وكاله جراءة نيوز - عمان - أكد تقرير عمالي أن غالبية السائقين العاملين في قطاع النقل البري محرومون من معظم حقوقهم العمالية الأساسية المنصوص عليها في تشريعات العمل الأردنية المختلفة.
وأشار التقرير الذي صدر اليوم الاثنين عن المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية بالتعاون مع مؤسسة فريدريش ايبرت الألمانية، إلى تعدد الانتهاكات التي يتعرض لها غالبية السائقين العاملين على خطوط النقل الداخلي والخارجي لتشمل انخفاض أجورهم وساعات العمل الطويلة إلى جانب حرمانهم من الإجازات السنوية والمرضية والرسمية، وحرمانهم كذلك من حق الاشتراك في الضمان الاجتماعي وتوفير شروط السلامة والصحة المهنية وغيرها من الحقوق العمالية الأساسية.
وقال التقرير الذي حمل عنوان "السائقون العموميون: ظروف عمل سيئة وانتهاكات صارخة لحقوقهم"، إن المؤشرات الرقمية ذات العلاقة بأعداد العاملين في هذا القطاع تفاوتت ولا توجد أرقام دقيقة حولها، مبينا أن أعداد السائقين العموميين تقارب (62) ألف سائق في مختلف أنحاء المملكة، يعملون على الشاحنات وسيارات وباصات السرفيس والتكسي وحافلات المدارس والجامعات.
وبين التقرير أن أجور غالبية السواقين "متواضعة جداً"، إذ لا تتجاوز غالبيتها (300) دينارا شهرياً، وهذا لا ينفي أن هنالك سائقين يحصلون على أجور تزيد عن ذلك، أو أقل من ذلك، بالرغم من أن أعداد كبيرة منهم يعملون لساعات طويلة يمكن أن تصل الى 16 ساعة يوميا.
بالإضافة إلى ذلك، قال التقرير إن غالبية العاملين بأجر في هذا القطاع لا يحصلون على زيادات سنوية، ولذلك فإن جميع العاملين في هذا القطاع رواتبهم متقاربة بغض النظر عن سنوات عملهم وخبراتهم.
ووفق التقرير، فإن الانتهاكات التي يتعرض لها غالبية العاملين في هذا القطاع لا تقتصر على انخفاض أجورهم فحسب، بل يمتد ذلك إلى انتهاك آخر يتمثل في عدم اشتراكهم في الضمان الاجتماعي، إلى جانب عدم تمتع الغالبية الساحقة منهم بالتأمين الصحي.
ولفت التقرير إلى أن غالبية العاملين في مهنة السياقة لا يتمتعون بحقوق الحماية الاجتماعية من ضمان اجتماعي وتأمين صحي.
وشملت الانتهاكات التي أشار اليها التقرير حرمان الغالبية الساحقة من السائقين من الإجازات السنوية والمرضية والعطل الرسمية والوطنية والأعياد.
وأوضح التقرير وجود تفاوت في قيم أجرة استخدام المركبات من قبل السائقين وهو الذي يطلق عليه "ضمان السيارة"، وهي المبالغ التي يدفعها السائقين الى أصحاب السيارات يوميا مقابل العمل عليها، تبعا لجملة من العوامل ذات العلاقة بدرجة حداثة السيارة وعدد العاملين عليها، لكنها تراوحت بالمجمل ما بين 22 – 27 دينار أردني يومياً.
وحسب غالبية السائقين الذين تمت مقابلتهم، فإن عقد "ضمان السيارة" يأتي لصالح مالك السيارة أو الحافلة ويجعل السائقين يعملون تحت رحمة ومزاجية صاحب السيارة وأن قيم الضمان مرتفعة، الأمر الذي يدفع السائقين للعمل لساعات طويلة لتوفير قيمة ضمان السيارات والمتطلبات الأخرى اللازمة لعمل السيارة.
وأشار التقرير، أن غالبية السائقين يفتقدون للأمان والاستقرار الوظيفي وذلك لأن مصيرهم بالعمل يرتبط بمزاجية الادارة وأصحاب السيارات، فالكثير من السائقين الذين تمت مقابلتهم في هذا القطاع بينوا أن هنالك مزاجية عالية في ممارسات أصحاب العمل، ففي حال اعتراضهم على أي قرار فإن مصيرهم قد يكون تسليم مفتاح وسيلة النقل لصاحبها، الأمر الذي يخلق حالة من القلق لدى السائقين.
مشاكل السائقين على اختلاف أنواعها أكدتها النقابة العامة للعاملين في النقل البري والميكانيك، وأكدت أن هذه الانتهاكات تتركز في عدم إيجاد آلية لشمول العاملين في القطاع بمظلة التأمينات الاجتماعية، وعدم الالتزام بأحكام قانون العمل الأردني فيما يتعلق بساعات العمل اليومية والإجازات السنوية والمرضية والعطل والأعياد الرسمية والعمل الإضافي.
كما يفتقر السائقين إلى تنظيم عملهم وفق عقود عمل محددة، إذ إن عقد العمل الموحد الذي تم الاتفاق عليه بين نقابة العاملين في النقل البري وهيئة نقل البري ووزارة النقل لا يطبق في حدود ضيقة، لأسباب تتعلق بتهرب غالبية أصحاب العمل من الالتزام به وضعف دور الأجهزة الحكومية.
واشتكى العديد من السائقين من ضعف دور نقابة العاملين في النقل البري في الدفاع عن حقوقهم والعاجز عن تلبية مطالبهم وهذا ما نفته النقابة.
وأضح غالبية السائقين أن انتسابهم للنقابة إجباري، من خلال إجبارهم على دفع رسوم سنوية للنقابة بدون أن يحصل على أي خدمة مقابل تلك الرسوم، حيث يشترط على كل سائق عمومي عند ترخيص سيارته الحصول وصل اشتراك في النقابة، وبالتالي فإن العضوية في النقابة إلزامية بشكل مخالف لنصوص قانون العمل الذي جعل الانتساب للنقابات العمالية اختياريا.
هذا وأشار التقرير إلى أن الاحتجاجات العمالية في الأردن للعاملين في قطاع النقل البري وخاصة السائقين تصاعدت في العام 2011 بشكل ملفت وغير مسبوق حيث بلغ عددها 104 احتجاج، وشكلت هذه الاحتجاجات ما يقارب 12 بالمائة من مجمل الاحتجاجات العمالية في العام ذاته.
وقدم التقرير جملة من التوصيات لتحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية للسواقين تمثلت في إيجاد آلية محددة من الجهات ذات العلاقة لشمول العاملين في قطاع النقل البري بمظلة الضمان الاجتماعي، من خلال ربط ترخيص المركبة بالاشتراك بالضمان الاجتماعي، وإعادة دراسة عقد العمل الموحد بما يحقق مكاسب للأطراف ذات العلاقة "أصحاب العمل والسائقين"، وإيجاد آليات تكفل تطبيق هذا العقد، وإعادة النظر بآلية ترخيص المركبات فيما يتعلق بالحصول على شرط العضوية في النقابة، وتكثيف الجهود التفتيشية لموظفي وزارة العمل لضمان حصول العاملين في هذا القطاع على حقوقهم، وخصوصا سائقي سيارات النقل الصغيرة.