جراءة نيوز - اخبار الاردن :
قال رئيس مجلس الأعيان عبد الرؤوف الروابدة إن المواطنة مظلة ينضوي تحتها كل الأردنيين ذلك أنهم جميعا مواطنون عليهم واجبات المواطنة كما ان لهم حقوقا في العدالة والتنمية والأمن والاستقرار.
وأكد الروابدة خلال جلسة حوارية في قاعة غرفة صناعة اربد نظمها مركز الأوج للتوحد وملتقى المرأة الثقافي في اربد وأدارها بكر خازر المجالي وحضرها محافظ اربد خالد عوض الله أبو زيد ورئيس بلديتها الكبرى المهندس حسين بني هاني وحشد من الفعاليات السياسية والحزبية والاجتماعية والنسائية والشبابية والعمل التطوعي ان على جميع الأردنيين المشاركة في اتخاذ القرار من خلال صناديق الاقتراع وان من لا يمارس هذا الحق يفقد حقه في المساءلة والمحاسبة.
وقال ان السياسيين في الأردن لم يعودوا قادرين على الحديث بشكل مريح بل هم أشبه ما يكونون بالجالسين أمام فرقة الإعدام حيث ان الأسئلة معدة مسبقا والتهم جاهزة وبات المسؤول يستجدي الصدق فيما يقول.
وأضاف ان الأوطان كالأمهات قد نغضب منها لكننا لا نقطع ثديها الذي أرضعنا وان الأوطان لها سمعة تجب حمايتها وهذه ضريبة المواطنة التي باتت تعبيرا جميلا الكل يتحدث فيه ويتغنى وهو ليس مفهوما لغويا او إعلاميا بل هو مفهوم قانوني تترتب عليه حقوق وواجبات وان المواطن الأردني اكتسب هذه المواطنة بالتبعية لآبائه وأجداده او اكتسبها بالتجنس.
واكد انه لا يجب ان يكون هناك فروق في الحقوق بين المواطنين لكن هناك فروقا في الانجاز وان على المواطن ان يصبح شريكا في القرار وألا يتنازل عن هذا الحق حتى لا يفقد حقه في المساءلة والرقابة.
ولفت إلى ان الجميع بات يغفل الوطنية وهي التي تعني واجبات المواطن اتجاه وطنه وتتمثل بأن ينتمي إليه ويعتز به ويدافع عنه ماضيا وحاضرا وألا يسمح بالاعتداء عليه لا لفظا ولا فعلا وألا ينتقده خارج حدوده مستشهدا بالكثير من الساسة والإعلاميين والصحافيين المصريين الذين كانوا على خلافات مع حكوماتهم في فترات سابقة وعندما كانوا يسألون لماذا لا يهاجمون مصرا ولا ينتقدون سياستها كان جوابهم أننا خارج مصر ولا يجوز ان تنتقد سياسة مصر إلا من داخلها ومن خلال منابرها.
وأضاف من يطالب بالمواطنة وامتيازاتها عليه ان يلتزم بالوطنية وواجباتها.
واستطرد الروابدة قائلا: كثر الحديث في السنوات الأخيرة عن الديمقراطية وتناسينا أنه ليس للديمقراطية مفهوم واحد وهي ليست عقيدة او ايدولوجيا بل خيار تختار كل دولة ما يناسب تاريخها وجغرافيتها وتكوين وتلاوين مجتمعها والتحديات التي تواجهها والديمقراطية تقوم على التعددية الحزبية المفقودة لدينا حاليا وان كان لدينا أحزاب لكن لا توجد لدينا حركة حزبية بالمعنى الصحيح ذلك ان الأحزاب أنشئت من بعض المسؤولين السابقين للحفاظ على مواقعهم وتحقيق مكتسبات جديدة بعد عام (1989) فكانت أحزاب شخصية أشبه بالكثبان الرملية تعلو وتنخفض بحسب الظرف المتغير في حين ان الحركة الحزبية في الأردن في خمسينيات القرن الماضي لم تكن أحزابا أردنية بل كانت امتدادات لأحزاب خارج الوطن مراجعها في القاهرة ودمشق وبغداد وبيروت، مبينا ان الأحزاب الأردنية تفتقر إلى البرامجية التي على أساسها تتقدم للمواطنين لخوض الانتخابات النيابية ليصار إلى تشكيل حكومة نيابية من حزب الأغلبية او ائتلاف مجموعة أحزاب وحكومة ظل معارضة تراقب أداء الحكومة وتحاسبها معربا عن خيبة أمله من واقع الحياة الحزبية في الأردن التي لا يرى لها أية آفاق جديدة طالما بقي الحزبيون يراوحون مكانهم دون ان يطوروا نهجهم وان يجعلوا أحزابهم أحزابا ذات برامج تتطرق للسياسة والاقتصاد والتعليم والصحة والخدمات وغيرها فليس مهمة الأحزاب مناكفة الحكومات في الشأن السياسي فقط بل عليها ان تطرح مقترحات وحلولا لكل المشكلات التي تواجه المجتمع، مبينا ضعف الحركة الحزبية في الأردن رغم اكتظاظ الساحة بعشرات الأحزاب التي هي في الواقع لا تشكل أي ثقل لافتقارها الى قواعد شعبية حقيقية موضحا أن الأحزاب يجب أن تكون بعيدة عن الايدولوجيا والعقائد لأن الأحزاب تعتمد على البرامج وهي قابلة للنقد.
وأكد الروابدة ان الديمقراطية تعبر عن ذاتها بالتعددية الحزبية والانتخابات وانه لا يوجد نظامين انتخابين متشابهين وانه بات من الواجب علينا اختراع نظام انتخابي يناسبنا، مؤكدا انه لو كان في موقع إعداد مسودة مشروع قانون انتخابي لقام بإلغاء كافة الكوتات كما يطالب البعض لنعرف تداعيات هذا الإلغاء.
وقال ان إلغاء الكوتات في الأردن يعني إحداث حالة إرباك في المجتمع الأردني الذي اعتمد على تركيبة من ثنائيتين داخل كل منها فسيفساء مختلفة متماسكة مترابطة يجب الحفاظ عليها وإلا لشعرت بعض الشرائح في المجتمع كالمسيحيين والشركس وبعض شرائح المجتمع بالغبن والظلم فجاء النظام الانتخابي الحالي الذي بات بحاجة ماسة للتطوير الإصلاح للحفاظ على حق هذه الشرائح في التمثيل النيابي. واكد الروابدة على ان من يعمل في السياسة عليه ان يكون حساسا اتجاه التوازنات فلكل مجتمع عربي تراكيبه وفسيفسائه الخاصة مستعرضا النسيج الاجتماعي في عدد من الدول العربية وكيفية عيش المواطنين لقرون طويلة فيها.
وقال إننا في الأردن يجب ان نخرج مكونانا من جلدهما وان نكون جميعا أردنيين وليس من حق احد ان ينكر أردنية الآخر وان هذه الأردنية لا تتعارض مع الهوية الفرعية وأشواق تاريخية لقطر عربي وإسلامي ويجب ان تسود منظومة بحيث ان من يقع في مشكلة ما لا يجب ان يشعر بالظلم لأنه ينتمي الى هذه الشريحة دون تلك ويجب ان يتم التعامل مع الأردنيين على هذه الصيغة والحديث عن الهوية الوطنية الجامعة وليس الإقليمية.
وقال الروابدة ان الأردن بني على فكر عروبي قومي وحدوي نيابي ديمقراطي غير إقصائي وهو لكل من يحمل الرقم الوطني وان المواطن العربي كان يحضر الى عمان ويأخذ الجنسية يصبح في اليوم التالي رئيسا للوزراء وان الأردن منذ تأسس وحتى عام (1955) لم يرأس حكومته أردني من تبعية الآباء والأجداد في الأردنية وان أول انتخابات أجريت فيه عام (1929) كان فيه (16) نائبا موزعين على محافظات الشمال والوسط والجنوب والبادية ثم ارتفع الى (20) وعندما قامت الوحدة المقدسة بين ضفتي النهر عام (1950) أصبح عدد المجلس (40) نائبا (20) لكل ضفة وهذا حق التساوي ولم يعترف بحركة الهجرة بين الضفتين او انتقال المواطنين بين مدن المملكة الأردنية الهاشمية باعتبارهم مواطنين أردنيين يسكنون متى شاءوا وأين شاءوا في أراضي المملكة وبدأت أعداد المجلس تشهد ارتفاعا مطردا وصل (60) نائبا ثم (100) وهكذا الى ان أصبح اليوم (150) نائبا.
وقال ان الأحداث والتاريخ لهما اثر كبير على صناعة القرار متسائلا عن معنى نظام انتخابي عصري وقال هل المقصود قانون انتخاب جديد وهل كل جديد يصلح ؟ مستطردا نحن مع الإصلاح الممنهج والذي بدأ مسيرته منذ سنوات سبقت ما يسمى الربيع العربي رافضا ان يقتنع ان الربيع العربي انفجر نتيجة إقدام مواطن على إحراق نفسه في تونس في لحظة إحباط ويأس.
وارجع الروابدة انفجار الربيع العربي الى توافر بيئة ملائمة له مثل الظلم وعدم تكافؤ الفرص ومصادرة حرية الناس وانسداد الأفق السياسي في البلدان وغيرها من الأسباب.
واوضح ان البلدان التي شهدت انتفاضات الربيع العربي كانت تحكم من خلال العسكر الذين قفزوا على السلطة من على الدبابة، في حين ان البلدان التقليدية او ما سمي في يوم من الأيام الرجعية العربية ( الممالك والإمارات العربية ) خرج الحراكيون في هذه البلدان يطالبون بالإصلاح لا بتغيير الأنظمة التي تمتلك الشرعية التاريخية.
واكد ان الإصلاح ليس عملية طارئة بل هو عملية مستمرة الى ان يرث الله الأرض ومن عليها ولا يجوز ان يكون الإصلاح قفزات في الهواء لأن ذلك سيؤدي الى استفراد شريحة محددة بالسلطة قد تكون هذه الشريحة مالية او حزبية او غيرها من الشرائح.
وقال ان جميع المسؤولين يدركون أهمية الإصلاح غير ان هناك خللا في جهاز الدولة، وتساءل الروابدة: هل جهاز الدولة الأردنية قادر على ان يكون ناقلا حقيقيا لهموم ومشكلات الجمهور وأحلام وتطلعات عقل الدولة.مؤكدا أننا في الماضي كنا أصحاب مدرسة في الإدارة وشارك الأردنيون في بناء إدارات كثير من الدول العربية أصبح يشار إليها اليوم بالبنان في الوقت الذي تراجعت فيه الإدارة في الدولة الأردنية واهترأت وتهالكت ما يؤكد حاجتنا الماسة للإصلاح الذي يعني معالجة الأخطاء وتسييد وتفعيل القوانين لأنه على الدولة ان تحمي أبنائها نتيجة أعمال يقومون بها من خلال وظائفهم، مستنكرا اشد الاستنكار بعض المظاهر التي ظهرت في السنوات الماضية التي تخلت فيها الدولة عن أبنائها حيث صار يطلب من الشرطي الذي قام بتصرف من خلال عمله ان يأخذ عطوة عشائرية وصلحة عشائرية وكذلك حال الموظفين الإداريين وبات المسؤول يعيش حالة رعب ما يستدعي إعادة النظر فورا في الإدارة العامة للدولة وإدارة المجتمع.
وتساءل: هل تعرضت الأحزاب الأردنية الى هذه الحالة من تراجع إدارات الدولة؟ وما أسبابها وكيفية إعادة هذه الإدارة الى ما كانت عليه هي تحمي وتعاقب موظفيها بسبب تنفيذهم أعمالها.
وأكد الروابدة عدم اعتقاده ان العالم العربي عرف الحياة الحزبية الحقيقية لأن الحزبية الحقيقية لا تنشأ إلا في الديمقراطيات لأن الأحزاب هي مجموعة أفكار في شتى مناحي الحياة تتوافق عليها شريحة من المواطنين شريطة ألا تكون هذه الأحزاب عقائدية لأن الأحزاب العقائدية طاردة بطبعها ولا تؤمن بالجماهير لأن الجماهير هي القادرة على صناعة القرار من خلال صناديق الاقتراع وهذه الأحزاب ترفض الآخر والأحزاب العقائدية التي وصلت في القرن الماضي الى الحكم عن طريق الانقلابات العسكرية مرت بعدة مراحل منها ان العساكر استعانوا بنخب سياسية وحزبية من بقايا الأنظمة التي انقلبوا عليها لأنهم كانوا خائفين مترددين وبعد ان تذوّقوا حلاوة الحكم وطعمه ووثقوا بأنفسهم انقلبوا على من استعانوا بهم فشردوا من استعانوا بهم وطاردوهم وأخرجوهم من البلاد وبعد ذلك فشلوا في انجاز مشروع دولة حديثة.
وأكد الروابدة ان الحراك الأردني حراك وطني شريف له مطالب شرعية غير ان من سوء الحظ ان البعض استغل هذا الحراك الشريف المطالب بالإصلاح وبدأ يكيل التهم جزافا دون أدلة او بيانات الأمر الذي أدى الى إشاعة حالة من الخوف والقلق لدى المسؤولين نستطيع ان نوصفها بأن المسؤولين يقفون على رؤوس أصابعهم وبعض القوى تحاول توجيه هذا الحراك لتحقيق مكاسب لها دون سائر باقي المواطنين.
وقال علينا ان نغير الظروف التي كنا نعمل بها وأصبح لزاما علينا السعي حثيثا نحو حكومات برلمانية تنتخب مباشرة من المواطنين وفق برامج انتخابية أو لتحقيق استقرار في أعمار الحكومات واستقرار في أعمار المجالس النيابية وان يكون النائب صوت حزبه لا صوت نفسه يراقب الحكومة مراقبة برامجية وان تتم معارضة الحكومات من خلال معارضة نيابية منظمة قوية وألا تكون هذه المعارضة بالنظام بل هي معارضة للحكومات.
وقال ان لم نصل الى هذه الحالة فإن الأداء الرقابي النيابي سيظل ضعيفا حتى تقوم الأحزاب ويجب ان تكون الرقابة من ألف الى ياء أداء الحكومة لا على أجزاء هنا وهناك.
وارجع الروابدة الدوامة التي تعيشها الحالة السياسية في الأردن الى عدم وجود حياة حزبية حقيقية وانه يجب ان نعمل لإعادة صياغة المجتمع بتحقيق مبادئ العدالة والمساواة من خلال مؤسسات حزبية وحكومية ومجالس نيابية ووسائل إعلام ذات مهنية عالية ومسؤولة تمكن من الوصول الى المعلومة والاطلاع عليها ونقد الأداء والابتعاد عن نقد الأشخاص او غيرها من الممارسات الخاطئة التي شهدنا بعضها في فترات سابقة مؤكدا ان الإعلام هو السلطة الرابعة وان لم يكن منصوصا على ذلك في الدستور وانه علينا جميعا ان نعطيه الحرية الكاملة ليمارس هذه الحرية خدمة للوطن والمواطن ضمن الحرية المسؤولة.
وحول مجلس الأعيان الجديد أثنى الروابدة على أداء المجالس السابقة مثمنا عاليا جهد الرئيس السابق للمجلس طاهر المصري وقال: إن دور مجلس الأعيان واضح ومحدد في الدستور ومازلنا حديثي العهد نتلمس طريقنا ونرسم سياستنا للعمل مع شقيقنا مجلس النواب لخدمة الوطن والمواطن في دراسة التشريعات وسنها بعد مرورها بكافة مراحلها الدستورية.
ولفت الروابدة الى أننا دولة بني فكرها الاقتصادي على الاستثمار وان رأس الدولة يسعى حثيثا لجذب هذه الاستثمارات مستنكرا أصوات ترتفع بين الفترة والأخرى مطالبة بإبعاد العمالات الوافدة وقال: إننا نسعى لجذب الاستثمار ونطالب بفتح أسواق العمل أمام أبنائنا في دول العالم العربي بخاصة لدى أشقائنا في السعودية ودول الخليج وان من يطلب شيئا لنفسه عليه ألا ينكره على الآخر.
وقال: نعم لدينا أخطاء لكننا بفضل الله ووعي شعبنا ما زلنا متماسكين ونطمح للأفضل ونحن أفضل من غيرنا بكثير وهذا لا يكفي بل علينا ان نجلس جميعا ونتشاور في عملية الإصلاح التي يجب ان تكون دائمة ومستمرة.مؤكدا على ضرورة ترجمة الشعارات الى خطط وبرامج عمل تنفذ في فترات زمنية محددة للانتقال الى مرحلة جديدة من مراحل البناء والإصلاح.
وخلص الى القول: إننا كغيرنا من الشعوب والدول تواجهها العديد من التحديات التي ليس من المنطق أو المطلوب مواجهتها دفعة واحدة بل تواجه بحسب الأولوية أو الظروف فتهديد كيان الدولة أولى بالمواجهة من أي تحد آخر مع عدم التقليل من أهمية مواجهة التحديات الأخرى وبذات العزم مضيفا أن ذلك يحتاج لحياة سياسية محركها حركة حزبية حقيقية وإعلام مؤمن برسالته ليشكل مجموع ذلك في النهاية حاضنة حقيقية لديمقراطية تكفل حقوق جميع أفراد المجتمع بعد أن يعرف كل فرد واجباته وحقوقه.
وفي ختام الحوارية تم إلباس الروابدة عباءة أردنية تقديرا وإجلالا لخدماته التي قدمها خدمة للملك والوطن والمواطن.
وكانت كل من رئيسة مركز الأوج للتوحد وملتقى المرأة الثقافي رولا بطاينة وفايزة الزعبي ألقتا كلمتين ثمنتا فيهما تلبية دعوتهما من قبل دولة الروابدة الذي هو رمز أردني وذو رأي في القضايا العامة لكل الأردنيين لما عرف عنه من معرفة موسوعية وجرأة في القول وإبداء الرأي.