فيضانات جدة .. لماذا تتكرر الكارثة؟
أعادت فيضانات محافظة جدة إلى الأذهان الكارثة التي حلت بالمنطقة في عام 2009 وأودت بحياة عشرات الأشخاص، وتساءلت صحيفة "سبق" السعودية عن السبب في استمرار العجز عن التعامل مع مثل هذه الأزمات رغم مشروعات التطوير.
وتحت عنوان "الفيضانات تقتل شخصين في السعودية وتثيرا غضبا عاما نادرا"، كتبت صحيفة وول ستريت جورنال أن جدة شهدت أكثر من 7 بوصات من الأمطار خلال ست ساعات، الخميس الماضي، وتذكر هذه الفيضانات بتلك الفيضانات المميتة، في عام 2009، التي ألقي فيها باللوم على الفساد في البلديات.
وأدت الأمطار الغزيرة إلى وفاة شخصين في مدينة جدة، الخميس، وتعليق الدراسة وتأخير رحلات جوية، وإغلاق الطريق المؤدية إلى مكة لساعات، بحسب ما أوردت وسائل إعلام سعودية.
وأكد المتحدث الرسمي للمركز الوطني للأرصاد، حسين القحطاني، أن "الحالة المطرية التي تأثرت بها محافظة جدة الخميس شديدة الغزارة ، حيث استمرت حوالي 8 ساعات، من الـ8 صباحا وحتى الـ5 مساء، وبلغت ذروتها من الـ 8 صباحا وحتى الـ 2 مساء".
وقال المتحدث، وفق وكالة الأنباء الرسمية (واس)، أنها أعلى كمية أمطار وفقا لمحطات الرصد التابعة للمركز وبلغت 179.7 ملمتر على جنوب المحافظة.
وأوضح أن هذه الحالة الماطرة تعد "الأعلى في تاريخ جدة، منذ عام 2009، والتي بلغت حينها 111 ملمتر، كما سجلت 90 ملمترا في 2011".
كانت فيضانات كبيرة شهدتها جدة قد أودت بحياة 123 شخصا في جدة، في عام 2009، ونحو 10 أشخاص بعدها بعامين.
وبعد هبوط الأمطار الغزيرة يوم الخميس الماضي، أعلنت السلطات عن حالة الاستنفار القصوى بكامل تجهيزاتها بمشاركة نحو 2564 عاملا وموظفا ونحو 960 آلية ومعدة تساندهم فرق العمل لرفع آثار الأمطار.
وأوضح المتحدث الرسمي لأمانة محافظة جدة، محمد البقمي، العملٍ على "مدار الساعة ضمن الخطط المعتمدة لموسم الأمطار الحالي التي تشهدها المحافظة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، وقد بدأت التحضيرات قبل هطول الأمطار بالتنسيق مع المركز الوطني للأرصاد، ومركز الأزمات والكوارث".
وأشار إلى أن الفرق الميدانية باشرت سحب مياه الأمطار من أماكن التجمعات التي لا يوجد بها تصريف، ورفع بعض المخلفات من الطرق لتسهيل حركة المرور داخل المحافظة.
ونقلت عكاظ عن البقمي أن تعويض المتضررين من الأمطار والسيول سيكون بنفس آلية التعامل مع ما حدث عام 2009، وذلك من خلال التقدم لمركز الأزمات والكوارث الممثلة في جميع الجهات الحكومية لحصر الأضرار والتلفيات واتخاذ الإجراءات النظامية.
وقالت وول ستريت جونال إن الفيضانات أعادت إلى الأذهان فيضانات عام 2009، وتشير إلى أنه في عام 2017، أطلق ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، حملة لمكافحة الفساد تم فيها إلقاء القبض على أشخاص بسبب سوء تخصيص الأموال العامة وهو ما كان السبب وراء فشل نظام الصرف الصحي في جدة.
لكن السكان يقولون إنهم "لم يشهدوا تحسنا طفيفا في الخدمات المحلية"، وفق الصحيفة.
والعقد الماضي، أنشأت جدة قناتين للصرف وسدا بارتفاع 23 قدما للتعامل مع مياه الفيضانات. وفي وقت سابق من هذا العام، خصصت 106 ملايين دولار لتحديث أنظمة الصرف الصحي.
وفي غضون ذلك، وجه الأمير محمد بن سلمان مزيدا من الموارد نحو "المشاريع الضخمة" في البلاد.
وبينما أعلن ولي العهد عن مشروع لتطوير جدة بقيمة 20 مليار دولار، بدأت السلطات هناك بهدم أحياء، أغلب سكانها من المهاجرين، تقول الحكومة إنها بُنيت بشكل غير قانوني وتشجع الأنشطة الإجرامية.
وتساءلت صحيفة قبس: "بعد 11 سنة.. كارثة سيول جدة تتكرر من جديد.. أين الوعود؟ ومتى نتعلم الدروس؟ ومن المسؤول الحقيقي؟".
وأضافت "بعد صمت استمر لمدة 11 عاما، اليوم ومع بدء انهمار (هطول) الأمطار الغزيرة على جدة، وضع الكثير أيديهم على قلوبهم خوفا من حدوث مصيبة سيول جديدة، وبالفعل وقع ما خشاه الجميع، وانكشفت الأمور، وبانت الحقائق المؤسفة، وانهارت مشاريع التصريف، وجرفت المنازل والسيارات، وسدت الطرق، وامتلأت الأنفاق، وفاحت رائحة الفساد، وأطلت الكارثة من جديد بشكل أكثر مأساوية. فمتى نتعلم الدرس؟ ومن هو المسؤول عن تكرار هذه الكوارث على عروس البحر الأحمر؟".
وقالت إن "الوضع الحالي وكوارث جدة التاريخية مع السيول لا تحتمل مزيدا من التصريحات الإعلامية الفارغة، والوعود المستهلكة التي تنتهي بانتهاء آخر قطرة مطر، بل لابد من محاسبة المسؤولين، وإعادة التحقيق لكشف الأسباب خلف هذه المأساة التي تتوالى على حدة وسكانها".