توقع صندوق النقد الدولي تراجعا غير مسبوق لاقتصاد منطقة الدول الأوروبية، كما رجح أن أزمة كورونا ستلحق خسائر فادحة في قطاع البنوك أيضا، معتبرا أنها كشفت عن "صدوع" بالنظام المالي العالمي.
خفض الصندوق الدولي توقعاته تجاه اقتصاد منطقة اليورو، متوقعا تراجعا بالنمو بنسبة 7.5 بالمئة هذا العام، في هبوط حاد هو الأعمق منذ الكساد الكبير في ثلاثينات القرن الماضي.
وتوقّع كذلك أن ينكمش اقتصاد بريطانيا، التي انسحبت من الاتحاد الأوروبي في كانون الثاني/يناير ولم تكن يوما ضمن منطقة اليورو، بنسبة 6.5 بالمئة.
ورجح صندوق النقد بأن يكون أداء الاقتصاد في منطقة أوروبا بالمجمل الأسوأ في العالم.
لكنه أفاد بأن الانهيار الاقتصادي الناجم عن تفشي وباء كوفيد-19 سيتلاشى في النصف الثاني من 2020، مع الرفع التدريجي لإجراءات احتوائه.
وستبدأ الدول الـ19 التي تستخدم عملة اليورو بالتعافي بعد ذلك، لكن بوتيرة أبطأ بكثير بينما توقّع الصندوق نموا نسبته 4.7 بالمئة في 2021.
وقبل ظهور الفيروس، أشارت المنظمة الدولية إلى أن منطقة اليورو تحقق نموا بطيئا لكن لا بأس به نسبته 1.3 بالمئة.
إلا أن وفاة عشرات الآلاف بكوفيد-19 في أنحاء القارة وتوقّف عجلة الاقتصاد سيتسببان بتداعيات مؤذية بالنسبة لأوروبا.
وذكر صندوق النقد أن الاقتصاد الفرنسي سيتراجع بنسبة 7.2 بالمئة بدلا من التحسن بـ1.3 بالمئة.
لكن وزير المال الفرنسي برونو لو مير توقع انكماشا أسوأ نسبته 8 بالمئة مع إعلان بلاده الإثنين تمديد الإغلاق الشامل حتى 11 أيار/مايو أي بشهر إضافي.
وأفاد صندوق النقد بأن اقتصاد ألمانيا التي كانت في الأساس تحقق نموا ضئيلا جراء الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، سينكمش بنسبة 7 بالمئة.
وأشار الصندوق إلى أن إيطاليا، التي تعد بين الدول الأكثر تأثّرا بالفيروس، ستتضرر بشكل كبير اقتصاديا، بتراجع يصل إلى 9.1 بالمئة في 2020، متبوعا بتحسّن لا يتجاوز 5 بالمئة العام المقبل.
وحض الصندوق على "دعم أوروبي ذي معنى" للدول الأكثر تأثّرا بما وصفها "صدمة مشتركة قادمة من الخارج".
وأكد أن "الاقتصادات المتقدمة التي تملك قدرة أقوى في مجال الرعاية الصحية وتصل بشكل أفضل إلى السيولة الدولية ولديها تكاليف استدانة أقل نسبيا ستكون أقدر على مواجهة الأزمة الصحية القائمة".
ويذكر أن دول شمال أوروبا الأغنى كألمانيا وهولندا تقاوم الدعوات لتضامن أوروبي بمستويات غير مسبوقة لمواجهة الأزمة.
لكن إيطاليا وإسبانيا وفرنسا تدعو جميعها للتفكير بطرق جديدة تشمل الاستدانة بشكل مشترك بين دول الاتحاد الأوروبي الـ27 ما من شأنه تمويل خطة تعاف ضخمة وإعادة إطلاق الاقتصاد لفترة ما بعد الوباء.
صدوع بالنظام المالي العالمي
وعلى صعيد متصل، حذر صندوق النقد الدولي من أن تفشي فيروس كورونا المستجد كشف عن "صدوع" في النظام المالي العالمي ومن المرجح أن يتسبب في خسائر للبنوك.
وكتب صندوق النقد في تقريره عن الاستقرار المالي العالمي قبل قمة افتراضية مع البنك الدولي ستكون بديلا لاجتماع الربيع المعتاد "هذه الأزمة تمثل تهديدا خطيرا لاستقرار النظام المالي العالمي".
وفي الأسبوع الماضي، حذر صندوق النقد الدولي من أن إجراءات لكبح انتشار الفيروس تسببت في خروج 16 مليون أمريكي من قوة العمل ومحت تريليونات الدولارات من القيمة السوقية لأسواق الأسهم العالمية، وقد تؤدي إلى أسوأ انهيار اقتصادي منذ الكساد الكبير في عقد الثلاثينات من القرن الماضي.
وقال صندوق النقد: "الانخفاضات في أسعار الأصول من المتوقع أن تؤدي إلى خسائر في محافظ البنوك من الأوراق المالية العالية المخاطر، رغم أن هذا قد تعوضه جزئيا مكاسب في حيازاتها من الأصول الآمنة".
وأضاف أن الهبوط في أسعار النفط من المرجح أيضا أن يؤدي إلى خسائر في الائتمان بين المقرضين لقطاع الطاقة، بينما قد تتكبد البنوك خسائر في القروض إلى الأسر التي تعاني من صعوبات.
وقال صندوق النقد: "كلما استمر الهبوط المفاجئ في النشاط الاقتصادي لفترة أطول، كلما من المرجح بشكل أكبر أن تشهد البنوك خسائر في الائتمان".
وأضاف أن صانعي السياسات اتخذوا بالفعل خطوات "حاسمة" على صعيد الإنفاق العام والسياسة النقدية لتخفيف آثار الجائحة، مشيرا إلى أنه في الولايات المتحدة اتخذ مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي) حزمة إجراءات لم يسبق لها مثيل لدعم الاقتصاد.
لكن صندوق النقد قال إن بعض الاقتصادات الناشئة والمبتدئة ليس لديها القدرات التي لدى الدول الغربية وتواجه "عاصفة بمعنى الكلمة" لأن المصاعب الاقتصادية تفاقمها تدفقات قياسية للأموال إلى الخارج وتراجع فرص تمويل الدين الخارجي.