آخر الأخبار
  الترخيص المتنقل "المسائي" للمركبات بلواء بني كنانة الأحد   أمانة عمان: 4600 موظف و200 ورشة جاهزة للتعامل مع الحالة الجوية   مهرجان الزيتون يعلن إعادة الرسوم لأصحاب الأفران والمخابز   المصري: مديونية البلديات تجاوزت 630 مليون دينار   الاردن 6.4 مليار دينار حجم التداول العقاري خلال 11 شهرا   الهيئة البحرية تحذر: امواج واضطرابات قد تؤثر على حركة الملاحة   تنظيم الطاقة توجه بإدامة تزويد الكهرباء والغاز   الأمانة تنشر فرق الطوارئ بجميع مناطق العاصمة   المدافئ .. إهمال صغير يقود إلى حوادث قاتلة   ولي العهد يهنئ الأمير عمر بن فيصل   الإدارة المحلية تدعو للابتعاد عن مجاري الأودية   ظاهرة نادرة في البترا تؤكّد دقّة التوجيه الفلكي بالعمارة النبطية   مديرية الأمن العام تجدّد تحذيرها   رئيس وزراء قطر: مفاوضات إنهاء حرب غزة تمر بمرحلة حرجة   الاشغال: 110 فرق و135 آلية و20 كاسحة ثلوج للتعامل مع الحالة الجوية   النشامى بعد قرعة المونديال .. مستعدون للتحدي ومتفائلون   الأردن يلتقي الكويت في كأس العرب السبت   زخات متفرقة من المطر السبت   الأردن يرحب بقرار الجمعية العامة الذي يمدّد ولاية (أونروا)   تحذير "عالي الخطورة" من الأرصاد للعقبة ومعان والأغوار والبحر الميت

تفاصيل الغارة الجوية التي استهدفت عناصر القاعدة شمال اليمن

{clean_title}

جراءة نيوز - اخبار الاردن - ذكرت مصادر محلية بمحافظة صعدة اليمنية إن الهجوم الذي شنته طائرة يحتمل أنها أمريكية من دون طيار يوم أمس قد قتلت بالفعل احد عناصر القاعدة في وادي ال أبو جبارة بمديرية كتاف مؤكدة إن نلك الضربة كانت موفقة حيث استهدفت معسكرا لتدريب المتطرفين هناك، لكن القيادي البارز في تنظيم القاعدة عمر التيس نجئ من الهجوم وأصيب بجراح قيل أنها متوسطة، إلى ذلك أشارت مصادر متطابقة إلى إن الضربة الجوية هزت ولأول مرة واحد من أهم أوكار ومعسكرات القاعدة وان تلك الضربة التي استهدفت وادي آل أبو جبارة جعلت الكثير من المحللين السياسيين مراجعة حساباتهم بخصوص التطور الذي بات واضحا على مشهد مكافحة الإرهاب وسياسة الولايات المتحدة الأمريكية فيه حيث إن تلك المنطقة التي تتحكم بها عائلة التيس تعد تلك الأسرة من الرجال المقربين من الجنرال علي محسن الأحمر والشيخ المتطرف عبد المجيد الزنداني الذي شكلت تلك المنطقة ملاذ امن له ولكثير من أقرانه بعد عودتهم من أفغانستان إبان فترة الجهاد كما كانت نقطة انطلاقتهم الأولى من خلال المعسكر الذي اقيم هناك والذي افتتح وجرى توسيعه بشكل كبير بعد العام 1990م بهدف ضرب الاشتراكيين الجنوبيين، وأشار المصدر إلى إن غالبية سكان المنطقة لم يصدقوا ما حدث وكانت الغارة الجوية بالنسبة لهم مفاجأة من النوع الكبير خصوصا وان القبائل التي تقطن تلك المنطقة تعد القوة الاحتياطية والداعمة للجيش اليمني وتحديدا للفصائل العسكرية التابعة للجنرال الأحمر حيث تعيش منذ ثلاث سنوات تقريبا في أجواء قتالية شبه يومية مع الحوثيين ويتلقى المسلحون في وادي آل أبو جبارة دعمهم من الفرقة الأولى مدرع التي يقودها الأحمر وينتمي غالبية رجال القبيلة في وادي جبارة إلى وحداتها العسكرية ومنهم من يحمل رتب عسكرية كبرى، وارتبط أهالي المنطقة بما يسمى بالجهاد منذ سيعينات القرن الماضي إبان ما يسمى الجهاد ضد السوفييت في أفغانستان هذا وكان ابرز شباب المنطقة من أولاد الشيخ هادي التيس قد قضى في وقت سابق قرابة الأربع سنوات في معتقل جوانتانامو الأمريكي قبل أن يجري الإفراج عنه في العام 2008م تقريباً، بالاضافة الى عبدالله هادي التيس الذي لقى مصرعه في وقت سابق هذا ويعد أفراد القبيلة من ابرز المتهمين بالوقوف وراء عملية انتحارية استهدفت سياح أسبان في محافظة مأرب قبل تسع سنوات تقريباً.
كما أكدت مصادر قبلية إن عملية إخلاء سريعة تمت لعشرات الشباب الذين كانوا يتلقون تدريبات مسلحة هناك اثر الغارة الجوية بينما لم يعرف بعد سبب تخلي الجنرال الأحمر على ذلك المعسكر التابع له بشكل غير مباشر.
وهنا نعيد نشر ما كتب في موقع الملاجم التابع لتنظيم القاعدة عن قصة احد ابناء التيس ويدعى عبدالله التيس وهو احد قيادات التنظيم قبل مصرعه في وقت سابق:
بسم الله الرحمن الرحيم
سيرة الشهيد
أبي عطا الوائلي عبد الله بن هادي التيس الوائلي
أكتب عنك وأنا أعلم أني لن أوفيك حقك..
يعتصرني الألم لفراقك..
ينتابني الشوق للحاق بك ولقاءك هناك في مقعد صدق عند مليك مقتدر..
نحسبك والله حسيبك في زمرة الشهداء..
سيرتك البطولية علمتني كيف يصنع الإسلام الأبطال.. وكيف يربي الجهاد الصناديد.. وكيف تشعل المعارك العقول وتفجر الطاقات الكامنة..
أبو عطاء الوائلي عبد الله بن هادي التيس, ينحدر من قبيلة وائلة من آل التيس, من أشهر قبائل أهل السنة في صعدة, نشئ أبو عطا في بيت نصرة وكرم وشهامة..
ففي ضيافتهم أقام الفارون بدينهم من ظلم الرئيس الحمدي في سبعينيات القرن الماضي.. وفي مرابعهم في وادي آل أبو جبارة أقام الشيخ أسامه بن لادن -رحمه الله - معسكراً جهادياً مطلع التسعينيات لمواجهة المد الشيوعي آن ذاك.. -ولا تزال أطلاله إلى الآن تدعو إلى الجهاد- وفي ديارهم أقام الشيخ أبو علي الحارثي -رحمه الله- زمناً..
وفي هذه الأجواء تربى أبو عطاء على سمو الأخلاق وجميل الطباع شجاعة و كرم و حب للجهاد..
وفي مدينة صعدة مضت الأيام سراعاً بأبي عطاء لم يكن فيها ما يلفت الانتباه إلا شجاعته وبسالته المفرطة..
وقبل سقوط بغداد في عام 2003 م لم يتمالك أبو عطاء نفسه وأبت عليه شهامته أن يرى دار الرشيد تغزى و تستباح, فتوجه إلى سوريا ومنها دخل إلى العراق مقاتلا مع المتطوعين العرب, وصل بغداد ولم يلبث إلا أياما حتى كان شاهد عيان على انهيار نظام البعث, وتشتت جبهته القتالية, رأى بعينه فرار الجند وتسليم القادة.
لم يكن يتوقع كغيره من العرب أن شعارات البعث كانت أشباح صور وصدى أصوات تتلاشى عند مواجهة العدو.
وبعد أن انفض الجمع, ومع هول صدمة خيانة الشيعة والغدر من العملاء عاد إلى سوريا ومنها إلى صنعاء.
لم يكن يتوقع أبو عطا رحمه الله أنه في صنعاء ستطاله أيدي الأعداء وأن أولياء الأمريكان سيعاقبونه على قتاله الأمريكان في بغداد.
وما أن وصل أبو عطاء مطار صنعاء حتى داهمته مجموعة من الاستخبارات لتقبض عليه مع مجموعة من اليمنيين العائدين من العراق.
وفي دهاليز الاستخبارات اليمنية بيّت ضباط الأمن الغدر فقرروا الإفراج عن المعتقلين بشرط أن يعطوا ضمانات على عودتهم لمقر الاستخبارات متى طلبوا للتحقيق.
وفعلا تم الإفراج عن المعتقلين ثم طلبوا للتحقيق وعندها تم اعتقالهم.
وقد نجى الله سبحانه أبا عطا رحمه الله من مكر الاستخبارات فعادوا خائبين لم ينالوا خيرا ولم يتمكنوا من أسره.
وصل أبو عطا صعدة وهناك فتحت الدنيا لأبي عطاء وعمل في تجارات والده حينا من الزمن ثم استقل بتجارة خاصة.
تزوج أبو عطا وأنجب أطفالا ومضت الأيام مسافرة به في شعاب الدنيا المتنوعة..
وفي يوم من أيام الله المشهودة حشد الطاغوت حملة كبيرة من جنده وعسكره على ثلة من المجاهدين الأنصار أبناء القبائل يريدون منهم الدنية و التسليم لتجري أحكام الكفر على المجاهدين.
فأبى الأبطال إلا أن تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الكفر السفلى وأشعلت معركة ضارية أغار فيها الطاغوت على جند الله بالعسكر والآليات والمروحيات, وحمي الوطيس وخاض المجاهدون معركة غير متكافئة يحدوهم الشوق إلى الله وطلب الزلفى لديه ومن أحب لقاء الله أحب الله لقائه.
فاختار الله للقائه صفوة من الأبرار من خيرة أبناء القبائل في مأرب والجوف (علي دوحة, و ناجي جردان, وعبد العزيز جردان, وعامر حريدان -رحمهم الله جميعاً).. يقول لي أبو عطاء : كنت في مكان تجارتي ووقع علي الخبر كالصاعقة, ولم أدري ماذا أفعل!
قال : ففتحت الخزانة وأخذت كل ما فيها من مال كان قرابة "مليون ريال يمني" وحملت سلاحي وركبت سيارتي وتوجهت إلى منطقة فتيخة -بين مأرب والجوف-)
وفي الطريق قدراً التقى أبو عطا بمجموعة من المجاهدين وكان من بينهم أخوه الأكبر صالح التيس -حفظه الله- ومباشرةً دفع بكل ما عنده من مال وقدمه للمجاهدين وحمل مجموعةً منهم ووفر لهم مكاناً يأوون إليه وبعد أن اطمئن على حالهم عاد أدراجه إلى مدينة صعده حيث تجارته وزوجته وأهله.. كان كل فترة يزور إخوانه المجاهدين يتلمس حاجتهم ويقضي أمورهم.. يشتري لهم السلاح ويوفر لهم الذخائر..

وفي تلك الفترة احتاج المجاهدون لتفعيل طرق التهريب من وإلى بلاد الحرمين فانبرى أبو عطاء مع بعض المجاهدين لذلك ومضى يسهر الليالي و يقطع المفاوز والقفار من أجل ذلك..
وعلى مركبته حمل مواكب من المهاجرين من بلاد الحرمين حتى أوصلهم إلى المجاهدين في قاعدة الجهاد في جزيرة العرب.
حدثني عن أحد المواقف قال: (كنا في انتظار مجموعة من المهاجرين من بلاد الحرمين من أسرى جوانتاناموا, قال وحدث أن قوات حرس الحدود السعودية اكتشفوا المجاهدين في الحدود, فاختفى الإخوة في غار قريب, وتقدم العساكر إلى قريب من المكان يبحثون عن المجاهدين, وهم الإخوة بالاشتباك معهم, وبفضل الله وكرمه وحفظه نزلت أمطار غزيرة حجبت الرؤية وأعاقت تقدم الجنود, وتأخروا ثلاثة أيام في الحدود السعودية.
قال: وكنت في الطرف الآخر من الحدود وعندما تأخر المجاهدون ظننا أنهم وقعوا في الأسر, فلم أتمالك نفسي أنا ومن معي وانهمرت دموعنا وكادت تتقطع قلوبنا كمدا.. خصوصاً أن من نريد استقبالهم قد نجوا من سجن جوانتانامو
قال: فشق علي أن يعودا للأسر مرة أخرى.. وبفضل الله نجوا ووصل المجاهدون واستقبلناهم استقبال الأحبة بدموع الفرح.. وكنا نطلق النار في الهواء فرحاً بنجاتهم)..
سارت الأيام بأبي عطاء على حاله, حيناً يعود إلى تجارته وأعماله و حيناً يشارك في تنقلات المجاهدين ويقضي حوائجهم.. إلا أن إعجابه وحبه للمهاجرين وخصوصاً أسرى جوانتانامو كان كبيراً.. وتأثر بهم وبقصص جهادهم و بثباتهم في الأسر.
وكان كثيراً ما يغتاظ عندما يذكر له ظلم آل سعود واستبدادهم وعمالتهم.. ويتمنى كثيراً أن يشارك في جهادهم.. ويجتهد في أن تكون له مساهمة في ذلك..
في أول لقاء لي به بعد أن من الله علي باللحاق بركب المجاهدين, كان يقود السيارة فرفع لي راحة يديه فإذا هي قدتفطرت فسألته عن ذلك.. فقال لي: (من كثرة قيادة السيارة وكثرة الأسفار والتنقل في الجهاد)..
عظم خطر أبي عطاء على أعداء الله وكانوا يتربصون به الدوائر.. لم يكن يلقي لهم بالاً.. فلا تنقصه الشجاعة ولا الإقدام.. وعلى عادة أبناء القبائل في اليمن فبندقيته على عاتقه منذ كان صبياً..
وفي إحدى المرات التقى بالشيخ أبي سفيان الأزدي وكان يحبه حباً شديداً, فأشار عليه الشيخ أن يهاجر ويلتحق بإخوانه في مراكزهم..
ومن يومها هاجر أبو عطاء وترك بيته وتجارته وزوجته وأولاده.. و مضى يطلب الموت مظانه..
وبين إخوانه كان أنيس المجالس, خفيف الظل, كثير الدعابة, وسيع الصدر..
قال لي في أحد الأيام بعد هجرته: (والله يا أبا محمد ما وجدت مثل هذه السعادة التي أعيش فيها مجاهداً مهاجراً في سبيل الله) ومضى يقص لي كيف أنعم الله عليه بالمال وكيف كانت حياته لا ينقصها شيء من متاع الدنيا ثم قال: (ومع كل ذلك لم أجد السعادة التي أريد إلا في حياة الجهاد).
وفي يوم من الأيام جاءت الأخبار عن نزول رئيس جهاز الأمن القومي عمار محمد صالح إلى مأرب ليحيك المؤامرات ضد المجاهدين.. فتحرك أبو عطاء مع مجموعة من المجاهدين وقاموا بعمل كمين لموكب عدو الله إلا أن عدوا الله شعر بأن أسود الإسلام تتربص به فغير الطريق وبعد أن نجى لم يتركه المجاهدون فكان أبو عطاء مع إحدى المجموعات التي ضربت القصر الجمهوري بالمجمع الحكومي الذي نزل فيه "عمار محمد صالح".. ثم تقدمت حملة إلى أحد الأماكن في مآرب التي فيها المجاهدون.. فكان أبو عطاء في الحراسة, ومع بزوغ الفجر تقدمت آليات العدو فحمل أبو عطاء مع إخوانه عليها فقتلوا ضابطاً وعدد من الجنود وغنموا شاحنة محملة بالسلاح والعتاد, و بعد ساعات عزز العدو قواته بالدبابات فتوكل المجاهدون على الله مع قلة عددهم وعدتهم فنصرهم الله عليهم وكانت معركة مأرب الشهيرة التي شارك أبو عطاء في صياغة فصولها..
وفي مأرب أحب الناس أبا عطاء وأعجبوا بكريم خلقه.
ولا أزال أتذكر أحاديث الأطفال والشباب والشيوخ عن شجاعته وإقدامه..
وعلى رمال مأرب كانت له فصول أخرى من البطولات فقد شارك في أكثر العمليات في الولاية..
روى لي إحداها يقول: (كنا نلاحق سيارة أحد الضباط قال وعندما حاذينا السيارة وكنا ننادي عليه أن يتوقف وبسرعة باشر مرافق الضابط إطلاق النار علينا بكثافة ولم تكن المسافة بيني وبينه إلا قرابة المتر.
قال: ومباشرة رددت عليه فقتلته و أصبت الضابط إصابات بالغة, ولم أصب أنا ومن معي بأي أذى سوى طلقات اخترقت جرم السيارة) وكان في كل مرة يذكرني بهذه الحادثة ويقول لي والله أن أجلك لن يتقدم بإقدامك ولن يتأخر بإحجامك ويستدل بهذه القصة وكيف نجاهم الله..
ولا يفوتني هنا أن أسجل مدى حب أبي عطاء لإخوانه وحفاوته بهم.. فعندما تلتقي به ولو لوقت قليل يتهلل وجهه فرحاً بك ثم يبدأ يسأل عن أخبارك وعن أمورك وكأنه لا يعرف غيرك ممن يجلس في المجلس من شدة سؤاله عنك وعن أخبارك.. وكان يحب إخوانه المهاجرين كثيراً.. و لا يحب أن يذكر أحد من إخوانه بسوء.. بل على عكس ذلك يثني على إخوانه ويظهر محاسنهم.. كما كان كريماً ينفق من ماله الخاص على إخوانه.. وكم استدان من المال ليجلب لإخوانه العتاد والسلاح..
كان كثيراً ما يشتاق إلى العمليات الإنغماسية.. فطلب من أمراءه أن يسمحوا له بالمشاركة بعملية استشهادية.. وبعد فترة لبي له طلبه وكلف أميراً على المجموعة التي اقتحمت مبنى الأمن السياسي في عدن..
وبفضل الله نزل أبو عطاء ومجموعته إلى عدن ونفذوا عمليتهم وأعملوا مقتلة عظيمة في ضباط الاستخبارات.. وكان يتحدث إلى الإخوة عبر الجوال ويقول لهم: (أنا الآن داخل مكتب مدير الأمن السياسي) وبعد تصفية الضباط أحرقوا كل المكاتب التي داخل المبنى.. وكان من ضمن التخطيط أن لا يستسلم المجاهدون إذا حوصروا ولذا حملوا معهم أحزمة ناسفة, ولكن بحفظ الله كان الأمر أهون من ذلك وخرجوا من عدن إلى قواعد المجاهدين سالمين.. وكانت دفعة كبرى لأبي عطاء ومن معه فقد عاينوا معية الله وشاهدوا نصره وتأييده..
وهنا أسجل ما عاينت ورأيت من حرقة أبي عطا على أسرى المسلمين, وكنت أراه يزفر غيظاً على أعداء الله, ويتقطع حسرة على مأساة إخواننا في سجون الظلم وكان يدعوا الله كثيراً أن يساهم في فكاك أسرهم وإطلاق سراحهم.. ولعله وجد في عملية عدن ما يشفي شيئاً من غليله على أعداء الله ضباط الاستخبارات المجرمين..
بعد عملية عدن أتجه أبو عطاء إلى أبين ومكث فيها وأوكلت إليه القيادة الميدانية لبعض المجموعات في زنجبار وجعار, فأحال ليل الظالمين نهارا وأقض مضاجعهم بعملياته الجريئة, وكانت الميزة التي تميز مجموعة أبي عطاء شدة غيرتهم على الأعراض ونصرتهم ونجدتهم السريعة.. وليس هذا على سبيل الاستغراق في الثناء والوصف وإنما هو حقيقة أتثبتها مواقفهم وعملياتهم.
ففي يوم من الأيام اعتدت دورية من جنود الطاغوت على المسلمين في سوق زنجبار وآذتهم واغتصبت أموالهم كما كانت تفعل من قبل.. ولكن هذه المرة لم يمر الأمر دون عقاب.. وعندما وصل الخبر إلى أبي عطاء تحرك مع بعض أفراد مجموعته ودخلوا المدينة ووصلوا إلى مكان تمركز الدورية.. استطلع الهدف أكثر من مرة.. لم يكن هنالك أي عائق سوى أن هذه الدورية مختلطة بعوام المسلمين وعند إطلاق النار عليها ستنفذ الطلقات إلى عوام المسلمين.. فكر أبو عطا مليا حتى تفتق ذهنه عن طريقة عجيبة.. اقترب من الدورية ثم استلقى على صدره ووجه فوهة بندقيته إلى السماء ثم اقترب من الدورية حتى أصبح على مقربة منها وأطلق النار فقتل أربعة من العسكر ونفذت الطلقات من أجسادهم وطارت إلى الأعلى.. ولم يصب أي من المسلمين بأذى.. ولاقت هذه العملية تأييداً من إخواننا المسلمين هناك لشدة أذى هؤلاء الجنود..
مرة أخرى وبالتحديد في نقطة دوفس, قام جنود الأمن المركزي بالاعتداء على إحدى المسلمات وكشفوا حجابها وأصابوها بطلقة في رجلها.. لم يطل الوقت حتى قدم أبو عطاء مع مجموعته واقتربوا من النقطة إلى قرابة 150 مترا ثم أمطروها بوابل من النيران وقذائف الأر بي جي فقتلوا منهم عدداً وجرحوا عدداً آخر وعادوا سالمين.. وكانت درساً لجنود الطاغوت أن للأعراض من يحميها ويدافع عنها.. ولاقت العملية قبولاً كبيراً في أوساط المسلمين في المنطقة..
وقصة أخرى من قصص نجدة ونصرة أبو عطاء بعد أن تقدمت الحملات على "لودر" في أبين, فقتلت الأطفال والنساء وهدمت البيوت.. تحرك أبو عطاء مع مجموعته فقاموا بعمليات مختلفة في وسط زنجبار وفي أطرافها أربكت العدو وشتت جهوده.
وفي إحدى المرات قرر أبو عطاء أن يقوم بعملية بشكل مختلف.. حمل حزاماً ناسفاً وتوجه إلى مبنى -الشرطة العسكرية- بعد أن تناها إلى أذني أبي عطاء أنهم قاموا بإهانة جثة أحد المجاهدين بعد قتله ووطئوه بأقدامهم.. فأقسم على أن يأخذ بثأره وأن ينالهم العقاب الرادع.. وبالقرب من بوابتهم وجد أحد الجنود الحراس وكان الجندي يرتدي لباساً مدنياً, فظن أبو عطا أنه من عوام المسلمين.. فقال له أبو عطا تحرك من هنا.. تفاجئ الحارس من هذا الطلب فكرر عليه أبو عطاء الطلب وكان الجندي مدهوشاً من طلب أبي عطاء فأخرج الحزام الناسف ليجبره على ترك المكان حتى لا يتأذى من الانفجار ظاناً أنه من عوام المسلمين.. فلما رأى الجندي هذا الأمر فهم سبب الطلب ففر تسابق خطاه الريح.. وبعد أن تأكد من خلوا المكان من عوام الناس سحب أبو عطا الصاعق ورمى الحزام الناسف على المبنى, فأعمل فيهم مقتلةً ودماراً كبيرا.. وانسحب أبو عطاء لم يصب بأذى..
ويظهر من هذه الحادثة وغيرها حرص أبي عطا الشديد على عدم إراقة دماء المسلمين مهما كان.. وكان يحتاط لذلك خوفاً من الله ثم طاعة لأمرائه فقد كانت التعليمات واضحة باجتناب دماء المسلمين والاحتياط في ذلك.. وكم ألغيت من عملية لأجل ذلك..
وفي يوم من أيام أبي عطا المشهودة كَمن مع مجموعته لقافلة من عدة سيارات وأطقم عسكرية.. لم يطل الاشتباك وقتل من قتل من الجنود وفر عدد آخر.. وغنم المجاهدون بعض العتاد.. وفي طريق انسحابهم توقفوا قليلاً.. فتفاجئوا بحملة عسكرية تطوقهم.. فاشتبكوا معها واشتد القتال وكان العدو يرميهم بالسلاح الثقيل وعندما رأى أبو عطاء أن الذخيرة قاربت على النفاذ أمر مجموعته بالانسحاب.. وبقي لوحده يغطي ويشتبك مع العدو.. واستمرت المواجهة وحلق الطيران الحربي ولكن قرب المسافة بين أبي عطاء و الجنود عطل سلاح الجو وخافوا أن يقصفوا جنودهم.. واستمر تبادل النيران حتى الليل وأصيب أبو عطاء في إحدى يديه.. حاول العدو أن يتفاوض معه فرفض واستمر يطلق عليهم النار بشكل متقطع.. فيما يستنفذ العدو كل ذخيرته في الضرب على المكان الذي يتحصن به بطلنا.. ولما أسدل الليل ستاره انسحب بطلنا.. وقد أخذ به الجهد كل مأخذ.. يقول أبو عطاء: (سرت أهيم على وجهي لا أدري إلى أين.. يقول وبقيت أمشي في ظلمة الليل وقد بلغ بي الظمأ والجوع والتعب مبلغاً عظيماً.. قال فجلست ودعوت الله وقلت "اللهم إن كان في بقائي خير لي اللهم فيسر لي أمري ودلني.. وإن كان غير ذلك اللهم فاقبضني إليك شهيداً" قال وتحاملت على نفسي ومشيت لا أدري إلى أين.. مشيت فترة من الزمن و كنت أشعر وكأن يد شخص تضرب على كتفي الأيمن فأتجه لليمين وبعد مسافة تضرب على كتفي الأيسر فاتجه لليسار.. قال فعلمت أن ذلك كرم من الله يدلني ويرشدني)..
وفي مركز المجاهدين كانوا قد وصلوا لحالة من القلق والحزن على أبي عطاء وظنوا أنه قتل لا محالة.. وفجأة وصل إليهم أبو عطاء بعد أن يئسوا من عودته.. وقد حدثني بهذه القصة الشيخ الأمير أبو بصير نقلاً عن أبي عطاء رحمه الله..
وهكذا سارت به الأيام مجاهداً ومرابطاً لا يمل النزال ولا يكل الكفاح.. ليس بوسعي تسجيل كل بطولاته ولا حصر لكل مواقفه فهي أكثر من أن تحصر.. ولكن مالا يدرك كله لا يترك جله..
ولا أنسى هنا أن أذكر بأن أبا عطا لم يكن متمرساً في ميدان القتال فحسب, بل أوكل إليه في مرات عديدة التواصل والدعوة والتنسيق مع وجهاء الناس, فكان نعم الرسول ونعم الداعية, وكانت تفتح على يديه الكثير من الأمور..
وفي آخر أيامه لاحظ عليه إخوانه كثرة العبادة والذكر.. وفي غزوة على أحد مراكز الأمن المركزي ترجل فارسنا بطلقة جندي كان يتمركز على منطقة مرتفعة تقدم أبو عطاء محاولاً أن يتعرف على مكانه ليقتنصه فكانت طلقات الجندي أسرع.. أصيب رحمه الله إصابة مباشرة في صدره فسقط وحمله إخوانه وهو يتلفظ بالشهادتين وكررها خمسة عشر مرةً وفاضت روحه إلى بارئها.. تعلوه ابتسامة وبشر..
رحل أبو عطاء ويوم من بطولاته بألف من أيام الجبناء وأهل الخور.. رحل وكل عين تذرف الدمع على فراقه.. رحل ليعلن لكل الناس أن الجهاد يصنع الأبطال.. رحل ليعلن أن عهد الخور قد مضى.. وأن عهد العزة يسطره أمثاله في ساحات المعارك والنزال بعيداً عن الفرش الوافرة والمتاع الزائل.. مضى أبو عطا ليرسم قصة قد لا يستوعبها أهل التنظير والفلسفة مختصرها أن شاباً كان يمكن أن يكون كغيره عالة وعبئاً على أمته, وببساطة تحول إلى بطل من أبطالها وفارس من فرسانها.. يذود عن الحمى ويحمي العرين.. لم يكن بحاجة لأكثر من أن يسلك طريق الجهاد ويتربى في ظلال السيوف.. وكم ستخرج الساحات من أمثاله بإذن الله تعالى.
رحمك الله يا أبا عطاء فما والله رأيت أحداً من المجاهدين الذين عرفوك -وما أكثرهم- إلا وفي قلبه ألم على فراقك.. ولكن حسبنا أنك ما قتلت إلا وقد شفيت الصدور.. وأثخنت في العدو.. وبذلت غاية البذل في النصرة والجهاد..
نشهد أنك كنت الفارس المقدام.. والمناصر الباذل.. والمهاجر المعطاء..
فسلام على روحك في الخالدين..