شمس ‘‘النشامى‘‘ تسطع بخجل من سماء كمبوديا إلى النهائيات الآسيوية
غيوم كثيرة، تشكلت معها سحب سوداء شاحبة، وهي تحيط بشمس "النشامى" التي سطعت بخجل من سماء كمبوديا، بعد أن بلغ النهائيات الآسيوية التي تقام في الإمارات للمرة الرابعة في تاريخه، بعد الفوز المتواضع على المنتخب الكمبودي المضيف بنتيجة 1-0، سجله منذر أبو عمارة د.17 من عمر المباراة التي جرت على الملعب الأولمبي بالعاصمة، والتي رفع معها المنتخب الوطني رصيده إلى 11 نقطة في صدارة المجموعة الثالثة في إطار منافسات الجولة الخامسة من التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى نهائيات كأس آسيا لكرة القدم، التي شهدت ايضا تعادل فيتنام وأفغانستان بنتيجة 0-0، رفع معها فيتنام رصيده الى 9 نقاط وتأهل هو الأخر، فيما رفع أفغانستان رصيده إلى 3 نقاط، وهو ذات الرصيد الذي يحمله المنتخب الكمبودي.
فرحة يحيطها الكلام
لا شك أن التأهل حمل في طياته الفرح الأردني بتواجد النشامى بين كبار القارة الصفراء للمرة الرابعة في تاريخه، واكمال عقد المنتخبات الوطنية –ناشئون وشباب- إلى النهائيات الآسيوية، باعتباره أهم مكاسب الكرة الأردنية في الموسم الكروي الحالي، ويفتح الباب أمام انطلاقة جديدة للكرة الأردنية بجميع فئات المنتخبات الوطنية، أمام مشاريع النهوض والعودة الى المكان الطبيعي التي يليق بالكرة الأردنية.
صورة باكية، تستعيدها الذاكرة وتفسر في إطارها مصير منتخب النشامى، ويحيطها أول الكلام عن التراجع المخيف الذي أصاب منتخب النشامى، حينما يستذكر الشارع الرياضي المحلي ذكريات الملحق السابق بالطريق إلى البرازيل، ووقوف النشامى أمام نجومية لاعبي الاورغواي في الملحق العالمي بالتصفيات المونديالية المؤهلة الى البرازيل 2014، واليوم ترى منتخبا هشا لا يقدر على مقارعة منتخبات تفوق عليها المنتخب الوطني منذ سنوات خلت، ويكفي أن نستذكر ان المدير الفني الحالي للمنتخب الوطني جمال أبو عابد، لعب في صفوف المنتخب الوطني أمام إحدى هذه المنتخبات، ولاسيما أفغانستان في التصفيات المونديالية لكأس العالم 1994، وهنا يمكن تفسير وملاحظة التراجع الغريب الذي أصاب كرة النشامى.
ويستمر الكلام، والذي لفظته "المستديرة" التي يسحرها ويبهرها أداء منتخب النشامى اليوم، واعادها إلى السقوط المذل في الجولة الماضية أمام أفغانستان بالتعادل 3-3، وهذه الدروس التي يجب أن يعيها المدير الفني الوطني جمال أبو عابد، لصياغة الشكل والتكتيك الذي يليق بالنشامى، وهو ما اراده في تصريحاته منذ استلام المهمة، إلا أن شيئا جديدا لم نلحظه على اداء النشامى أمام كمبوديا، في مباراة تلخصت بين هجوم عقيم للنشامى، ودفاع ليس بالمحكم لمنتخب كمبوديا، والذي فسر عدم قدرة تجاوزه بالاداء الجماعي القوي للنشامى، وغاب عنه ايضا الحلول الهجومية في اطارها الجماعي أو الفردي الناجح، لتنتهي المباراة بهدف وحيد سجل في د.17 من عمر المباراة، ولم تقو كتيبة أبو عابد على زيادة الغلة، رغم أن المنتخب الوطني تفوق على ذات المنتخب بنتيجة 7-0.
والكلام يبقى يدور في دائرة الفرح الباكي لمحبي وجماهير الكرة الأردنية، وهو الذي يؤكد أن المنتخب الوطني بحاجة استعادة عناصر مهمة، غابت عن التشكيل الحالي لظروف متباينة، منها الفني أوما هو خارج عن إرادة الجهاز الفني، وفرضتها ظروف العقوبة المجحفة بحق عدد من نجوم المنتخب ضمن صفوف الفيصلي في الفترة الماضية، وحلقات مفقودة بمفهومها التكتيكي بقيت تظهر في خطوط اللعب بصفوف المنتخب الوطني، وظهرت بقوة على سطح أحداث المباراة، ويكفي أن نذكر منها السيطرة المطلقة التي امتلكها المنتخب الوطني أمام كمبوديا، ولم تسفر إلا عن هدف وحيد طيلة أحداث المباراة.
شارع الهموم
شارع الهموم فرض نفسه بين تفاصيل خطوط لعب المنتخب الوطني، منذ بداية اللقاء أمام كمبوديا أمس، رغم ان التشكيلة التي لعب بها المنتخب الوطني متوازنة إلى حد كبير، بعد أن ثبت يزن العرب، طارق خطاب، فراس شلباية، سالم العجالين في البوابة الدفاعية امام عبد الستار، وتقدمهم رجائي عايد وأحمد سمير في محور ارتكاز وبناء العمليات، وانضم اليهما محمود مرضي، منذر أبو عمارة وياسين البخيت، ليشكل مرضي والبخيت وأبوعمارة، المثلث الهجومي خلف المهاجم بهاء فيصل.
"رحم الله امرأ عرف قدر نفسه"، ذلك المفهوم غلف خيارات مدرب كمبوديا، وهو يوزع أوراقه بطريقة دفاعية بحتة، بتثبيت سوي فيصل، روس سامون، نوب تولا وكريا أمام حارس المرمى سو ياتي، وترك سوك سوفان، اوك سوثي وكيو سوكفنج، يشكلون خطا دفاعيا ثانيا، يتفرع منهما كوش وتشن لتأكيد الدور الدفاعي، والانطلاق خلف المهاجم سوس سوهنا، في ظل تعليمات اكيدة بالإلتزام بالادوار الدفاعية وانضباط بالمراكز والتقدم للهجوم وقت ما اتيح لذلك.
المنتخب الوطني الذي فرض أفضليته، بقي همه وحدة الخطوط وحسن التمركز الذي يثري المنظومة الجماعية، يتلاشى رويدا رويدا أمام التكدس والسواتر الدفاعية التي فرضها الكمبودي، وكان يبعدهم إلى التحضير المطول بدون خطورة فعلية للاختراق من العمق، وقوة ارباك التكدسات الدفاعية وفتح الثغرات، مثل تلك التي ظهرت في قصة الهدف الأول الذي جاء من تمريرة بعيدة لرجائي عايد، تبادل معها شلباية وأبو عمارة الكرة بشكل حائطي، وصلت أبوعمارة الذي وضعها بالمرمى مسجلا الهدف الأردني الوحيد.
عشوائية المنتخب الكمبودي، وتواضع حلوله وغياب المركزية في خطوطه، وقوة مفاتيحه، جاءت نتيجتها على المنتخب الوطني المستحوذ، وجاء عدم استثمار نقاط الضعف في المنظومة الكمبودية، ليفرض حالة رعب وغياب التركيز الذهني وقوة الحلول في الاطار الجماعي والفردي للمنتخب الوطني، حتى ذهبت رأسية بهاء فيصل الى ركنية، اثر عرضية البخيت، ولم يستثمر البخيت الكرة الساقطة خلف الدفاع لتعود رأسيته من عارضة المرمى الكمبودي، وذهبت رأسية بهاء بعد عرضية شلباية بين أحضان حارس المرمى، وتبعه مرضي بعرضية اخرى وجدت رأس بهاء إلا أن سوياتي ردها بهدوء، ليلجأ ابو عمارة الى المجهود الفردي الذي ادخله المنطقة المحرمة، لكنه سدد في احضان حارس المرمى، وبعدها جرب مرضي التسديد البعيد الذي لاقى ذات المصير، وافتقدت تلك الكرات الى المهاجم الذي يخلصها في الشباك، ليظهر المنتخب الكمبودي مرة وحيدة خلال الحصة الاولى، اثر كرة ثابتة نفذها سوس خلصها عبد الستار لركنية.
"كلاكيت مرة ثانية"، استحواذ عقيم ينصب نفسه هما يصاحبه تحركات واداء النشامى الذي امتلك الأفضلية المطلقة، وكانها حصة تدريبية، افتقدت إلى انسجام الخطوط وتلاحمها في اداء الدور المطلوب، والانتهاء بالغزارة التهديفية المطلوبة، ورغم ان المدير الفني أبو عابد طرح أوراقا هجومية، بإشراك مصعب اللحام ويزن ثلجي وخليل بني عطية بدلا من البخيت وابو عمارة ومرضي، إلا أن السيناريو لم يختلف، في ظل غياب الروح المعروفة عن النشامى، وفاعلية الاداء الجماعي والقوة الهجومية، والحلول الناجحة في ادارة الهجمات وانهائها بالشكل الذي يزيد الغلة، وتنتهي كرات بهاء بنفس المصير بين احضان سوياتي، وأن ظهر القائم والعارضة من جديد، بكرتي بهاء فيصل اثر تمريرة فراس، وتسديدة سمير اللاهبة، واخرى بتسديدة مصعب اللحام، إلا أن شيئا جديد لم يحدث، وتأهل المنتخب الوطني بفوز خجول حمل معه النشامى العديد من الهموم الى الجولة التالية من التصفيات الآسيوية، وفرض إيجاد علاجات واقعية قبل المشاركة في نهائيات آسيا بالإمارات.