مواجهات واسعة ومظاهرات غاضبة تعم الأراضي الفلسطينية المحتلة

شكلت الذكرى الـ35 لمجزرة صبرا وشاتيلا، العنوان الأبرز للمظاهرات التي عمت مختلف الأراضي الفلسطينية المحتلة يوم امس.
اذ تداعت احداث المجزرة التي استمرت ثلاثة أيام، وحصدت أرواح ما يزيد على 3500 شهيد، ونفذت بأوامر مباشرة من الجزار أريئيل شارون، وبأيدي عصابات لبنانية في تلك الأيام، إلى ذاكرة الفلسطينيين وهم يواجهون قوات الاحتلال الإسرائيلي في العديد من المدن والبلدات الفلسطينية، مؤكدين استمرار مسيرتهم على الرغم من المجازر والقتل اليومي والإبعاد ومصادرة الأراضي، نحو القدس عاصمة لدولتهم.
وشهدت الضفة الفلسطينية المحتلة أمس سلسلة مسيرات انتهت بمواجهات، أحيت الذكرى. في الوقت الذي شهدت فيه مدينة الخليل مواجهات لتفض مسيرة شعبية، ضد إقامة "بلدية" لعصابات المستوطنين الإرهابية في المدينة.
وقد وضع جيش الاحتلال الإسرائيلي الغازي يومها للأراضي اللبنانية، وباشراف وتعليمات مباشرة من الجزار شارون، ورئيس أركان اجيشه رفائيل ايتان، تفاصيل ارتكاب المجزرة، التي بدأت بفرض طوق من جيش الاحتلال على مخيمي صبرا وشاتيلا، لإفساح المجال أمام عصابات لبنان لاقتحام المخيمين، وارتكاب المذبحة، وتم إنزال مئات المسلحين بذريعة البحث عن مقاتلين فلسطينيين. ولم يكن في المخيم سوى الأطفال والشيوخ والنساء وقام المسلحون بقتل النساء والأطفال، مستخدمين كل أنواع الأسلحة، وبضمنها الأسلحة البيضاء. وكانت معظم الجثث في شوارع المخيم، ومن ثم دخلت الجرافات الإسرائيلية لجرف المخيم وهدم المنازل لإخفاء الجريمة.
وقال مقال سياسي في وكالة "وفا" الفلسطينية للأنباء، إن المجزرة "نفذت انتقاما من الفلسطينيين الذين صمدوا في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية طيلة ثلاثة أشهر من الحصار، الذي انتهى بضمانات دولية بحماية سكان المخيمات العزل، بعد خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت، لكن الدول الضامنة لم تفِ بالتزاماتها وتركت الأبرياء يواجهون مصيرهم قتلا وذبحا وبقرا للبطون".
"وهدفت المجزرة إلى بث الرعب في نفوس الفلسطينيين لدفعهم إلى الهجرة خارج لبنان، وتأجيج الفتن الداخلية هناك، واستكمال الضربة التي وجهها الاجتياح الإسرائيلي العام 1982 للوجود الفلسطيني في لبنان، وتحريض الفلسطينيين على قيادتهم بذريعة أنها غادرت لبنان وتركتهم دون حماية".
وضج العالم يومها بهول الجريمة الإرهابية، وفرضت الأجواء العالمية نفسها على الشارع الإسرائيلي، الذي شهد بعد أيام من تلك المجزرة، أكبر مظاهرة شهدتها إسرائيل حتى ذلك العام، حوالي نصف مليون شخص، تطالب برحيل حكومة مناحيم بيغين، ومحاسبة وزير الحرب أريئيل شارون. واضطرت حكومة بيغين الى تشكيل لجنة تحقيق رسمية، اعترف في مداولاتها، البائد شارون بمسؤوليته عن المجزرة. ومن توصيات اللجنة إبعاد شارون عن أي مسؤولية أمنية لسنوات طوال.
على المستوى الإسرائيلي، فقد تكشف لرئيس حكومة الاحتلال في حينه مناحين بيغين، أن شارون خدع الحكومة بأهداف الحرب على لبنان في العام 1982، فغادر منصبه فورا، ودخل إلى بيته، مصابا بحالة إحباط مرضية، عايشها لحوالي 10 سنوات حتى مماته.
وعلى الصعيد الميداني، فقد شهدت مدن وبلدات الضفة مسيرات لإحياء ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا، من بينها مسيرة بلدة نعلين غرب محافظة رام الله والبيرة، الأسبوعية المناهضة للاحتلال وجدار الاستيطان، وشارك فيها أهالي القرية ومتضامنون أجانب وإسرائيليون، ورفعوا الشعارات التي تحيي الذكرى.
كما كانت الذكرى عنوانا لمسيرة كفر قدوم الأسبوعية، في منطقة قلقيلية، التي قمعتها قوات الاحتلال، بوضع المتاريس وأغلقت الطريق نحو الشارع الرئيس للقرية المغلق منذ 14 عاما.
وعلى صعيد المواجهات، فقد قمعت قوات الاحتلال ظهر أمس، مسيرة شعبية انطلقت بعد صلاة الجمعة من مسجد الشيخ علي البكاء باتجاه البلدة القديمة من الخليل. وجاءت المسيرة والتي دعت إليها اللجنة الوطنية لرفع الإغلاق عن الخليل، على خلفية قرار وزير الحرب بتشكيل مجلس محلي لإدارة شؤون المستوطنين في البؤر الاستيطانية في البلدة القديمة في مدينة الخليل. وهي بؤرة تضم أخطر عناصر الإرهاب من المستوطنين. وأطلقت قوات الاحتلال قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع على المشاركين بالمسيرة لمنعهم من الوصول إلى منطقة باب البلدية القديمة حيث توجد البؤر الاستيطانية.
كم أصيب عدد من المتظاهرين أمس، بالاختناق خلال مواجهات مع الاحتلال عقب اقتحامها بعض المنازل في بلدة بيت أمّر شمال الخليل.
وقال الناشط الإعلامي محمد عوض، إن قوات الاحتلال الإسرائيلي اقتحمت منطقتي الطربيقة والبياضة وسط البلدة، وفتشت منازل المواطنين: إبراهيم صبري عوض، ومحمود عبدالله عوض، وإبراهيم عياد، واعتلت سطح منزل المواطن عبدالقادر محمود اخليل. واندلعت مواجهات خلال الاقتحام بين الشبان والفتية وقوات الاحتلال التي أطلقت قنابل الغاز السام، ما أدى إلى إصابة عدد منهم بالاختناق وتم إسعافهم ميدانيا.