الحلم النووي.. الأردن يفقد فرصة تعزز استقلاليته بأمن التزود بالطاقة
في وقت رأى فيه مطلعون في قطاع الطاقة أن وضع الطاقة المحلي لم يكن بحاجة إلى الدخول في برنامج نووي منذ البداية، قال مصدر مطلع إن امتلاك الأردن لمثل هذا النوع من البرامج المتقدمة كان سيعزز من قوته السياسية في المنطقة وزيادة استقلاليته في مجال أمن التزود بالطاقة.
وقال المصدر "إن محاولات إفشال امتلاك الأردن لبرنامج نووي سلمي تندرج تحت عرقلة حصوله على استقلالية كاملة في مجال التزود بالطاقة باعتماده على موارده المحلية منها".
وأضاف المصدر : "أن إفشال المشروع يأتي استمرارا لسعي جهات خارجية لكبح التقدم العلمي لأي دولة عربية خصوصا في المجال النووي السلمي، وأن دولا عظمى حاربت أي تقدم علمي وتكنولوجي في المنطقة منذ الحرب العالمية الثانية".
وأشار المصدر إلى أن "مسؤولا في إحدى الدول وخلال زيارة لروسيا أبدى امتعاضه من دخول روسيا في مشروع نووي مع الأردن، في وقت كانت فيه بعض الأجنحة في شركة روس آتوم الروسية تتحفظ على هذا المشروع إما لأسباب سياسية أو فنية أو تمويلية".
إلى ذلك، جدد رئيس هيئة الطاقة الذرية، د.خالد طوقان، التأكيد أن البرنامج النووي للأردن لم يتوقف وأن الهيئة ماضية في مشروع المحطات النووية، غير أن التوجه تحول من محطة كبيرة بمفاعلات تصل قدرة الواحد منها إلى 1000 ميغاوط إلى مفاعلات صغيرة بقدرة 100 ميغاواط، وقد يبني الأردن منها ما بين واحد إلى 6 مفاعلات؛ أي أن جوهر البرنامج النووي ما يزال موجودا.
وقال طوقان إن المشكلة الحقيقية التي كانت تقف في وجه الاستمرار بالمشروع النووي مع الشركة الروسية هي التمويل، ولو أن التمويل توفر لما كانت هنالك عوائق تقف في وجهه. كما أكد طوقان أن البرنامج النووي بمكوناته الأخرى مستمر، ومن ذلك المفاعل البحثي في جامعة العلوم والتكنولوجيا، إضافة إلى مشروع استكشاف وتعدين اليورانيوم ومسارع السنكروترون.
وفيما يتعلق بالشق الفني لمشروع المحطة النووية والذي كان السبب الرئيس لإنشاء شركة الكهرباء النووية التي اتخذت الحكومة قرارا بتصفيتها، ومساهمة الطاقة النووية في خليط الطاقة الكلي، قال مدير عام الشركة، د. صلاح ملكاوي "إن فريق الشركة أعد دراسة لحاجة السوق من الطاقة لمدة 40 عاما من 2015 إلى 2055".
وبين أن هذه الدراسة أخذت في عين الاعتبار كل مكونات الطاقة الأخرى الواردة في الاستراتيجية مثل الصخر الزيتي والغاز الطبيعي والطاقة المتجددة وفقا لمعطيات الفترة التي أعدت الاستراتيجية خلالها.
وأكد ملكاوي ضرورة الاستفادة من الدراسات التي أعدتها الشركة على مدار ثلاث سنوات واعتمادها كدلالة في أي مشاريع مستقبلية.
ووافق مجلس الوزراء الأسبوع الماضي على تصفية شركة الكهرباء النووية الاردنية؛ إذ جاء في الأسباب الموجبة للقرار أنه وفي ظل عدم وضوح الرؤية فيما يتعلق بمشروع المحطة النووية الأردنية، ولأن الأعمال والنشاطات التي تقوم بها الشركة حاليا قاربت على الانتهاء.
رئيس سلطة المصادر الطبيعية السابق، د. ماهر حجازين، كانت له وجهه نظر مغايرة، معتبرا "أن البرنامج النووي لم تكن له حاجة منذ بدايته وأنه تم المضي فيه بدون الرجوع لآراء المختصين".
وقال "إنه كان من المفترض إعداد دراسة جدوى مسبقة، في وقت يعد فيه التوليد من الطاقة النووية الأعلى كلفة بين مصادر الطاقة الأخرى في ظل وجود بدائل أخرى في خليط الطاقة المحلي".
حجازين رأى أنه "بات من الضروري التحقيق في هذا الملف والنظر بالمبالغ التي تم إهدارها من خرينة الدولة للإنفاق على هذا البرنامج".
ومن جهته، قال مدير المشاريع الأوروبية في الجامعة الأردنية، د.أحمد السلايمة "إن مشروع الطاقة النووية كان من الممكن أن يكون مهما في بداية الأمر عندما كان الدافع الحصول على مصدر رخيص للطاقة".
أما الآن فإن الدراسات العالمية، بحسب السلايمة، تشير إلى أن أسعار الطاقة النووية في ارتفاع بسبب احتياطات الأمن والسلامة التي فرضت بعد حادثة فوكوشيما، في وقت تراجعت فيه كلف الطاقة المتجددة.
وهنا تبرز الحاجة، بحسب السلايمة، إلى تحديث استراتيجية الطاقة بشكل دوري ومستمر للأخذ بعين الاعتبار مستجدات كل مرحلة.
يذكر أن إجمالي الإنفاق الحكومي على مشروع المحطة النووية الأردنية خلال الأعوام 2008-2017 بلغ 39.172 مليون دينار وبمعدل 3.9 ملايين دينار سنويا، فيما بلغ إجمالي الإنفاق على البرنامج النووي كاملا خلال الفترة المذكورة نفسها بلغ ما يقارب 112.19 مليون دينار على أنشطة وبرامج عدة.
وتوزعت هذه النفقات إلى جانب مشروع المحطة، ما بين برنامج استكشاف وتعدين خامات اليورانيوم وبإجمالي نفقات 8.76 مليون دينار، والدعم الحكومي للمفاعل النووي الأردني للبحوث والتدريب بإجمالي نفقات 56 مليون دينار (يضاف إليها القرض الكوري للمشروع بقيمة 59 مليون دينار)، والمنظومة النووية دون الحرجة بإجمالي نفقات 1.223 مليون دينار والبعثات والمنح الدراسية بإجمالي إنفاق 1.688 مليون دينار، ومركز السنكروترون بإجمالي نفقات بلغ 4.688 مليون دينار وبرامج الوكالة الدولية للطاقة الذرية والهيئة العربية للطاقة الذرية بإجمالي نفقات 659 ألف دينار.