وسط حالة توتر العلاقة بين الحكومة وصندوق النقد الدولي بسبب الخلاف حول قانون ضريبة الدخل، يدعو خبراء اقتصاديون صانعي السياسات في الأردن للخروج من تحت عباءة الصندوق الذي طالما حاول فرض سياساته حتى لو كانت مخالفة للتوجه الشعبي.
هذه المرة؛ وبعد تأخر المساعدات الخارجية للمملكة للعام الحالي، أكد الخبراء ضرورة اعتماد نهج اقتصادي جديد أساسه الاعتماد على الذات والاستغناء عن المساعدات الأجنبية وهم يبينون في الوقت ذاته أن هذه السياسة ستشكل رافعة شعبية لها شرط ألا تعتمد على الضرائب، في حين تدعو سياسات "الصندوق" لجني المال بأي طريقة بغض النظر عن مساسها قوت الناس.
والحكومة، بعد توليها زمام السلطة بنحو 80 يوما تواجه مشكلة حقيقية؛ فهي إذا لم تكسب موافقة صندوق النقد الدولي على الصيغة الجديدة لقانون ضريبة الدخل، وهي تتضمن إعفاءات للطبقة الوسطى، سوف تتقلص فرصها في الحصول على شهادة إيجابية حول الاقتصاد الأردني من قبل الصندوق وبالتالي تتقلص فرص حصولها على القروض.
وللخروج من هذه الدوامة، يؤكد الخبراء أنه حان الوقت للاعتماد على الذات والانفلات من دائرة القروض اللامتناهية.
وحذر البعض من أنّ تأخر المساعدات أو إلغاءها، سيؤدي الى توجه الحكومة للاقتراض الداخلي لسد العجز في الموازنة، فيما يرى آخرون بأنّه قد يؤثر على انجاز وتنفيذ المشاريع والخدمات الممولة من المساعدات.
وحصل الأردن خلال الأشهر السبعة الأولى على 887.4 مليون دولار كمساعدات خارجية؛ منها 131.5 مليون دولار كمشاريع وبرامج تنموية، و389 مليون دعم للموازنة و364.8 مليون دولار لدعم خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية بمحاورها الثلاثة (دعم الموازنة العامة، دعم مشاريع تنموية في المجتمعات المستضيفة، دعم اللاجئين) و2.15 مليون دولار برامج إقليمية.
وبلغ إجمالي الدين العام في الأردن في نهاية الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي 27.751 مليار دينار، ما يشكل
95.8 % من الناتج المحلي الإجمالي المقدر للفترة نفسها.
وزير تطوير القطاع العام الأسبق، د.ماهر المدادحة، أشار الى أنّ تأخر المساعدات يربك "المالية العامة" ويقلل من قدرتها على "التجسير التمويلي" واضطرارها للجوء الى الاقتراض الداخلي من البنوك والذي يعد مكلفا أكثر من الاقتراض الخارجي.
ويرى المدادحة ضرورة عدم الاتكال في موازنات المستقبل على المساعدات الخارجية وبدء العمل على "إصلاح اقتصادي حقيقي من شأنه أن يوجه الاقتصاد الى الاعتماد على الذات"، مشيرا الى أنّ مشروع قانون ضريبة الدخل جزء أساسي في هذا الإصلاح حيث يزيد من إيرادات الدولة.
ويتفق الخبير الاقتصادي زيان زوانة، مع ما سبق، ويرى أنه آن أوان بناء اقتصاد وموازنة تعتمد على الإمكانيات الذاتية للأردن، من خلال تفعيل البنية التحتية والإصلاحات السياسية والاقتصادية، خصوصا أنّ الأردن في وضع جيوسياسي شديد التعقيد، وفي وقت تختلف فيه إدارة السياسة الأميركية التي تتصف بحالة "عدم اليقين".
أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك، د.قاسم الحموري، أشار الى أنّ تأخر المساعدات يعني "تأخر أو إلغاء مشاريع وخدمات ممولة من المساعدات أو مدرجة في الموازنة"، وهذا قد يؤدي الى أن تتوجه الحكومة الى بند آخر لتحقيق الإيرادات هو بند الضرائب.
ويؤكد الحموري ضرورة اعتماد استراتيجية اقتصادية توجه الاقتصاد للاعتماد على الذات تؤمن استقرارا ماليا واقتصاديا للأردن.
يشار إلى أن قيمة المساعدات الخارجية الكلية بلغت العام الماضي 3.65 مليار دولار منها منح اعتيادية 2017 بحوالي 840.4 مليون دولار، وقروض ميسرة بحجم 1088.76 مليون دولار، ومنح إضافية لخطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية بحجم 1719 مليون دولار.