظمى من مواطنيه، ناهيك عن قواته المسلحة، والولايات المتحدة، الدولة الاعظم في الوقت الراهن، ونأمل ان يكون قد قرر تبني هذا الخيار بعد دراسة وتمحيص جيدين ومتعمقين.

راي اليوم