جراءة نيوز - خاص
كتب : محمد محيسن
تكرار المعاناة والأخطاء والمشاكل ظاهرة أردنية بامتياز، ولكنها تزداد تكريسا في فصل الشتاء . فالشتاء الاردني يثبت قدرة الحكومات المتعاقبة على تجاوز الأمر بإبر التخدير وبأسلوب المناورة، وقلب الحقائق، معتمدة على انشغال الأردنيين بتأمين الحد الأدنى من متطلبات الحياة.
لم ينته الأردنيون من معاناة فصل الصيف بأمراضه وأوجاعه، وأزمات المياه التي تصاحبه حتى يأتيهم فصل الشتاء بكل ما يحمله من معاناة تتكرر إلى حد الملل.
الأردنيون الذين ينتظرون الشتاء بترقب مليء بالكثير من الحذر والخوف، يضعون أيديهم على قلوبهم، توقعاً لأزمات معروفة ولكنها مستعصية الحل -بحسب المسؤولين-.
والشتاء بالنسبة للأردنيين موسم تكشف فيه الحكومة عن حجم قدرتها على تغطية الأخطاء القاتلة بأوراق التوت، في موسم مليء بالرياح العاصفة، والسيول الجارفة.
والشتاء أيضا صورة مكررة ونمطية من الأزمات التي تبدأ من الشارع المليء بحفر ومطبات كشفت عنها "شتوة" عابرة، مروراً بأزمة التدفئة التي تأكل الأخضر قبل اليابس! وليس انتهاءً بأزمة الوقود والمواصلات والاتصالات وانقطاع الكهرباء وإغلاق المناهل، والسيول التي لا تعرف أين تذهب بحمولتها! وانتهاءً بأزمة الثقة في الحكومة وأمانة عمان والبلديات التي تضعف شعبيتها في هذا الموسم بامتياز.
أكثر ما يميز شتاء الأردنيين أنه يظهر بوضوح مَواطن الفساد في المرافق العامة والشوارع والجسور، وحتى الأبنية الحكومية! نتيجة صعوبة السيطرة على ما يهبط من السماء، وتتلقفه الأرض والناس دون واقٍ.
ويكشف فصل الشتاء عيوباً في البنية التحتية لشوارع المحافظات التي تصبح مليئة بالحفر والتشققات، ومهترئة إلى حد لا يطاق، رغم أنها كلفت الدولة مبالع طائلة؛ حيث تتحول عند أول "زخة" مطر إلى مطبات وحفر مفتوحة ومهدمة، وكأنها ساحة حرب انتهت للتو معركتها!
أما عندما تمر في شوارع أحد مدننا أو قرانا فستكتشف أنها سقطت سهواً من مكان ما، دون أن يتلقاها أحد، وحسب التعبير الدارج "واقعة من طيارة"، فبقيت على ما هي عليه: انبعاجات، وتشققات، وحفر كفيلة بجعل قيادة السيارة أشبه بمغامرة تسلق الجبال، أو الانحدار إلى أحد المستشفيات القريبة.
وشتاء الأردنيين أيضاً صار بارداً، رغم سخونة الأوضاع السياسية والتهابها حوله! حيث بات الأردنيون مضطرين إلى حرق ما تملكه أيديهم حتى "حفايات" البلاستيك والكتب الدراسية، ولعب الأطفال!