تكتسب برامج المسؤولية الاجتماعية لشركات القطاع الخاص - التي تنفذها هذه الشركات منفردة أو بالشراكة مع القطاع العام أهمية كبيرة خصوصا أن هذا المفهوم نشأ أصلا لملامسة وتغطية احتياجات المجتمعات المحلية، ومشاركة الشركات لهموم الناس ومشاكلهم.
وعلى الشركات أن لا تتبنى برامج المسؤولية الاجتماعية للمجتمع وكأنها عبء عليها، بل يجب أن تنظر إليها كواجب يمليه عليها واجبها في المساهمة في التنمية الاقتصادية وكشكل من أشكال ردّ الجميل للمجتمع الذي أسهم في تطور أعمالها وتشكيل أرباحها.
ومن جهة أخرى، يجب أن تركز شركات القطاع الخاص بمختلف أطيافها على المبادرات والمشاريع التي تحدث تأثيرا طويل المدى في المجتمع أو حياة الفرد الاجتماعية والاقتصادية، مثل البرامج والمبادرات التي تقوم على تحويل المشاريع الريادية الى إنتاجية.
في النصف الثاني من العام 2015 كانت الاخبار تنقل لنا خبرا مميزا في مضمار الخدمة الطبية وتطورا في هذا المضمار الذي يلامس حياة الناس وصحتهم، مع مباشرة " مركز الاسعاف الجوي" أولى عملياته عندما نقلت طائرة طبية متخصصة، تابعة له مريضا روسيا من مستشفى الأمير هاشم في العقبة إلى المستشفى التخصصي في عمان حيث تلقى المريض وقتها الإسعافات الطبية الأولية والرعاية اللازمة على متن الطائرة، المجهزة بغرفة عناية مركزة وأجهزة طبية حديثة ومتطورة لحين وصوله إلى عمان وتلقيه العلاج اللازم.
هذه الحالة كانت باكورة عمليات مركز الاسعاف الجوي – الذي تم تأسيسه بإرادة ملكية سامية من جلالة الملك عبدالله الثاني في العام 2014، حيث تبرع جلالته وقتها بطائرتي هيليكوبتر من طراز "aw139" والتي تتميز بقدرات ومواصفات عالية، كما تم تجهيز الطائرتين بأجهزة ومعدات الإسعافات الأولية والعناية الحثيثة بأعلى المواصفات الطبية العالمية.
ومنذ ذلك الوقت وحتى يومنا نفذ المركز خدماته لأكثر من 100 حالة طبية من مختلف المحافظات، كان بعضها ناتج عن حوادث السير أو نوبات قلبية أو جلطات دماغية ، أو كسور نتيجة السقوط عن مرتفعات ، وحروق من درجات مختلفة، في وقت يؤكد فيه الخبراء أهمية هذه الخدمة لتقديم العلاج بسرعة وحرفية عالية عندما يكون المصاب بأمس الحاجة لها وخصوصا في عمليات الانقاذ والإسعاف الجوي ونقل المصابين، خصوصا من المناطق النائية إلى المستشفيات والمراكز الطبية، بما يضمن سلامتهم ويخفف من إصاباتهم.
ويؤكد مركز الاسعاف الجوي الأردني ان اهداف تأسيسه تتلخص في نقل المصابين من المناطق النائية والمحافظات البعيدة إلى مراكز ومستشفيات العاصمة لتلقي العلاج الملائم لحالتهم، وخدمة الأردنيين والمقيمين في الأردن من خلال تقديم الإخلاء الطبي للمصابين بإصابات خطيرة، والذين يعانون من عدم كفاية الامكانات الطبية في المستشفيات الطرفية والنائية، إلى المراكز الصحية المتقدمة في عمّان ، حيث يتم الحصول على الخدمات الطبية المتقدمة. وبالإضافة إلى ذلك، يساعد المركز مختلف المؤسسات الوطنية على القيام بواجباتها في حماية حياة الفرد.
ويشدد المركز على أهمية الشراكات مع القطاع الخاص بمختلف شركاته ومؤسساته لتقديم خدماته وتطوير أعماله والبناء على ما جرى تحقيقه حتى الآن، وخصوصا ان يقدم خدمة مدفوعة وهو أمر مكلف لمعظم الناس، موضحا بان الخدمة وحتى تكون متاحة لجميع الأردنيين، فقد قام باعداد مختلف الخطط ويفخر بالشراكات مع القطاع الخاص لتقديم الإفادة والخدمة لأكبر عدد من الناس بأسعار رمزية.
وقال المركز بأن يرحب بمشاركات القطاع الخاص في دعم خدمات المركز الإنسانية بما يضمن توسيع قاعدة المستفيدين من هذه الخدمات الإنسانية الطبية لمن يحتاجها.
ومن بين المؤسسات والشركات التي دخلت بشراكات مع مركز الاسعاف الجوي الأردني هو البنك العربي الذي جدد مؤخرا اتفاقية تعاونه مع المركز وللعام الثالث على التوالي.
وتهدف الاتفاقية إلى دعم آلية عمل المركز والذي ترتكز أهدافه على رفع مستوى الخدمات الطبية المقدمة في المملكة، انطلاقا من دور البنك الرائد في خدمة المجتمع المحلي.
وبموجب هذه الاتفاقية سيستمر البنك العربي بدعم خدمات الإسعاف الجوي المتعلقة بنقل المصابين والمرضى جوا من المناطق النائية إلى المراكز الطبية المتخصصة من خلال الإسعاف بالطائرات العامودية، وذلك لتلقي العلاجات اللازمة في الحالات الطارئة.
وقال مدير عام مركز الإسعاف الجوي الأردني الكابتن رامي هاني العموش، بإن خدمة الإسعاف الجوي تأتي لتقدم سببا لإنقاذ حياة المواطنين، وأنه غني عن القول أنه يوجد فئة من المواطنين لا يقدرون على تحمل تكاليف النقل لتلقي العلاج المناسب في الوقت والمكان المناسبين.
وأضاف العموش: " وهنا لابد من أن نشكر الشركات والمؤسسات التي تؤمن بأن واجب خدمة المواطن مشتركة بين القطاعين العام والخاص، حيث قام بعض منها بدفع تكاليف الرحلات نيابة عن المواطنين، ولابد من التنويه هنا بأن أن مركز الإسعاف الجوي مركز حكومي لا يهدف لتحقيق الربح، وإنما يتقاضى بدل الإسعاف الجوي لتغطية تكاليف صيانة الطائرات وإدامة عملها".
وأوضح مركز الاسعاف الجوي بانه اليوم يضم كادرا مكونا من 45 شخصا من الطيارين والأطباء والمسعفين وفني الصيانة والإتصالات، وطاقم الإسعاف الجوي يتكون في كل رحلة من طيارين إثنين، وطبيب ومسعف متخصص يعملون على نقل المصاب، لافتا إلى أن المسعفين مؤهلين على تقديم خدمات التمريض والرعاية الصحية أثناء الرحلة.
وزاد ايضاحا بان كادره يتكون بالتفصيل من : طاقم الطيارين ، ومنهم طيارين مرخصين كمدربين طيران، الطاقم الطبي المدرب في مجال طب الطوارئ، المهندسين والفنيين وهم متخصصون في مجال ادامة وصيانة طائرات الاغوست، وعناصر من الدفاع المدني للعمل والتنسيق في مركز الاتصال.
وقال المركز بانه يضم كادرا طبيا مختصا وطائرتين عاموديتين مجهزتين تجهيزا طبيا يضاهي تجهيز أقسام العناية الحثيثة في المستشفيات، لتقديم خدمات الإسعاف الطبي بأعلى المواصفات العالمية والطبية؛ حيث يمكن وصف الطائرتين بأنهما مستشفى متنقل.
ويتكون مجلس الإدارة في مركز الاسعاف الجوي من 5 أشخاص من كل من سلاح الجو الملكي، الخدمات الطبية الملكية، المديرية العامة للدفاع المدني، وزارة الصحة، جمعية المستشفيات الخاصة.
وعن الادوار والاقسام التي يقوم عليها المركز في عملياته اوضح بانها تشمل : قسم العمليات ويضم طيارين مختصين على درجة عالية من التأهيل والاحترافية قادرين على تنفيذ العمليات في مختلف الظروف، القسم الطبي ويضم أطباء وممرضين ومسعفين مختصين
قسم الصيانة ويضم مهندسين وفنيين لإدامة صيانة الطائرات.
وأضاف بأن هناك قسم التنسيق والعلاقات العامة وهو مرتبط مباشرة بنظام الطوارئ الوطني 911 ومجهز بأنظمة حاسوبية متطورة لمتابعة الحالات وتنسيق المهابط في المستشفيات، والقسم الإداري.