تعهدت المملكة العربية السعودية بالعمل بحزم من أجل إبقاء أسعار النفط تحت السيطرة، متبعةً دفعة تعزيز حقيقية للإمدادات تقارب المليون برميل يومياً، والتي هي في طريقها الآن إلى الأسواق العالمية.
وفي سياق متصل، أخبر وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، الصحفيين، يوم السبت الماضي بينما كان يجلس مع نظيره الروسي، أليكساندر نوفاك، في مقر منظمة "الأوبك" في فيينا: "سوف نفعل كل ما هو ضروري من أجل إبقاء السوق متزنة". ويمكن للمستهلكين أن يطمئنوا بأن "الإمدادات التي يطلبون من الطاقة متوفرة إلى جانب أنها تخضع لإدارة وإشراف مجموعة مسؤولة من المنتجين".
وقد خرج الفالح على طريقته الاعتيادية ليقدم تفصيلاً مملاً عن كيفية عمل اتفاقية منظمة الدول المصدرة للنفط، "الأوبك"، موضحاً الاتفاق المبهم للبعض والتصريحات المتناقضة من قبل الوزراء التي حفزت ارتفاعاً في أسعار عقود الخام الآجلة يوم الجمعة.
وأشار الوزير السعودي إلى أنه سيكون من المقلق أن يصبح هذا الارتفاع في الأسعار اتجاهاً ملموساً، مضيفاً أن المنتجين ذوي القدرات الاحتياطية، مثل المملكة العربية السعودية، يمكنهم سد أي فجوات يتركها الإنتاج المنخفض في أي مكان آخر.
من هو الذي يملك احتياطيات جيدة؟
قالت مراقبة "الأوبك" المخضرمة في "وود ماكينزي" الاستشارية: "إن البلد الوحيد الذي يستطيع زيادة الإنتاج هو العربية السعودية، لذلك فإن تفسيرها للصفقة هو الأكثر أهمية".
وتتبع تأكيدات الفالح -المدعومة من قبل نوفاك- الضغوطات التي وضعتها تغريدات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، فضلاً عن كمية جيدة أيضاً من الضغوطات التقليدية التي يضعها مشترو النفط الأساسيون.
وهي تعطي الممكلة العربية السعودية وروسيا المزيد من المساحة لتخفيف مخاوف المستهلكين حول الأسعار، لكنها تخاطر بردة فعل عنيفة من قبل إيران وفنزويلا، اللتين تعتبران من الأعضاء المؤسسين للمنظمة الذين يصرون على أن الأعضاء ليس باستطاعتهم انتزاع حصص بعضهم بعضا السوقية.
وقد انتقد مندوب إيراني موقف السعودية على الفور، موضحاً أن الاتفاقية لم تسمح لأي عضو بالاستعاضة عن الحصة السوقية لعضو آخر.
وبين أن الدول التي تفعل ذلك سوف تكون تخون الصفقة، مفضلاً عدم ذكر اسمه نظراً لحساسية المسألة.
وأدلى وزير الطاقة الفنزويلي، مانويل كويفيدو، بالحجة نفسها على "تويتر".
ومع ذلك، أضاف المندوب الإيراني أن فنزويلا والدول الأخرى التي تنتج أقل من حصتها لديها سبل قليلة لإنفاذ وجهات نظرها، بما يتجاوز بيانات الرفض.
وتعهدت صفقة الجمعة المبرمة بين أعضاء "الأوبك" بزيادة إمدادات "اسمية" من مليون برميل يومياً. وفي الواقع، قال الوزراء إن العديد من الدول لن تكون قادرة على ضخ كمية أكبر، وبالتالي فإن تعزيز الإنتاج الحقيقي سيكون أخفض بالنسبة إليها -متراوحاً من الـ500 ألف برميل الإيراني في اليوم الواحد إلى النسبة العراقية المقدرة عند 800 ألف برميل يومياً.
وبطبيعة الحال، فقد تركت الصياغة المبهمة الاتفاقية مفتوحةً على مثل هذه المجموعة الواسعة من التفسيرات، كما ساعدت على ضمان حل توفيقي في اللحظة الأخيرة تغلب على المعارضة الإيرانية لأي زيادة.
الاسمية مقابل الحقيقية
أوضح الفالح أن اتفاق يوم السبت، الذي صدقت فيه الدول الأعضاء في الأوبك على اتفاق اليوم الذي سبقه، قد تخلى عن التعهد بأن زيادة المليون برميل يومياً ينبغي أن يتم تقاسمها بين الأعضاء، مما يفتح الطريق أمام تدفق أحجام كاملة.
وبين الفالح في هذا الخصوص: "إذا ما جمعنا أساس العدد التناسبي بين الدول الـ24، بالنظر إلى قدرة هذه الدول على الزيادة، فإن 60 % من الزيادة يمكن تحقيقها".
وما يزال البيان الصادر عن المجموعة يتعهد بالعودة إلى التزام بنسبة 100 % مع اتفاق العام 2016 الأصلي -والذي ينهي فترة من التخفيضات التي كانت أعمق من المقرر- لكن الفالح أصر على أن الاتفاق لن يخضع دولة بمفردها لسقف إنتاج صارم.
وكان نوفاك متوافقاً تماماً مع الفالح، موضحاً أن روسيا ستسهم بما يصل إلى 200 ألف برميل يومياً في تعزيز الإمدادات المتفق عليه.
الناقلات تبحر
في مقابلة أجراها معه تلفزيون "بلومبيرغ"، قال نوفاك: "إن الزيادة الحقيقية للإنتاج سوف تكون رقماً يقارب المليون برميل تماماً".
ومن جهته، قدم وزيرة الطاقة الإماراتي، سهيل المزروعي، تأكيدات مماثلة قائلاً: "إن القرار واضح جداً".
وبين الفالح أيضاً أن لجنة المراقبة الوزارية المشتركة الخاصة بـ"أوبك"، التي أشرفت على تخفيضات المجموعة للإنتاج، سوف تلعب دوراً رئيسياً في إدارة زيادة الإنتاج.
وتعد كل من روسيا والمملكة العربية السعودية دولتين عضوين، وستساعد الأهمية المتزايدة للجنة على توطيد همينتهما على التحالف الذي يضخ أكثر من نصف خام العالم.
وقد توقعت شركة النفط الحكومية السعودية "أرامكو" قرار هذا الأسبوع، وكانت قد رفعت إنتاجها بالفعل، بحسب ما أوضح الفالح.
وقد رفض التصريح بالكمية التي ستضخها المملكة في تموز (يوليو)، لكنه وعد بزيادة شهرية على شكل "مئات آلاف البراميل" بدلاً من "عشرات الآلاف". وطرح في وقت لاحق نطاقاً يمتد من 250 إلى 400 ألف برميل يومياً.
وأظهرت بيانات تتبع ناقلات النفط لأوائل حزيران (يونيو)، والتي جمعتها "بلومبيرغ"، قفزة كبيرة في الشحنات التي تخرج من المملكة.
وعلى هذا الصعيد، قال رئيس شركة تتبع الناقلات "بيترو لوجسيستيكس إس إيه" الواقعة في جنيف، دانيال غيربر: "إن النفط في الماء الآن بالفعل".