أوصى منتدى الاستراتيجيات الأردني، في ورقة تحليلية صدرت عنه، بضرورة بدء العملية التنموية في الأردن من خلال بناء وتطوير نظام شبكة نقل شامل تربط المحافظات والمناطق الأردنية كافة، مبيناً أن تطوير مثل هذه الشبكة يجب أن يتم شرحه بشكل كامل وتفصيلي للرأي العام الأردني من خلال الوسائل الإعلامية كافة، بحيث يتضمن؛ أنواع المواصلات المستخدمة، التغطية الجغرافية، ووقت تنفيذ هذا المشروع والانتهاء منه.
كما أوصى المنتدى، في ورقة تحليلية بعنوان "قراءة في كتاب التكليف السامي للدكتور عمر الرزاز"، بالأهمية البالغة لتحسين كفاءة الخدمات الصحية والتعليمية العامة القائمة حالياً، والارتقاء بها لمستويات أعلى من الجودة. كما أوصى بضرورة تصميم وتطبيق نظام ضريبي يحقق عدداً من المبادئ والتي تتضمن تحقيق إيرادات ضريبية كافية وملائمة لحاجة الدولة، وأن يقوم لنظام الضريبي على مبدأي العدالة والانصاف؛ بحيث ترتفع نسبة العبء الضريبي كلما ارتفع الدخل وبشكل متناسب وتصاعدي.
وفي توصياته، أشار المنتدى، كما أوصى المنتدى، إلى أن يكون النظام الضريبي مُبسطاً ومفهوماً للمكلفين، وذلك لمساعدتهم على فهم قواعد النظام الضريبي وتشجيعهم على الالتزام بها. وبين المنتدى أنه على النظام الضريبي أن يوفر مصادر لإيرادات ضريبية متنوعة. وأكد ضرورة أن يتحلى النظام الضريبي بالمرونة؛ أي أن يقود لزيادة الإيرادات الضريبية بنسب أعلى من نسب زيادة النمو الاقتصادي.
وحللت الورقة التحليلية كتاب التكليف السامي على محورين: الأول، السياق الاقتصادي والاجتماعي في كتاب التكليف السامي. والثاني، الرؤية الاقتصادية المستخلصة من كتاب التكليف السامي.
وفي ورقته، قال المنتدى إنه أصبح من المعروف أن الاقتصاد الأردني يواجه العديد من التحديات الاقتصادية، وأن المواطنين الأردنيين يعانون من العديد من الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة. وتتضمن هذه التحديات: استمرارية في ارتفاع معدلات البطالة، زيادة مطردة في أعداد قوة العمل، تدني نسب المشاركة الاقتصادية وخصوصاً بين الإناث، وجود مستويات واضحة من الفقر وعدم العدالة في الدخل، وتدهورا عاما في رأسي المال البشري والمادي.
وأضاف المنتدى، أنه وبينما كانت الأسباب والعوامل التي تقف خلف الاحتجاجات الأخيرة في العاصمة عمّان والمدن الأخرى متداخلة ومعقدة، إلا أن التحديات الرئيسية واضحة ويجب معالجتها.
وأشار منتدى الاستراتيجيات إلى العديد من التحديات التي تواجه الاقتصاد الأردني، مثل معدلات البطالة التي تتركز بين الشباب، وخصوصاً المتعلمين منهم. كما أشار إلى تدني دخول أغلب المواطنين الأردنيين وخصوصاً الشباب منهم؛ حيث أوضح في هذا السياق أن ما نسبته 79.7 % من مشتركي الضمان الاجتماعي يتقاضون رواتب شهرية ما بين 190 و600 دينار.
وفي هذا السياق، قام منتدى الاستراتيجيات الأردني بإجراء تحليل تنبؤي لدخل أي موظف أردني شاب يبدأ حياته المهنية في الفترة الحالية، فيما أسماه دورة حياة الموظف الأردني، والتي توضح أنه وبمجرد دخول الموظف الأردني معترك الحياة بعد التخرج من الجامعة أو حتى بعد التعليم المهني، فإن هذا الموظف سوف يبدأ حياته المهنية براتب يقدر بنحو 320 ديناراً، ومن هذا المنطلق افترض المنتدى أن هذه الزيادة السنوية في راتب الموظف (وفقاً للمعدلات الطبيعية) سوف تكون بمعدل نمو سنوي "اسمي" يعادل 5 %، وإذا ما أخذنا معدلات التضخم بعين الاعتبار؛ فسوف يكون المعدل "الحقيقي" لنمو هذا الراتب يعادل 3 % سنوياً.
وبناءً على ذلك، قال المنتدى إنه إذا ما تم اعتماد معدل النمو الاسمي في راتب الموظفين في الأردن، فإن دخل هذا الموظف من راتبه بعد 30 عاماً من الخبرة المهنية سوف يعادل نحو 1317 ديناراً شهرياً. وفي حال تم اعتماد المعدل الحقيقي للنمو السنوي في راتب الموظف؛ فإنه بعد ثلاثين عاماً من الخبرة العملية سوف يصل راتب الموظف إلى 754 دينارا شهرياً.
وضمن هذا السياق، بينت الورقة أنه خلال مسيرة المواطن الأردني في حياته المهنية ومعيشته في الأردن، سيكون الفرد الأردني بأمس الحاجة للخدمات العامة التي توفرها الدولة، وخصوصاً في ظل عدم توقع نمو دخل المواطن الأردني بدرجة تمكنه من الحصول على هذه الخدمات بمفرده أو من القطاع الخاص؛ حيث إنه من الطبيعي أن يقوم الإنسان الأردني خلال مسيرته المهنية ومسيرة حياته أن يستخدم المواصلات العامة بشكل يومي أو قيامه بشراء سيارة. كما أنه سيقوم باستئجار أو شراء شقة. ومن ثم سيتزوج وينجب أطفالاً، وما يتضمنه ذلك من الاعتناء بهم من خلال استخدامه للخدمات العامة (تعليم مدرسي وجامعي، صحة، نقل).
ولذلك شدد منتدى الاستراتيجيات الأردني على ضرورة العمل على توفير خدمات عامة ذات كفاية وكفاءة وجودة عالية، وتنفيذ مشاريع رأسمالية كبيرة بالشراكة مع القطاع الخاص لتوفير هذه الخدمات؛ حيث لن يؤدي توفير هذه الخدمات إلى تحسين حياة المواطن الأردني وحسب، بل وسيؤدي ذلك إلى تعزيز معدلات النمو الاقتصادي والحفاظ على استقرارها.
وفي السياق ذاته، قال المنتدى إنه من أهم المهام التي تقع على عاتق الحكومة اليوم، تحديد أولوياتها من حيث تحسين وتقديم الخدمات العامة التي يحتاجها الأردن، ويجب أن يتم تحديد هذه الأولويات والحاجات بهدف الارتقاء برأسي المال البشري والمادي في الأردن بشكل شامل.
كما أكد المنتدى، أن وجود رؤية للحكومة للارتقاء بالخدمات العامة في الأردن سوف يؤدي إلى ترسيخ الثقة بين المواطن والدولة على المدى القصير إذا ما تم الإعلان عن وجود مثل هذه الرؤية الشاملة للارتقاء بالحياة اليومية للمواطنين، كما أن الالتزام بتنفيذ هذه الرؤية سوف يقود على المدى الطويل إلى ترسيخ إيمان المواطن بدور الدولة ومؤسساتها في عملية التطوير والتنمية، كما سيؤدي أيضاً إلى تحقيق النمو الاقتصادي وتعزيز تنافسية الاقتصاد الأردني وتطويره.