وأوصت الدراسة بإعادة النظر باستمرار تطبيق برامج صندوق النقد الدولي للمرحلة المقبلة، والعمل على إيجاد خطط اقتصادية وطنية بديلة، وتحديد أولويات الإصلاح التشريعي للقوانين الاقتصادية والانطلاق منها نحو وضع أهداف على المستوى القطاعي والجزئي قابلة للقياس لزيادة الشفافية والمساءلة.
كما أكدت ضرورة تحديد حجم الإصلاح المطلوب وزخمه بدقة وخاصة في مجالي المالية العامة؛ والقطاع الخارجي، المحددة في خطط الإصلاح الوطني بدقة، ومراجعة الأطر العامة لهذه الأهداف للتأكد من اتساقها وقدرة المملكة على المُضي قُدّما بتنفيذها.
ودعت الدراسة الى إجراء مراجعة شاملة لقانون ضريبة الدخل ليس فقط بهدف زيادة إيرادات المالية للدولة، وإنما لتحقيق العدالة الاجتماعية وخاصة وقف التهرب الضريبي، وتحفيز النمو الاقتصادي مؤكدة على ضرورة الاستفادة من تجارب الدول الأخرى في عملية الإصلاح الاقتصادي الناجحة بعد خروجها من برامج الصندوق، من خلال اجراء اصلاحات هيكلية على القطاع العام والموازنة العامة بشكل خاص.
وأشارت الدراسة إلى أنّ البرنامج الأخير للحكومة مع صندوق النقد الدولي يركز على استدامة الأوضاع المالية العامة والدين العام دون الإلتفات إلى تنافسية المملكة وزيادة فرص الاستثمار الاجنبي في المملكة الأمر الذي سيقلل من فرص تحقيق الافتراضات التي بُني عليها هذا البرنامج.
وأضافت الدراسة التي جاءت بعنوان "برامج صندوق النقد الدولي (الأردن) 1989-2016 النتائج والدروس المستفادة" أنّ الحكومة هدفت من خلال تطبيق برامج صندوق النقد الدولي إلى إعادة الاستقرار الكلي للاقتصاد والمحافظة عليه، إضافة إلى تصحيح الاختلالات الهكيلية فيه وبخاصة في مجال المالية العامة وتوفير التمويل اللازم للقيام بهذه الإصلاحات".
إلا انّ أهداف هذه البرامج لم تحقق أهدافها مثل: زيادة معدلات النمو الاقتصادي؛ وتخفيض معدلات التضخم؛ ومعالجة الاختلالات الهيكلية المزمنة في المالية العامة.
وأشارت الدراسة إلى أنّ معدلات النمو الاقتصادي ارتفعت بشكل كبير في 1992 ، وبلغت هذه المعدلات حوالي 14 % نتيجة زيادة حجم الاستثمارات الناجمة عن العائدين من الكويت، كما تحسن أداء الاقتصاد بعد العام 2004 تحسنا ملحوظا في العديد من المؤشرات الاقتصادية الكلية، وبالأخص في النمو الاقتصادي، إذ نما الناتج المحلي الحقيقي للمملكة بمتوسط 7.9 % خلال الفترة (2005-2008) نتيجة ارتفاع حجم الاستثمارات العراقية في المملكة ،ومدفوعا بزيادة الطلب العالمي على السلع والخدمات الأردنية، واسترداد الثقة بالدينار الأردني بعد ربطه بالدولار في منتصف التسعينيات.
وقالت الدراسة "لا تتوافر في جميع برامج الصندوق سياسات اقتصادية ذات بعد تنموي؛ إذ تركز على الإصلاح المالي في الموازنة العامة والقطاع النقدي بشكل رئيس".
وذكرت الدراسة " لم تلتفت العديد من الخطط الاقتصادية حتى العام 2004 إلى المخاطر التي قد تنجم عن انخفاض حجم المساعدات الخارجية المستلمة على الاقتصاد الكلي في حين تم الأخذ بالحسبان أثر الارتفاع/ الانخفاض في حجم المساعدات الخارجية المستلمة على الأداء المالي للحكومة ضمن الشروط التي يتم الاتفاق عليها في برامج الأردن مع الصندوق للأعوام (2012-2015) و 20016-2019".
وقالت الدراسة "لم تتضمن برامج صندوق النقد الدولي حلولاً واستراتيجيات طويلة"؛ نظراً لجمود بعض بنود الانفاق الحكومي، مثل: الأجور؛ والرواتب؛ والتقاعد بل ركزت على التقنين من حجم الزيادات في هذه البنود، ما أدى إلى استمرار المشكلات الهيكلية في بنود الانفاق الحكومي حتى تاريخه.
وأضافت " لم يتضمن برنامج الصندوق مراجعة للسياسات التجارية الحالية وسياسات تشجيع الصادرات المتبعة، مع أنه يركز على التقليل من الاختلالات الهيكلية المتمثلة بارتفاع عجز الحساب الجاري، ما يؤكد أن البرنامج الحالي الذي تم تبنيه بالاتفاق مع الصندوق، يركز على وضع أهداف كمية قطاعية لا تلتفت إلى الإطار الكلي للاقتصاد الوطني والأطر التشريعية الناظمة له".
وأشارت الدراسة الى أنّ البرنامج الأخير للحكومة مع صندوق النقد الدولي يركز على استدامة الأوضاع المالية العامة والدين العام دون الالتفات إلى تنافسية المملكة وزيادة فرص الاستثمار الاجنبي في المملكة إذ ركزت معظم الإجراءات على رفع حصيلة الإيرادات الحكومية بشكل كبير، ما يقلل من تنافسية المملكة مقارنة مع الدول المجاورة لها، وبخاصة دول الخليج العربي، الأمر الذي سيقلل من فرص تحقيق الافتراضات التي بُني عليها هذا البرنامج، وبخاصة زيادة حجم استثمارات القطاع الخاص (المحلية؛ والأجنبية) لدفع عجلة النمو الاقتصادي.
وأكدت الدراسة أنّ برامج الصندوق لا يمكن اعتبارها بديلا عن الخطط الاقتصادية الوطنية التي تهدف إلى زيادة النمو الاقتصادي، ورفع مستويات التنمية في المحافظات.
وذكرت الدراسة أن الاقتصاد الأردني تأثر، ومنذ الأزمة الاقتصادية في أواسط الثمانينيات، بالظروف الاقتصادية والسياسية والإقليمية، ففي الفترة التي تم البدء بها بتنفيذ برنامج الصندوق العام 1989، اندلعت أزمة الخليج الثانية باحتلال العراق للكويت والتي أدت إلى عودة أكثر من ربع مليون أردني من الخليج بعامة والكويت بخاصة، ما كان له أثر إيجابي على الوضع الاقتصادي في الأردن، نتيجة استثمارات العائدين من الكويت.
كذلك، وبعد احتلال العراق في العام 2003 شهد الأردن هجرة كبيرة للعراقيين، وكان جزء ليس بسيطا منهم من أصحاب رؤوس الأموال، الأمر الذي أثر إيجابيا أيضا على النمو الاقتصادي، وبخاصة في بعض القطاعات لكن النزاعات المحلية والإقليمية، ولا سيما الصراع الداخلي في سورية والعراق، كان لها تأثير سلبي؛ إذ استقبل الأردن أعدادا كبيرة من اللاجئين السوريين ، وكان لإغلاق الحدود مع سورية والعراق أثر كبير وسلبي على الصادرات الأردنية لهذين البلدين، فقد كان الأردن معبر ترانزيت لهذين البلدين باتجاه الدول الأخرى.