خبراء يطالبون بتخفيض "قواعد المنشأ" لتعظيم استفادة المملكة
للمرة الثانية على التوالي، تفشل الحكومة والقطاع الخاص في تنظيم منتدى أعمال أردني أوروبي من أجل تعزيز الاستفادة من اتفاق تبسيط قواعد المنشأ، والتي دخلت عامها الثاني بحصاد متواضع، بل هزيل.
الإخفاق الأول كان في عدم تنظيم منتدى بروكسل الذي تم ترحيل أعماله لفرانكفورت، والذي تم تأجيله إلى موعد غير مسمى.
وكانت الحكومة والقطاع الصناعي يعتزمان إقامة منتدى أعمال أردني أوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية الشهر المقبل إلا أن ضعف المشاركة الأردنية دفع إلى تأجيل المنتدى.
وبحسب بيانات صادرة عن غرفة صناعة الاردن وصل عدد المصانع التي كانت ترغب بالمشاركة في أعمال هذا المنتدى إلى 13 مصنعا، لكن سرعان ما انسحبت مشاركات، ليتقلص العدد، قبيل اتخاذ قرار بتأجيله، إلى 6 مصانع.
وليست المرة الأولى التي يتم فيها تأجيل منتدى أعمال أردني أوروبي؛ حيث سبق ذلك تأجيل منتدى الاتحاد الأوروبي الأردني للتجارة والأعمال الذي كان يفترض عقده في بروكسل في كانون الثاني (يناير) الماضي.
مبررات التأجيل في المرة الأولى تعود إلى عدم وجود قائمة بالقطاعات والجهات الأوروبية التي تريد عقد اجتماعات مع الجانب الأردني من أجل بناء ترابطات تحقق الغاية في تبسيط قواعد المنشأ الأوروبية.
الحكومة بالتعاون مع القطاع الخاص تهدف من عقد هذا المنتدى إلى الترويج للصادرات الوطنية، إضافة إلى محاولة إجراء تنسيق بين أصحاب المصانع الأردنية والشركات الأوروبية واستقطاب الاستثمارات داخل المناطق التي شملها الاتفاق.
ووقع الأردن والأوروبيون اتفاقية "تبسيط قواعد المنشأ"، دخلت حيز التنفيذ في تموز (يوليو) 2016 وتستمر حتى العام 2026، بهدف السماح لمنتجات المصانع الأردنية بالدخول إلى دول الاتحاد الأوروبي التي كانت تفرض شروطا قاسية على البضائع الأجنبية المنتجة خارج دول الاتحاد.
واشترطت الاتفاقية على المصانع الراغبة بالاستفادة منها توظيف 15 %، لأول عامين، من العمالة السورية من مجمل العمالة على خطوط الانتاج المخصصة للتصدير إلى أوروبا، على أن ترتفع إلى 25 % كحد أقصى بعد العامين الأولين، وأن تشكل العمالة الأردنية 75 %.
وشمل الاتفاق 18 منطقة ومدينة تنموية وصناعية في أنحاء المملكة كافة، تستطيع أن تصدر حوالي 3 آلاف سلعة للسوق الأوروبية، باستثناء الزراعية والصناعات الغذائية.
ولغاية هذه اللحظة فإن الإنجاز المتحقق من اتفاق تبسيط قواعد المنشأ مع الاتحاد الأوروبي كان متواضعا للغاية؛ حيث ان عدد الشركات التي قامت بالتصدير عبر هذا الاتفاق شركتان فقط بكميات تقدر قيمتها بـ 500 ألف يورو إلى كل من إسبانيا وقبرص من أصل 8 شركات حصلت على تفويض التصدير لأوروبا بعد أن استكملت الشروط منذ دخول الاتفاق حيز التفيذ في تموز (يوليو) من العام الماضي.
وبرر وزير الصناعة والتجارة والتموين، م. يعرب القضاة، تأجيل انعقاد منتدى فرانكفورت إلى تزامن انعقاد المنتدى مع تنظيم جولة للقطاع الخاص، بالتعاون مع الحكومة، إلى 3 دول افريقية (جيبوتي، تنزانيا، كينيا).
وأشار القضاة إلى ان شرط العمالة السورية في اتفاقية تبسيط قواعد المنشأ يشكل عائقا امام القطاع الصناعي لتلبية هذا الشرط، الأمر الذي أدى إلى عدم الاهتمام بفعاليات منتدى فرانكفورت.
وأكد القضاة أن الهدف من عقد المنتدى هو زيادة استغلال الاستفادة من اتفاق تبسيط قواعد المنشأ مع الاتحاد الأوروبي من خلال زيادة الصادرات والاستثمارات.
وبين أن الحكومة تسعى من خلال عقد المنتدى إلى الترويج للصادرات الوطنية، إضافة إلى محاولة إجراء تنسيق بين أصحاب المصانع الأردنية والشركات الأوروبية واستقطاب الاستثمارات داخل المناطق التي شملها الاتفاق.
وقال مدير عام غرفة صناعة الاردن الدكتور ماهر المحروق، إن الغرفة ابلغت وزير الصناعة والتجارة والتموين يعرب القضاة وسفارة الاتحاد الاوروبي بتأجيل المعرض لأسباب وظروف لوجستية تتعلق بضعف المشاركة الأردنية في أعمال هذا المنتدى.
وبين المحروق ان اجراء وتنظيم المنتدى بالتعاون والتسيق بين غرفة صناعة الاردن ووزارة الصناعة والتجارة والتموين، مؤكدا ان قرار التأجيل جاء تجنبا للمشاركة الأردنية بعدد متدن أمام الجهات الأروروبية.
واوضح أن الغرفة قامت بمخاطبة هئية الاستثمار من اجل تقديم دعم للمصانع الاردنية الراغبة بالمشاركة في اعمال هذا المنتدى الا ان الهيئة قامت بالرد على الغرفة بالاعتذار بداعي عدم وجود مخصصات مالية لدعم هذا النشاط.
وحول تواضع الاستفادة من اتفاق تبسيط قواعد المنشأ، قال المحروق إن المصانع الأردنية غير مهيأة للسوق الأوروبية بأي حال من الأحول وعند النظر الى مؤشر الصادرات نجد أن 55 % من الصادرات الوطنية تذهب إلى الدول العربية، وإن هنالك دولا يتم التصدير لها بالآلاف فقط.
وبين ان فتح السوق العراقية دفع بالعديد من الصناعيين إلى الاهتمام بهذه السوق على حساب أسواق اخرى بحكم وجود اعتقاد بأن علميات التصدير ستعود الى سابق عهدها في وقت قصير.
وأوضح أن عمليات التصدير إلى دول الاتحاد الاوروبي ليست بالأمر السهل كونه سوقا جديدة يتطلب التعريف بالمنتج الوطني وبرامج لتدريب المصدرين على كيفية تحقيق متطلبات واحتياجات السوق الأوروبية.
ولفت إلى أن الغرفة، بالتعاون مع الحكومة الهولندية، ستعمل على إطلاق برنامج لتدريب الأردنيين وسيتم اختيار 25 مصنعا لتأهيلهم للدخول إلى الأسواق الاوروبية؛ حيث سيتم العمل معهم من نقطة البداية للتعرف على معيقات التصدير والسعي إلى حلها.
وأشار المحروق إلى أن الجهود الحكومية والقطاع الخاص مبعثرة ولا توجد خطة واضحة؛ حيث تم تشكيل لجنة من وزارة التخطيط والتعاون الدولي ووزارة الصناعة والتجارة والتموين وهيئة الاستثمار وعقدت اجتماعا مرة واحدة فقط.
وقالت عضو غرفة صناعة الزرقاء، دينا جاك خياط، إن ضعف الاهتمام بالمشاركة بمنتدى فرانكفورت يعود إلى غياب الدعم الحكومي لمشاركة المصانع، خصوصا وأن أكثر من 95 % من المصناع شركات صغيرة ومتوسطة.
وبينت خياط، التي تشغل ايضا منصب نائب رئيس جمعية منتجي ومصدري الألبسة، أن غياب المعلومة عن الجهات والقطاعات المشاركة في أعمال المنتدى من جانب شركات دول الاتحاد الأوروبية يعتبر أيضا أحد الأسباب في الرغبة في المشاركة في أعمال هذا المنتدى.
وأكدت أن عدم تحديد القطاعات التي ستشارك في أعمال المنتدى من قبل الأردن ودول الاتحاد الاوروبي يعكس غياب التنسيق لتحقيق وتعزيز فرص الاستفادة من تبسيط قواعد المنشأ.
وانخفضت قيمة الصادرات الوطنية إلى دول الاتحاد الأوروبي خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي بنسبة بلغت حوالي 5 % لتصل الى 68.9 مليون دينار بدلا من 72.4 مليون دينار مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وكانت غرفة صناعة الأردن، دعت في كتاب موجه إلى وزير الصناعة والتجارة والتموين يعرب القضاة، إلى ضرورة إعادة النظر بشكل جديد وعاجل باتفاق تبسيط قواعد المنشأ مع الاتحاد الأوروبي في ظل تواضع الاستفادة من هذا الاتفاق ومرور أكثر من عام على دخوله حيز التنفيذ.