قال جلالة الملك عبدالله الثاني في باريس، اليوم الجمعة، إن شن هجوم إسرائيلي على رفح، التي نزح إليها نحو 5ر1 مليون شخص بسبب الدمار الدائر في غزة، سيكون له تبعات إنسانية كارثية.
وأكد جلالته قبيل مباحثاته مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه ضرورة التوصل لوقف مستدام لإطلاق النار في غزة، مشددا على أن استمرار الحرب المدمرة في القطاع والتصعيد في الضفة الغربية والقدس، ستمتد آثار كل منهما إلى المنطقة بشكل كبير.
وشدد جلالة الملك على أن الحل السياسي الذي يقود إلى السلام على أساس حل الدولتين، هو السبيل الوحيد لضمان أمن الفلسطينيين والإسرائيليين والمنطقة بأكملها، مؤكدا أهمية دور أوروبا الرئيس في التوصل إلى حل سلمي.
وأعرب جلالته عن تقديره للرئيس ماكرون على دوره الفاعل، مبينا أن مباحثات اليوم جزء من التنسيق المستمر منذ شهور للعمل باتجاه إنهاء الحرب في غزة والتصدي للكارثة الإنسانية.
وقال جلالة الملك "نحن ممتنون لجهود فرنسا تحت قيادتكم في السعي نحو وقف إطلاق النار وزيادة المساعدات الإنسانية المتجهة إلى غزة عبر مختلف نقاط العبور والآليات المتاحة”.
وبين جلالته أن الأردن عمل مع فرنسا لتأمين مستلزمات طبية أساسية في غزة عبر الإنزالات الجوية، وهي إحدى الطرق القليلة التي يستعان بها لتعزيز الاستجابة الإنسانية قدر المستطاع.
وجدد جلالة الملك التأكيد على أهمية القيام بمزيد من العمل لضمان وصول المساعدات الكافية بصورة مستدامة ودون عراقيل للتخفيف من الوضع الإنساني الكارثي، مؤكدا ضرورة مواصلة دعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا”.
وشدد جلالته على أن "الأونروا” هي شريان الحياة بالنسبة لنحو 2 مليون فلسطيني في غزة ممن يواجهون خطر المجاعة، فضلا عن تقديمها الخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين في أماكن أخرى بالمنطقة.
وقال جلالة الملك إن الأردن وفرنسا سيستمران بالعمل معا، لمواجهة هذه التطورات ولتوسيع شراكتهما الاستراتيجية.
من جهته، حذر الرئيس الفرنسي من مغبة الهجوم على رفح، قائلا "إن أي عملية عسكرية أو أي اجتياح بري سيؤدي إلى فقدان حياة العديد من السكان”، معتبرا أن هذا التهديد "غير مقبول”.
وبين ماكرون أهمية حماية المدنيين، مؤكدا أن أية محاولات للتهجير القسري للسكان ستكون خطأ فادحا وانتهاكا للقانون الإنساني.
وشدد الرئيس الفرنسي على ضرورة وقف إطلاق النار، مثمنا جهود جلالة الملك لدعم ذلك، مضيفا "سيمكننا وقف إطلاق النار من حماية جميع المدنيين وضمان تدفق المساعدات الطارئة”.
وحث ماكرون على إطلاق سراح جميع الرهائن، بمن فيهم الفرنسيون.
واعتبر الرئيس الفرنسي أن التداعيات الإنسانية لهذه الحرب غير مقبولة البتة من منظور القيم الإنسانية، مشيرا إلى أنه عبر عن ذلك لبنيامين نتنياهو قبل عدة أيام.
وزاد "علينا أيضا مساعدة سكان غزة الذين يواجهون أوضاعا مأساوية والتأكد من توفير الدعم لهم، فالمساعدات الإنسانية حاليا لا تكفي”، مؤكدا أن السكان في غزة يواجهون المجاعة والموت بسبب الظروف الصحية الصعبة.
وأشار ماكرون إلى ضرورة فتح المعابر لتوفير إمكانية الوصول إلى غزة وإيصال المساعدات، وهذا ينطبق أيضا على شمال غزة التي تعيش ظروفا صعبة.
وبين الرئيس ماكرون أن فرنسا كانت تعمل بشكل وثيق مع الأردن منذ بداية الحرب، وقال "أود أن أشكركم جلالة الملك، على دعمكم. فنحن قد دعمنا المستشفى الميداني من خلال توفير المساعدات بالإنزال الجوي إلى غزة. ونود أن نشكركم على هذا التعاون ونسعى لمواصلة العمل معكم يدا بيد”.
وأضاف "تجمعنا علاقات وثيقة وكلانا نسعى للسلام الدائم بالشرق الأوسط، ونعلم أن الحل الوحيد لضمان أمن إسرائيل وتحقيق الآمال المشروعة للشعب الفلسطيني بقيام دولتهم المستقلة والمعترف بها”، مشيرا إلى أن ذلك يتطلب من الجميع القيام بكل ما يمكن فعله للعمل تجاه السلام والأمن.
وشدد ماكرون على أن توفير السلام والأمن للجميع هي من "أولوياتنا”، وذلك لتجنب التوسع الإقليمي للأزمة خاصة في منطقة البحر الأحمر وغيرها، منوها إلى أن فرنسا قد أرسلت رسائلها بهذا الخصوص.
وأكد أهمية تهدئة الأوضاع في الضفة الغربية وتوقف العنف الذي يمارسه المستوطنون، وزاد "لقد طلبت من رئيس الوزراء نتنياهو أن يقدم التزاما قويا بهذا الشأن. وفرنسا قد اضطلعت بمسؤولياتها في هذا الصدد، فقد فرضنا عقوبات على المستوطنين الذين ارتكبوا أعمال عنف”.
ورأى ماكرون أن شهر رمضان يعد فترة دقيقة ومن المهم الحفاظ على الهدوء في الأماكن المقدسة بالقدس، من دون تأخر.
وجدد الرئيس الفرنسي دعمه لحل الدولتين، قائلا "هناك قرارات مهمة يجب اتخاذها وعدم الرجوع عنها ليصبح حل الدولتين واقعا. ونعمل مع شركائنا في المنطقة ومع الأردن على ذلك، ونريد العمل على ذلك مع مجلس الأمن”.
وفي مستهل حديثه رحب ماكرون بجلالة الملك بعد أن أشار إلى زيارته إلى المملكة قبل أسابيع، وقال "أشكركم على المباحثات المهمة التي عقدناها هناك وعلى كل الخطوات التي قمتم بها خلال الأشهر الماضية، كما أود أن أهنئكم بالذكرى الخامسة والعشرين لتوليكم سلطاتكم الدستورية، وأتمنى للأردن وللأردنيين ولجلالتكم المزيد من السلام والازدهار”.
وحضر المباحثات نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، ومدير مكتب جلالة الملك، الدكتور جعفر حسان، والسفيرة الأردنية في باريس لينا الحديد.