طوق العزلة والحصار يشتد يوما بعد يوم حول عنق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لجهة قراره الأخير بإعلان القدس "عاصمة اسرائيل" بالتزامن مع تجدد المطالبات الداخلية الأمريكية بتقديمه للمحاكمة لإقصائه أو إرغامه على تقديم استقالته، بفعل جملة من الملفات الإشكالية.
وبشأن قرار "إعلان القدس عاصمة لإسرائيل" قال الفقيه الدستوري الدولي الدكتور والمحامي إسماعيل معراف،ردا على ما إذا بالإمكان دستوريا أمريكيا أن يتم الطعن أمام المحاكم الأمريكية ضد القرار.
"بكل وضوح قرار ترامب قابل للطعن أمام المحاكم الأمريكية" أجاب معراف.
وقال معراف:"لكل مواطن أمريكي الحق في الطعن أمام المحاكم الإقليمية الأمريكية بالتالي فإن قرار ترامب قابل للطعن امام المحاكم بموجب شكوى يتم التأسيس لها في القضاء الإداري الأمريكي".
ودعا معراف أي مواطن سواء كان فلسطين أو عربي يحمل الجنسية الأمريكية تحريك دعوى قضائية.
"الأمريكيون من أصل فلسطيني أو عربي يستطيعون الطعن أمام المحكمة الدستورية الامريكية العليا بقرار الكونغرس ثم بقرار ترامب" أضاف معراف.
وتفصيلا لما سبق أكد معراف أن الفرد في أي دولة يعتبر أحد "أشخاص القانون الدولي" وإذا ما انتهك القانون الدولي كما في حالة ترامب فإن اي مواطن يحمل الجنسية الأمريكية يؤسس للطعن بالقرار.
وزارد معراف :"تملك المحكمة العليا سلطة إبطال أي قانون أو قرار لا يتوافق مع الحريات الدستورية الأساسية".
وبحسب معراف فإن المادة الثانية من الفقرة الثالثة من الدستور الأمريكي تنص على أن "السلطة القضائية تمتد الى جميع القضايا وفقا للعدل والقانون الذي تنشأ في ظل الدستور الأمريكي والى جميع القضايا المتعلقة بالسفراء والوزراء العمومين الاخرين."
وفي هذا الجانب دعا معرف المواطنين العرب في أمريكيا الى التأسيس لمثل هذه الطعون وبشكل جماعي لإعطاء زخم كبير لهذه الخطوة على الساحة القضائية الأمريكية.
ومن واشنطن قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة بيبرداين الأمريكية الدكتور خليل جهشان سؤالا يتعلق بالقيمة العملية لمثل هذه الخطوة والطعن بقرار ترامب والذي أكد بدوره أن هناك أرضية قانونية يمكن من خلالها البناء على شكوى ضد قرار ترامب لدى القضاء الأمريكي.
يشار إلى تجربة الأغلبية الجمهورية عام 1998 لتقديم الرئيس كلينتون للمحاكمة، وحصدت غضب واستنكار القواعد الشعبية في الانتخابات التالية نظراً لإخفاق "الأغلبية" في تقديم الحلول العاجلة لقضايا ملحة وانشغالها بملاحقة الرئيس عوضاً عن ذلك.
استناداً إلى تلك التجربة الحية، نستطيع القول إنه من المستبعد نجاح مساعي تقديم لائحة اتهام للرئيس ترامب ضمن الظروف السائدة، والتي قد تستدعي إعادة صياغة للنصوص الراهنة في التعديل الدستوري، والذي يبدو أمراً بعيد المنال.
واستدرك جهشان بالقول "إن القضاء الأمريكي لن يعطي أولوية لمثل هذه الشكاوى فهو ينظر الى ملف القدس والتعامل مع الصراع الفلسطيني الاسرائيلي على أنه تحت صلاحية الإدارة الأمريكية وخارجيتها".
وحول كيفية مواجهة قرار ترامب والتصدى له، قال جهشان إن المرحلة المقبلة صعبة تتطلب جهود دبلوماسية كبيرة، لحشد جهود واسعة بالمجتمع الدولى للوقوف أمام هذا القرار ومحاصرة القرار الأمريكى عن طريق الأمم المتحدة ، وألا تحذو أى دولة حذو الإدارة الأمريكية، وأن يتم تصوير أمريكا على أنها أخذت قرارا منفردا غير قانونى يتجاهل الأعراف والقواعد الدولية ويجب أن تبقى وحيدة فى هذا الإطار.
وبعد المواجهات والاحتجاجات الشعبية ستذهب القيادة أكثر من ذلك باتجاه التحرك في أروقة الأمم المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية.
وكان مندوب فلسطين رياض منصور تقدم بالفعل بشكوى ضد الولايات المتحدة أمام مجلس الأمن الدولي.
فماذا تعني هذه الخطوة لا سيما أن الولايات المتحدة من بين الدول الخمس دائمة العضوية في المجلس.
وفي هذا الصدد يؤكد جهشان أنه ليست كل شكاوى مجلس الأمن تؤدي الى نتيجة.
ومعروف أن المادة (27) من ميثاق الأمم المتحدة تعطي الحق لكل عضو أن يكون لكل عضو من أعضاء المجلس صوت واحد.
وتصدر قرارات مجلس الأمن في المسائل الإجرائية بموافقة تسعة من أعضائه.
وفي المسائل الأخرى تصدر قرارات مجلس الأمن كافة بموافقة أصوات تسعة من أعضائه يكون من بينها أصوات الأعضاء الدائمين متفقة، بشرط أنه في القرارات المتخذة تطبيقاً لأحكام الفصل السادس والفقرة 3 من المادة 52 يمتنع من كان طرفاً في النزاع عن التصويت.
واستخدم البيت الأبيض "الفيتو" أكثر من 80 مرة ضد مشاريع قرارات منذ تاسيس عام .1945
وهذه المرة لن يكون باستطاعة واشنطن الاعتراض أو حتى التصويت على الشكوى التي ستدرج في القريب العاجل على جدول أعمال مجلس الأمن.