قال الدكتور علي جمعة ، مفتي جمهورية مصر وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الناس بدأت تنسى سُنة الحبيب المصطفى والنبي المُجْتَبى -صلى الله عليه وسلم - ، الذي ما تركها لنا إلا حتى يتركنا على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك.
سبب مشكلاتنا العصرية
وأكد «جمعة» عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن الناس بدأت في الابتعاد عن تلك القيم العُلْيا التي كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم - يُعَلمنا إياها، ويأمرنا بها، ويحذِّر من مخالفتها، مشيرًا إلى أن كثيرا من مشكلاتنا العصرية جاءت عندما نسينا تلك الأخلاق وتلك القيم وهذا الترابط وهذا الانتماء، جاءت عندما نسينا أن «من حسن إسلام المرء ترك ما لا يعنيه»، جاءت عندما نسينا أنه «كفى بالمرء كذبًا أن يُحدِّث بكل ما سمع» .
وأضاف أنه جاءت عندما نسينا قوله -صلى الله عليه وسلم - : «أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قَلّ» ، جاءت عندما نسينا: «والله لا يؤمن مَن بات شبعان وجاره جوعان» ، جاءت عندما نسينا أن «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا» ، جاءت عندما أهملنا، ونسينا، وتركنا أن «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسْلِمه وأنهم كالجسد الواحد إذا تداعى منه عضو اشتكى سائر الجسد بالحمى والسهر» ، ناصحًا: فهيا بنا نعيش في ظلال سيدنا -صلى الله عليه وسلم - ، في ظلال خير دين خَرَج على وجه الأرض.
سُنة النبي
وأوضح أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حي فينا بسنته الشريفة، والسنة في اللغة: هي السيرة المتبعة ، والطريقة المسلوكة ، وهي الأنموذج الذي يحتذى والمثال الذي يقتدى. وتطلق هذه الكلمة أيضا بمعنى البيان حيث يقال سن الأمر أي بينه ، وأيضا بمعنى ابتداء الأمر، ويختلف مدلول السنة بين علماء الشريعة الإسلامية تبعا لنوع العلم الذي يتناول تعريفها، فقد كان تعريف السنة موضع اهتمام علوم الشريعة الإسلامية وخاصة، علم الحديث، وعلم الأصول، وعلم الفقه، وعلم العقيدة.
ونبه إلى أن علماء الحديث يرون أن معنى السنة واسع يشمل: كل قول أو فعل أو إقرار، حقيقة أو حكمًا، وسيرة وصفة خَلقية وخُلقية حتى الحركات والسكنات في اليقظة والمنام، قبل البعثة وبعدها، وعلماء الأصول يرون أنها ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم من قول أو فعل أو تقرير، وعلماء الفقه يطلقون السنة ويريدون بها المندوب، أي غير الفريضة من الأعمال التي طلبها الشارع، إلا أنهم يفرقون بين المندوب والسنة، أن المندوب يشمل ما ندب إليه الشارع سواء ثبت في السنة أو من استقراء أصول الشريعة، أما علماء العقيدة يطلقون السنة عند علماء العقيدة على هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أصول الدين ، وما كان عليه من العلم والعمل والهدى ، وقد تطلق السنة أيضا بمعنى الدين كله.
وأفاد بأننا نحن في مقامنا هذا إذ نتكلم عن السنة، نقصد بها ما قصده علماء الحديث من المفهوم الشامل لسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فهي تسجيل دقيق (يشبه تصوير الفيديو في عصرنا الحديث) لحياة النبي وكلامه وطريقته في الأداء وكل شيء، ووصف جلسته أو سيره أثناء الكلام، وهو ما وضع له علماء الحديث قواعد في النقل، وأثَّر على تصنيف أقسام الحديث في علم المصطلح فأنشأ ما يعرف «بالحديث المسلسل».