نشرت مجلة "أتالايار" الإسبانية تقريرا سلّطت فيه الضوء على حالة عدم اليقين التي تهيمن على الاقتصاد العالمي بعد حالة الانتعاش النسبي خلال الفترة الماضية.
وقالت المجلة في تقريرها، إن الانتعاش الذي شهده الاقتصاد العالمي بعد انتهاء إجراءات الحجر التي فُرضت خلال الموجة الأولى من انتشار فيروس كورونا، يبدو قصير الأجل، حيث بدأ زخمه يتلاشى وسط حالة من الشك والترقب حول ما قد يحدث في الشتاء القادم، وفقا لترجمة صحيفة عربي21.
وأكدت المجلة أن دول العالم تكافح للحفاظ على النشاط الاقتصادي والعودة إلى الحياة الطبيعية واحتواء الموجة الثانية من الفيروس، وهو ما نجحت بعض الدول في تحقيقه نسبيا، بينما تواجه دول أخرى مثل إسبانيا بعض الصعوبات، لكن حالة عدم اليقين تشمل الجميع.
في هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي بشركة بيمكو الأمريكية، يواكيم فيلس، إن "انتعاش الاقتصاد قد بلغ ذروته بالفعل، لكن من الآن فصاعدا سيبدأ في الانخفاض".
تحديات كبيرة في الفترة القادمة
وحسب المجلة، فإن الفترة القادمة ستكون صعبة على حكومات العالم، إذ أنها ضخّت ما يقرب من 20 تريليون دولار لتخفيف تداعيات توقف النشاط الاقتصادي جراء الجائحة، وهي لا تعرف الآن ما إذا كانت هناك حاجة إلى ضخ المزيد من الأموال.
وتؤكد المجلة أنه على الرغم من بعض المؤشرات الواعدة، مثل انخفاض معدلات البطالة في الولايات المتحدة خلال شهر آب/ أغسطس المنقضي، وانتعاش الاقتصاد الصيني، ونمو النشاط الصناعي في ألمانيا، فإن الاقتصاد العالمي لا يبدو في طريقه إلى التعافي خصوصا في ظل عدم ظهور علاج فعّال إلى حد الآن، والحاجة الملحّة إلى استمرار الإنفاق الحكومي.
وتبدو التحديات كبيرة جدا خلال الفترة القادمة مع استمرار موجات تسريح العمال والموظفين في شركات كبرى مثل شركة ميرسك، أكبر شركة شحن في العالم، والتي تخطط لعملية إعادة هيكلة ستؤدي إلى تسريح آلاف العمال. كما تخطط شركة فورد لتسريح حوالي 5 بالمئة من عمالها في الولايات المتحدة، وتعتزم شركة يونايتد إيرلاينز إلغاء حوالي 16 ألف وظيفة الشهر المقبل.
وفي الصين، تشهد معدلات الاستهلاك انخفاضا مستمرا رغم السيطرة على الفيروس، كما سجلت أكبر البنوك في البلاد أسوأ انخفاض في الأرباح منذ أكثر من عقد، مع تراكم الديون غير المسددة.
وفي أوروبا، تعمل المصانع على خفض الإنتاج في ظل ضعف الطلب، ما يعني تراجع الأرباح.
تكلفة اقتصادية باهظة
تضيف المجلة أن أسواق الأسهم مهددة أيضا جراء حالة عدم اليقين، وأنها قد تتكبد خسائر على المدى الطويل إذا لم يشهد الوضع الحالي تحسنا. وتقول كاثرين مان، كبيرة الاقتصاديين في "سيتي غروب"، لوكالة بلومبيرغ: "علينا أن ننظر إلى أبعد مما حدث هذا الأسبوع، وأن نتوقع ما سيحدث على المدى الطويل. وما نراه هو أن الاستهلاك يعاني".
ويشكل استمرار انتشار الفيروس وتفشي المرض في جميع أنحاء العالم تحديا كبيرا آخر حسب الخبير الاقتصادي في معهد بروكينغز والجامعة الوطنية الأسترالية، وارويك ماكيبين، فحتى إذا تم اكتشاف لقاح فعّال، فإن توفيره في جميع أنحاء العالم سيستغرق وقتا.
وتشير التوقعات إلى أن الفيروس قد يكلّف الاقتصاد العالمي حوالي 35 تريليون دولار حتى سنة 2025، ويعلق ماكيبين قائلا: "عليك تطعيم جزء كبير من السكان من أجل أن تبدأ التكلفة الاقتصادية في الانخفاض".