قال نائب رئيس الوزراء وزير الدولة للشؤون الاقتصادية، الدكتور جعفر حسّان، أن ما نسعى إليه هو أن نصل إلى مرحلة يتم خلالها تعزيز قانون ضريبة الدخل لنتمكن من امتلاك الأدوات المالية لتحفيز النمو من خلال السياسة المالية والضريبية للوصول إلى معادلة ضريبية أمثل من حيث إيرادات ضريبة الدخل بالنسبة لإيرادات ضريبة المبيعات ويكون بمقدورنا بعد سنوات تخفيض الأخيرة مع تحسن التحصيل في ضريبة الدخل تحقيقا لعدالة أكثر في هذا المجال.
جاء ذلك خلال جلسة موسعة عقدها المجلس الاقتصادي والاجتماعي حول مشروع قانون الضريبة الجديد أمس بمشاركة عدد من الوزراء والمعنيين من مختلف القطاعات، في إطار الحوار الوطني الذي بدأ حول القانون.
وشارك في اللقاء نائب رئيس الورزاء وزير الدولة للشؤون الاقتصادية، ووزراء المالية، والصناعة والتجارة، والاستثمار، والتنمية السياسية والشؤون البرلمانية، ومديرعام ضريبة الدخل والمبيعات، وعدد من الخبراء في الاقتصاد والقانون وممثلين عن مجلس النواب والاحزاب وغرف الصناعة والتجارة والنقابات.
وأوضح حسّان أن الهدف من التشريع هو ايجاد قانون إصلاحي عادل ومستقر بالنسبة للمكلفين ولمختلف القطاعات، لافتا إلى أن السياسة المالية تهدف إلى تحقيق الاستقرار المالي في مواجهة التحديات المتراكمة، مثلما أن بناء الاستقرار المالي خلال السنوات المقبلة سيمكننا من تحفيز النمو.
وأضاف حسان إن الملاحظات التي ترد حول مشروع قانون ضريبة الدخل تؤخذ في الاعتبار، وإن حوارات يومية تعقد بهذا الخصوص وتقدم خلالها ملاحظات من قبل خبراء من مختلف القطاعات يتم الأخذ بها.
وبين أن العديد من التعديلات التي طرأت على القانون جاءت بناء على مطالب مختلف القطاعات خصوصا فيما يتعلق بعبء الإثبات الضريبي والتسويات والمصالحات الضريبية، وغيرها من الإجراءات التي تسهل عملية الإقرار الضريبي.
وبين أن العمل يجري على إعادة النظر في العديد من الإجراءات والتشريعات الاقتصادية بما فيها هيكلة قطاع الطاقة وقطاع العمل، مع تنفيذ استراتيجية تنمية الموارد البشرية وتطوير وتعزيز كفاءة القطاع العام.
وتطرق حسان إلى العديد من الخطط والبرامج التي تنفذ في إطار خطة تحفيز النمو الاقتصادي، مبينا أن العمل يجري ضمن رزنامة تنفيذية لضمان تنفيذ مشاريع أساسية في النقل والطاقة والمياه والصحة والتعليم والبنية التحتية والكثير منها بالشراكة مع القطاع الخاص.
وقال حسان أمامنا فرص كبيرة لزيادة الاستثمار وما نقوم به سيكون له نتائج يلمسها المواطن خلال السنوات القليلة القادمة إذا تم تنفيذ برامج التحفيز الاقتصادي وبرنامج الإصلاح المالي.
وردا على سؤال حول العلاقة بين تعديل قانون الضريبة وتحفيز النمو، بين حسان أن تخفيض الضرائب في وضع اقتصادي مثالي يعد وسيلة من وسائل التحفيز ولكنها ليست الاداة الوحيدة بالضرورة، لكن الواقع والتحديات التي يواجهها الاقتصاد الأردني وظروف محيطه وفي مقدمتها ارتفاع نسبة الدين العام، فإن تخفيض الضرائب سيرفع من المديونية وسيكون ذلك على حساب الانفاق الجاري والرأسمالي ويؤثر بشكل سلبي للغاية على الاستقرار المالي والاقتصادي وبالتالي النمو عموما.
بدوره، أكد وزير المالية، عمر ملحس، أن القانون يهدف إلى محاربة التهرب الضريبي، ورفع كفاءة التحصيل الضريبي وتعزيز الالتزام الطوعي للمكلفين، وتوسيع القاعدة الضريبية، لتحسين مستوى الإيرادات.
وقال إن الحكومة تعقد اجتماعات بشكل يومي مع مختلف القطاعات فيما يتعلق بمشروع القانون، ونأخذ بالملاحظات التي ترد إلينا حتى لا يكون هناك أي اجتهاد في تطبيق القانون.
وأشار إلى أن ارتفاع المديونية يشكل تحديا اقتصاديا، ونسعى إلى استقرار مالي يمكننا من تطبيق الخطط والبرامج الاقتصادية الهادفة إلى تحفيز النمو.
من جانبه، قال وزير الدولة لشؤون الاستثمار، مهند شحادة، إن الاستقرار في التشريعات يساهم في زيادة حجم الاستثمارات ويشجع المستثمر المحلي والدولي على الاستثمار، وهذا ما نسعى له من خلال إصدار قانون ضريبة الدخل مستدام.
في حين اعتبر وزير الصناعة والتجارة والتموين، يعرب القضاة، أن أحد أهداف القانون هو ترسيخ ثقافة محاربة التهرب الضريبي ونستهدف من خلال القانون شمول الاقتصاد غير المنظم في دفع الاستحقاق الضريبي.
بدوره، قال مدير دائرة ضريبة الدخل والمبيعات، حسام أبوعلي، إن القانون يتضمن 38 تعديلا للمواد المنصوص عليها في القانون الأصلي وأن الجزء الأكبر منها هو معالجة لمشاكل القطاعات الاقتصادية ومنشآت الأعمال. وبين أن موضوع تخفيض مدة قبول الإقرارات الضريبية سيتم تخفيضها من سنتين إلى ستة أشهر. كما سيتم تشريع حصول الشركات والمشاريع على إبراء الذمة الضريبية خلال نفس السنة.
وأشار إلى أن القانون المعدل عالج المصاريف والخسائر التي يسمح بتدويرها لخمس سنوات وسيتم التوافق مع معايير المحاسبة الدولية على أن يتم تدويرها لغاية حصولها على الأرباح كما ستحدد أسس واضحة للتسويات والمصالحة التي تتم بين المكلف والمقدر الضريبي.
وأوضح أن تعديل القانون يعفي المواطنين الذين لا يخضع دخلهم لضريبة الدخل من غرامة عدم تقديم الإقرار الضريبي للدائرة، والتي كان معمولا بها في القانون القديم.
وفيما يتعلق بالمنشآت الصغيرة، أشار أبوعلي إلى أنه تم فرض ضريبة مقطوعة للتسهيل عليهم والانتهاء من معاملاتهم الضريبية بسهولة، موضحا أن موضوع تعذر التبليغ تمت مراجعته بحيث تتمكن لجنة الاعتراض من إعادة فتح التبليغ كي لا يكون هناك ظلم للمكلف.
وجرى نقاش موسع خلال الجلسة؛ حيث عبر الحضور عن حرصهم الشديد على الخروج بقانون يلبي الطموح ويساهم في تحفيز النمو الاقتصادي، وفي خفض نسبة المديونية وعجز الموازنة، مؤكدين ضرورة أن يتم الأخذ بالملاحظات التي ترد من خلال النقاشات عند إقرار مشروع القانون بصيغته النهائية ومنها النسب الضريبية على بعض القطاعات مثل قطاع البنوك.
وتركزت النقاش حول عدم تلبية القانون جميع الطموحات الإصلاحية والتي يمكن أن تنعكس ايجابا على أداء الاقتصاد الأردني، حيث بينت أن القانون الجديد يعمل على زيادة الإيرادات الضريبية المحصلة للدولة من ضريبة الدخل نسبة إلى مكونات الإيرادات الضريبية الأخرى، ولكن يجب أن يتم زيادة هذه الإيرادات من خلال توسيع قاعدة المكلفين عن طريق محاربة التهرب الضريبي في قطاعات المهنيين والحرفيين وأصحاب الأعمال الحرة.
وفيما يتعلق بالضرائب المفروضة على دخل قطاع الأفراد، لا سيما الموظفين بأجور شهرية، عبر الحضور عن تفهمهم للهدف من التعديلات هو توسيع قاعدة المكلفين ضريبيا لكن يجب إعادة النظر في النسب والشرائح الضريبية المفروضة على قطاع الأفراد، وذلك لتخفيف العبء على المكلفين وتحفيزهم على الالتزام بدفع الضرائب.
وركز الحضور على أهمية إعادة النظر في الإعفاءات الممنوحة للأفراد والتي ألغاها القانون وضرورة تجنب الازدواج الضريبي وتحقيق العدالة بين القطاعات من حيث رفع نسب الضريبة.
من جانبه، أكد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي، الدكتور مصطفى الحمارنة، الحرص على ترسيخ مبدأ الحوار الإيجابي بين مختلف الاطراف، تجنبا للمفاهيم المغلوطة وإساءة الفهم وللوصول إلى توافقات للخروج بقانون عصري وعادل للضريبة ويساهم في تحفيز النمو الاقتصادي وتحسين نوعية حياة المواطن الأردني ويعزز إيرادات الدولة ويخفف من اعباء المديونية التي وصلت الى أرقام غير مسبوقة.
وأضاف الحمارنه أن مشروع القانون مازال في طور النقاش والتعديل وأن الجلسة الحوارية هذه، تشكل فرصة لتبادل الآراء، وسيتم عقد جلسات أخرى مع مجموعات أخرى وخبراء من مختلف القطاعات وسوف يتم إشراك الحكومة والجهات ذات العلاقة في التوصيات التي تخرج عن هذه الجلسات.