كشفت دراسة رسمية مغربية، أن أمد الحياة عند الولادة لدى الفئات الأكثر ثراء، يفوق نظيره لدى الفئات الأكثر فقراً.
وبحسب الدراسة التي أنجزتها المندوبية السامية للتخطيط، تحت عنوان "الاتجاهات والتفاوتات في مواجهة الموات بالمغرب"، فإن أمد الحياة بين الفئتين يختلف بأربعة أعوام.
وأمد الحياة هو متوسط عدد السنين المتوقع أن يعيشها الإنسان منذ ولادته ضمن مجموعة من الأفراد، ويتجاوز أمد الحياة حاليا في المغرب 75 سنة.
وأكدت الدراسة، التي أجراها محمد فاسي فهري، مدير مركز الدراسات والبحوث الديموغرافية بالمندوبية السامية للتخطيط، أن المغاربة يُعانون من تفاوتات في مواجهة الموت، حيث إن أمد الحياة عند الولادة لدى الفئات الأكثر ثراء هو أعلى بكثير مقارنة بالفئات الأكثر فقرا بفارق يزيد على أربع سنوات. وأوردت الدراسة أن سكان المدن يسجلون أمد حياة أطول مقارنة مع سكان القرى؛ وهو ما يمكن تفسيره من بين مجموعة من العوامل بمستوى الفقر، وصعوبة الوصول إلى الرعاية الصحية.
وذكرت الوثيقة أن المؤشرات المتعلقة بالصحة، ولاسيما تلك المتعلقة بالوفيات، تظهر أن المغرب سجل تقدماً مهماً في هذا الصدد؛ لكنه تقدم لا يستفيد منه الجميع، بالنظر إلى وجود تفاوتات قائمة حسب الجهة ووسط الإقامة والفئة الاجتماعية.
وحسب المندوبية، فإن مستوى وفيات الأطفال شهدت انخفاضا ملحوظا منذ عام 1992، لكن التفاوت استمر حسب الإقامة والجهات والفئات الاجتماعية.
وبالأرقام، انخفض معدل وفيات الأطفال حديثي الولادة بشكل كبير من 31,4 في الألف سنة 1992 إلى 13,6 في الألف سنة 2018؛ ما يمثل انخفاضا قدره 56,7 في المائة.
وأشارت الدراسة إلى أنه على الرغم من تحسن مؤشرات وفيات الأطفال في المغرب بفضل البرامج الصحية والتحسن النسبي في البنية التحتية فإن القطاع لا يزال يعاني من أوجه قصور عديدة ناتجة بالأساس على ضعف الوسائل البشرية والمادية وضعف التناسق بين البرامج والقطاعات إضافة إلى الحكامة.
وحسب مُعد الدراسة، فإن عرض الموارد البشرية في قطاع الصحة يبقى محدودا وغير متكافئ بين الجهات، كما أن الفئات الأكثر هشاشة تجد صعوبة في الوصول إلى الرعاية الصحية على الرغم من التغطية الصحية عبر برنامج "راميد”.
معطيات الدراسة نبهت إلى أن الجهود المبذولة من أجل خفض نسبة الوفيات والتفاوتات يمكن أن تتأثر بشكل كبير بجائحة كوفيد-19؛ وهو ما أشارت إليه اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية بزيادة وفيات الأطفال دون سن الخامسة بحوالي 51 ألف طفل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ووفق المعطيات، فإن القيود التي كانت مفروضة على الحركة والعقبات الاقتصادية عرقلت بشكل كبير وصول الناس إلى الرعاية الصحية؛ وهو ما ينتج عنه خطر فقدان التدخلات الوقائية، مثل التلقيح وعلاج التهابات حديثي الولادة والرعاية أثناء الحمل والولادة والخدمات التي تهدف إلى منع زيادة سوء التغذية.