رحيل المؤرخ البريطاني بيتر هيلير (بروفايل)
بعد صراع مرير مع المرض، رحل المؤرخ البريطاني بيتر هيلير المستشار الإعلامي بالمجلس الوطني الإماراتي للإعلام سابقا.
عمل هيلير، الذي رحل الأحد عن عمر ناهز 75 عامًا، كآخر رئيس تحرير لصحيفة "emirates news"، وهو كاتب وباحث عمل في مجال الإعلام والثقافة والآثار في دولة الامارات.
لقاؤه بالشيخ زايد قدم بيتر هيلير، المؤرخ والكاتب والمستشار البريطاني، إلى دولة الإمارات في سبعينيات القرن الماضي بغرض تصوير فيلم وثائقي، واستقر فيها منذ ذلك الوقت، ورافق الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في العديد من أسفاره.
وروى هيلير تفاصيل أول لقاء له بالشيخ زايد، حيث كان هيلير مع زوجته في سوق الخضروات، وجاء الشيخ زايد للسوق، فقدم له التجار الفواكه، لكنه كان مهتمًا بمعرفة أحوالهم وتفقد أوضاعهم عن قرب، فانبهر بشخصية الوالد المؤسس.
وبعدما تعرف هيلير على الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان أصبح ملازمًا له، وتقلد العديد من المناصب طيلة ما يقرب من 50 عاما في الإمارات، حيث عمل في الدولة صحفيا ومؤرخا ومستشارا في مجال النفط.
أدار هيلير إذاعة أبوظبي منذ سبعينيات القرن الماضي، وساعد لاحقًا في إنشاء خدمة اللغة الإنجليزية لوكالة الإمارات "وام".
وكان يصنع أفلاما وثائقية وهو مصاحب للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في أسفاره، حيث سافر معه لليمن وفرنسا وإندونيسيا واليابان ومصر.
شغف بالآثار
ونظرًا لامتلاكه شغفاً كبيراً بعلم الآثار، أصبح الشريك المؤسس ومدير هيئة المسح الأثري لجزر أبوظبي التي تمكنت من اكتشاف عدد من أبرز المواقع الأثرية المهمة في دولة الإمارات، الأمر الذي ساهم في الكشف عن الماضي المخفي.
كما شارك أيضاً في مشروع لإجراء عملية تنقيب عن الآثار في جزيرة صير بني ياس في موقع أثري لدير يبلغ عمره 1400 سنة ويعد أحد أقدم المكتشفات الأثرية المسيحية في المنطقة، والذي حظي باهتمام وتقدير عال على المستوى العالمي.
ويتجلى تفاني بيتر وإخلاصه للإمارات وأهلها، من خلال التزامه بحماية البيئة والتاريخ في الدولة في الوقت الذي يشهد تقدماً وتطوراً سريعين.
عمل دؤوب أسس هيلير مجلس سجل الطيور الإماراتي، وشارك في تأليف "طيور الشرق الأوسط"، و"طيور الإمارات العربية المتحدة"، بالاشتراك مع ريتشارد بورتير.
ويُعد كتابه مع سايمون أسبينال "الإمارات – التاريخ الطبيعي"، المقدمة الأساسية لطبيعة الإمارات وحيواناتها البرية، من أهم الكتب، وأغناها معرفة.
فاز هيلير بجائزة الشيخ مبارك بن محمد لتاريخ الطبيعة عام 2005، وحصل على وسام أبوظبي في عام 2013، والذي يعد أعلى وسام مدني في إمارة أبوظبي، لعمله في تحديد المواقع الأثرية الرئيسية في الإمارات العربية المتحدة.
ماذا قال عن الشيخ زايد؟ في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، أقامت جامعة نيويورك أبوظبي، محاضرة تحت عنوان "زايد والتراث البيئي والثقافي لدولة الإمارات"، تحدث فيها بيتر هيلير، عن إرث المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان واهتمامه الكبير ودعمه اللامحدود للتراث الطبيعي والثقافي بدولة الإمارات.
واستعرض هيلير دور الشيخ زايد في علم الآثار والبيئة في الدولة، مؤكداً أن "شغف الشيخ زايد وحبه الدائم لمعرفة كل ما هو موجود في وطنه من حجر وطير وبشر هو السبب الرئيس في كل ما هو متاح من معلومات أثرية وإنسانية مقدمة للعالم عن تاريخ الدولة".
استعرضت المحاضرة موضوع البيئة وعلم الآثار في الإمارات، لتسلط الضوء على دور الوالد والمؤسّس في إطلاق وتشجيع ومتابعة المشروعات التي أسهمت في الحفاظ على أهم المحميات الطبيعية في أبوظبي، والتعريف بأبرز المواقع الأثرية الرئيسة، مثل بقايا الدير المسيحي في جزيرة صير بني ياس، الذي جاء به هيلير للدلالة على قيمة التسامح الأصيلة الموجودة تاريخياً في الإمارات والتي عزّزها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
وقال هيلير "إن العالم لم يكُن يعرف شيئاً عن تاريخ الإمارات وآثارها قبل سنة 1959، رغم أن تاريخ الدولة يعود إلى آلاف السنين، ويجب على كل مواطن ومقيم أن يدرك أهمية الأرض التي يعيش عليها، لأن ما كان سابقاً هو نتاج ما يعيشه حالياً".
وأكد هيلير أن المغفور له الشيخ زايد كان يحب المعرفة، ولا يتوقف إلا إذا عرف الإجابة، وقال "كان يحب أن يجوب مناطق الدولة عبر السيارة، وليس عبر الهليكوبتر، كان يقول في السيارة إذا لفت انتباهي أي شيء أستطيع التوقف فوراً، وتفحص ما أريد".