سوق النفط الخام تظهر قوة تحمل تتجاوز الذروة الموسمية
تدخل أسواق براميل النفط الخام المادية، التي تصل حتى سلطة عُمان وكولومبيا، في الوقت الراهن، مرحلة قوة تتجاوز الذروة الموسمية التقليدية من ناحية الطلب، ما يعد بمثابة مؤشر إيجابي بالنسبة لأسعار العقود المستقبلية العالمية التي ما تزال عالقة بالقرب من سعر 50 دولارا للبرميل.
وقد تعززت الاختلافات المادية -فجوة السعر بين الدرجات الفردية للنفط الخام والمؤشرات التي يتم الاتجار بها على نطاق واسع مثل خام برنت أو غرب تكساس الوسيط- خلال الأسبوعين الماضيين، وفقاً لبيانات جمعتها "بلومبيرغ".
والأمر نفسه صحيح حتى بالنسبة للبراميل المراد شحنها في أواخر أيلول (سبتمبر) وتشرين الثاني (نوفمبر) المقبلين، اللذين يشكلان بحكم العادة فترة ضعف في الطلب بسبب صيانة المصافي الموسمية.
وفي هذا الخصوص، قال كبير محللي النفط في "إنيرجي آسبيكت" الاستشارية، مارتيا سن: "يبدو التحسن الذي طرأ على سوق الخام المادية وأنه سيواصل إلى ما هو أبعد من موسم الطلب الصيفي الاعتيادي".
وعلى الرغم من أن الأسعار النسبية لخامات مثل "فوركادوس" النيجيرية و"إيكوفيسك" النرويجية بالكاد تدخل حيز نقاش الصناعة النفطية، فذلك لا يعني أنها ليست مؤشرات في غاية الأهمية.
وفي حين أن صناديق التحوط -أو المضاربين الآخرين- يميلون إلى استخدام العقود الآجلة أو الاختيارية للمراهنة على اتجاه الأسعار في الشهور أو الأعوام المقبلة، تقول الاختلافات المالية المزيد عن وضع السوق العالمية في الوقت الراهن.
ويعد تضييق التخفيضات، أو الأقساط المتزايدة، لدرجات معنية، علامة إيجابية بالنسبة للنفط الخام.
وكانت السوق المادية الأميركية، أو السوق النقدية بكلمات أخرى، قوية بشكل خاص بسبب الاستهلاك المحلي المرتفع في ممر تكرير النفط في خليج المكسيك، وشراء الخام المخصص لغايات التصدير. وارتفعت أسعار خام غرب تكساس الوسيط الذي تم تسليمه إلى محطة "ميغلان هيوستن الشرقية" يوم الخميس الماضي، إلى أفضل سعر له في سنة، عند 3.15 دولار للبرميل فوق سعر مؤشر الدرجة.
وكان السعر الاعتيادي لا يتعدى الـ1.60 دولار في بداية الشهر الحالي.
ويتاجر غرب تكساس الوسيط بسعر غير اعتيادي أيضاً في ميدلاند، تكساس؛ حيث نشأت الدرجات والتصنيفات وبالتالي يكون في الغالب أرخص ثمناً هناك.
في حين وصل سعر خام لويزيانا إلى 3.15 دولار للبرميل فوق غرب تكساس الوسيط، ليسجل بذلك أقوى سعر منذ شباط (فبراير) العام الماضي، ومرتفعاً من 2.30 دولار للبرميل في بداية الشهر الحالي.
وتعززت إمدادات الخام الأميركية ذات الجودة المنخفضة بدورها أيضاً بحيث يتم تبادل خام منحدر آلاسكا الشمالي، الذي ضربته الندرة نسبياً خلال الصيف في ضوء اعتماد المنتجين على الطقس الجيد للقيام بأعمال الصيانة، عند 3.44 دولار للبرميل فوق خام غرب تكساس الوسيط، ما يشكل ارتفاعاً جيداً لعامين متتاليين.
وارتفع خام غرب تكساس الوسيط العكر إلى سعر جيد لأول مرة في عام واحد وخلال يوم الجمعة الماضي، وارتفع سعر خام "غرين كانيون" إلى 30 سنتا فقط خلف السعر المعياري.
وتعود قوة الخام الشرق الأوسطي إلى مواصلة منظمة "الأوبك" تخفيضات الإنتاج، وتمتع المصافي الآسيوية بهوامش أرباح جيدة، ويقال إن نفط سلطنة عُمان عند 10 سنتات للبرميل بالمقارنة بسعر دبي المعياري.
وتلقى سوق نفط بحر الشمال دعمه من التجار الذي يحجزون الشحنات ذات الوجهات النادرة، بما فيها شحنات خام "إيكوفيسك" المتجهة إلى التشيلي، وخام برنت المتجه إلى الأوروغواي، و"فورتيز" المتجه إلى تايلاند. في حين تنخفض الكميات الضخمة من النفط المخزنة في الناقلات العائمة -والتي تمثل عادة إشارة إلى فرض المعروض.
وارتفع "فوركادوس"، أكبر تيار خام نفط نيجيري، إلى 84 سنتا فوق برنت، وهو أعلى سعر له منذ كانون الأول (ديسمبر) العام 2015.
الشكوك المتواصلة
ربما تكون الأسواق قوية في الوقت الراهن، لكن هناك العديد من الأسباب للشك في أنها ستواصل على هذا النهج.
وسجلت مصافي الولايات المتحدة، أكبر مستهلك عالمي، رقم 17.6 مليون برميل يومياً تقريباً الأسبوع الماضي وفي حال استمرت الأنماط الموسمية على هذا المنوال، سوف ينخفض الطلب الأميركي إلى 16.5 مليون برميل يومياً بحلول أوائل أيلول (سبتمبر) المقبل.
وفي هذا السياق، قال أحد محللي "بروكيج بي إم في أويل أسوسييت"، وهو تاماس فارغا: "بينما يمضي موسم الريادة الأميركية إلى نهايته، ستدخل المصافي بدورها موسم الصيانة المخصص لها".
ويخشى تجار النفط أيضاً قضية أن أسس الطلب والعرض الخاصة ببدايات العام المقبل تبدو ضعيفة نوعاً ما وهذا يمكن أن يفسر السبب خلف مضي برنت وغرب تكساس الوسيط للدخول في الأسبوع الثالث على التوالي من الانخفاض، رغم رفع التجار شحناتهم النفطية.
وبحسب مايك ويتنر، رئيس أبحاث سوق النفط في "سوسايتي جينيرال إس إيه": فإن أسس النفط "قوية الآن، لكن موسم الهبوط للخام ومنتجاته قريب جداً