آخر الأخبار
  القوات المسلحة تتعامل مع جماعات تعمل على تهريب الأسلحة والمخدرات على الواجهة الحدودية الشمالية للمملكة   إنفجار جسم متفجر في الزرقاء ووفاة شخص وإصابة شخصين اخرين   وزير الزراعة: توفّر زيت الزيتون المستورد في الأسواق خلال مدة أقصاها 10 أيام   هيئة الإعلام تمنع التصوير خلال امتحانات الثانوية العامة دون تصريح   تأجيل رسوم الفصل الثاني لطلبة المنح والقروض   توضيح حكومي حول قرار الغاء إنهاء خدمات الموظفين بعد 30 سنة   محمود عباس: السلطة الفلسطينية مستعدة للعمل مع الرئيس ترمب والوسطاء والشركاء من أجل صنع السلام العادل والشامل   "رفض التبديل" .. يزيد أبو ليلى يكشف كواليس الهدف الأول في نهائي كأس العرب   إعفاء القماش المستورد لإنتاج الأكياس البيئية من الرسوم   فصل التيار الكهربائي عن مناطق بالأغوار الشمالية غدا   أورنج الأردن تواصل دعم الشباب وتختتم جولة خطوط YOمعاك بتجارب تفاعلية في الجامعات   مهم حول صرف رديات 2024!!   الحكومة تدرس استخدام سيارات الإسعاف لمسرب (الباص السريع)   وزير الاقتصاد الرقمي : تحديث شامل لتطبيق سند   غرفة تجارة الأردن: منحة تدريبية في إيطاليا لخريجي الجامعات   الحكومة تقر تسويات ضريبية جديدة   السميرات: بوابات إلكترونية في مطار ماركا مطلع 2026   حسان: ملتزمون بتصويب استيضاحات ديوان المحاسبة أولا بأول ومنع تراكمها   الحمادين: ديوان المحاسبة حقق وفرًا ماليًا 22.3 مليون دينار خلال 2024   أكثر من 17 ألف مخالفة لمركبات حكومية .. و82 حالة عبث بالتتبع الإلكتروني
عـاجـل :

المشروع الإيراني يواجه لحظة الحقيقة

{clean_title}
جراءة نيوز - الدكتور منذر الحوارات يكتب ..

تنعقد الجولة الثالثة من المفاوضات الأميركية الإيرانية بوساطة عُمانية، وسط توقعات بإحراز تقدم مطرد، إذ إنتقل  النقاش إلى الجانب التقني بالتوازي مع الجوانب السياسية والأمنية، هذا هو الخبر، فبالرغم من الطابع الصفري للعلاقة بين إيران والولايات المتحدة، بمعنى كل شي أو لا شيء، والذي لأجله جيشت الميليشيات في أقطار عربية عدة لمحاربة هذا «الشيطان الأكبر»، واستماتت مع حلفائها في إطلاق الشعارات بضرورة سحقه أولا على الأرض، ثم إنهاء مشروعه الاستعماري.
كل ذلك كان قبل «طوفان الأقصى»، اما بعد فقد  تخلّت إيران عن خطتها لضرب المشروع الأميركي في خاصرته الأهم، واكتفت بمشاغلته، وكان سبب هذا التحول الرعب الذي خلفه وجود البوارج الأميركية في المتوسط، والذي جعلها تدرك حقيقة قوتها وإمكاناتها، ومع قدوم ترامب، صاحب فلسفة «الضغط الأقصى» على إيران، والتي ألحقت بالاقتصاد الإيراني أضراراً كارثية، فقد عززها في عودته الثانية  بمفهوم «التهديد الأقصى»، واضعاً  ايران أمام خيارين إما التوصل إلى اتفاق نووي بشروط أميركية، أو مواجهة الخيار العسكري المباشر.
وفي ظل تبعثر الأوراق الإيرانية في المنطقة، بتدمير بعضها أو إضعاف بعضها الآخر، وتراجع مشروعها الإقليمي إلى مجرد محاولة البقاء، تلقى المرشد الأعلى نصيحة من أركان حكمه الإستراتيجيين، رؤساء السلطات الثلاث بضرورة الاذعان والذهاب نحو التفاوض، وقد استفاد هؤلاء من المعطيات على الأرض في لبنان، عندما تبين لهم أن مدى العمق الذي استخدمته القوات الإسرائيلية في اغتيال السيد حسن نصرالله، قادر على تدمير منشأتي فوردو ونطنز، مما أعاد المرشد الى فتوى «بالمرونة البطولية» التي أطلقها عام 2013،  وهو الذي رفض قبل أشهر أي فكرة لإجراء محادثات مع الولايات المتحدة، واصفا إياها بأنها «ليست ذكية، ولا حكيمة، ولا شريفة»، لقد نجح مستشاروه في إقناعه أن الظروف مختلفة هذه المرة، وأن ترامب جادٌّ في تهديداته، وان النظام أصبح في خطر داهم  فإن لم ينفذ ترامب  العملية بنفسه فإن إسرائيل ستقوم بها، والذرائع متوافرة، تخلى المرشد عن كل تحفظاته وقرر الدخول في مفاوضات جدية حول البرنامج النووي بل ربما تشمل البرنامج الصاروخي، بل أن الاتفاق المتوقع قد يحتوي على صفقة اقتصادية ضخمة تسمح للولايات المتحدة بالاستثمار بنحو تريليون دولار في إيران.
هنا يبرز التساؤل الجوهري: لماذا لم تتخذ إيران هذه الخطوة عندما كان الخراب والدماء يُبذلان عربياً، وعندما كان مشروعها في أوجه؟ لماذا أوصلت المنطقة إلى هذا الدمار طالما أن النتيجة النهاية هي التفاوض؟ لقد تخلت إيران عن اللبنانيين، والسوريين، والفلسطينيين، بعد أن استخدمت شعوبهم أدواتٍ في مشروعها المجنون، بل إنها استخدمت قضيتي الشيعة وفلسطين كغطاء لهذا الطموح، وهو الإدعاء الذي سقط عند أول نقطة اختبار حقيقية،  وكشف عن مدى رخص دماء أهل المنطقة عند الإيرانيين، وما يثبت ذلك تراجعهم السريع عندما جاء دورهم ليدافعوا عن مشروعهم ويبذلون دمهم دفاعاً عنه، لقد تراجعوا  بسرعة إلى الوراء وقرروا أن دم الإيرانيين أغلى من أن يُبذل لأجل مشروع يعلم صانعوه قبل غيرهم مدى عقمه.
 لقد مارس الإيرانيون عبثاً إستراتيجياً مروّعاً بحق شعوب منطقتنا العربية خلال العقود الماضية، من أجل هدف واحد: فتح طريق العودة إلى قلب واشنطن بشروط تخدم النظام،  لأنهم كانوا يعلمون جيداً حجم العشق الأميركي للجغرافيا السياسية الإيرانية، وأن الولايات المتحدة، منذ سقوط الشاه، كانت مستعدة لفعل كل شيء لاستعادة إيران إلى فلكها، لأنها بالنسبة لهم أثمن من أن تُترك أو يتم التخلي عنها، ومع تدشين الصراع البارد مع الصين، والذي قد يتحول إلى صراع ساخن في أي لحظة، أدرك الإيرانيون أن أميركا جادة هذه المرة في إزاحة النظام إذا لم يقدم التنازلات المطلوبة، وأن مرحلة العبث والمراوغة في المفاوضات قد ولى.
اليوم، تدخل إيران في مفاوضات مع «الشيطان الأكبر»، وتقدم له التنازلات، بل وتستعد لتوقيع اتفاق نووي وآخر اقتصادي ضخم، وربما تذهب إيران إلى أبعد من ذلك، بتوقيع اتفاق سلام مع إسرائيل على غرار «كامب ديفيد» بين السادات وإسرائيل بعد وفاة جمال عبد الناصر، إلا أن الفارق الجوهري أن مصر خاضت معاركها دفاعاً عن قضاياها الوطنية دون أن تخرب أوطان الآخرين، بينما دمرت إيران أوطانا عربية عدة، وأهلكت شعوبا، وأحالت جزءاً واسعاً من الجغرافيا العربية إلى كيان غامض أسمته «غرب آسيا»، جردت فيه المنطقة من هويتها وحولتها إلى مجرد أداة في مشروع عبثي، لم نحصد منه سوى الموت والخراب، بينما الحال كذلك ما يزال البعض يصفقون لهذا المشروع ويرونه المنقذ في نفس الوقت الذي أدرك فيه مبتدعوه مدى فشله وإخفاقه، وها هم يسارعون إلى مغادرة مسرحه عند أول لحظة حقيقة.