صندوق النقد الدولي يرفع توقعاته للنمو العالمي
يعتبر نيسان (إبريل) الشهر الأشد قسوة بطبيعته، بوصفه يحاول زراعة الزنابق في الأرض الميتة، وفي واشنطن العاصمة، تأخذ التوقعات منحنى مرحا يبدو أكثر تفاؤلا من الواقع. لقد أصدر صندوق النقد الدولي في الأسبوع الماضي تقريره النصف سنوي لـ"آفاق الاقتصاد العالمي، رافعا توقعاته للنمو العالمي إلى 3.5 % في العام الحالي.
ولم تتغير توقعات الصندوق للعالم الناشئ تقريبا. وفي هذا السياق، يستند تفاؤل الصندوق بخصوص النمو في العالم بدلا من ذلك إلى آمال ارتفاع النمو في العالم الثري. ويتخذ الصندوق نظرة وردية تجاه الاقتصاد الأميركي بواقع الحال، مشيرا إلى مزيد من ثقة المستهلك وخطة ترامب الرامية إلى رفع الإنفاق الحكومي. وفي بريطانيا يرى صندوق النقد أن الناتج المحلي الإجمالي سوف يرتفع بنسبة 2 % في العام الحالي، رافعا بذلك من توقعاته السابقة التي وقفت عند 1.5 % في شهر كانون الثاني (يناير) و1.1 % في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، كما ورفع الصندوق توقعاته الخاصة باليابان ومنطقة اليورو أيضا.
وفي الحقيقة، يشير اقتصاديون إلى أن توقعات صندوق النقد الدولي كانت وما تزال تبعد كل البعد عن كونها مثالية. وهناك بعض مواطن الخلل التي يمكن تقبلها. ففي ربيع العام 1990، توقع الصندوق أن ينمو الاقتصاد الكويتي بنسبة 0.8 % لذلك العام. ولكنه في الواقع انهار بنسبة 26 %. ولم يأخذ نموذج الصندوق ضمن اعتباراته اجتياح العراق أيضا إذا أخذنا الأمر من هذا المنظور.
ولكن بعض أخطاء الصندوق لا يمكن تفسيرها بسهولة من جهة أخرى: ففي الفترة الممتدة بين العامين 1990 و2007، قللت توقعات الصندوق من النمو العالمي في 13 من السنوات الـ18، ما عاد في جزء منه إلى فشله في توقع النهوض القوي للصين.
ومع ذلك، منذ الأزمة الاقتصادية العالمية، أصبح يتحتم على الصندوق تنقيح توقعاته على مرور الوقت ولكل العام عقب 2010. لكن توقعات الربيع الخاصة بالصندوق كانت "فوق المتفائلة" في السنوات الثلاث الماضية.
وفي هذا الخصوص، اعترفت رئيسة الصندوق كريستين لاغارد مؤخرا بأن النمو الاقتصادي في السنوات الست الأخيرة كان "مخيبا للآمال"، لكنها ثبتت على رأيها بأنه كان يمضي في طريق التغيير. ولذلك، جاءت توقعات صندوقها للناتج المحلي الإجمالي العالمي إيجابية –وإن كان ذلك فقط بنسبة عشرية صغيرة إضيفت إلى نسبة النمو المتوقعة السابقة.
وربما يواصل الاقتصاد العالمي تراجعه لعدد من الأسباب بطبيعة الحال. بحيث تخشى السيدة لاغارد أن يعاني العالم الثري "إصابات ذاتية" من خيارات السياسة الضعيفة، خاصة على صعيد التجارة. وما يزال عدم اليقين السياسي يزداد كذلك، فقبل ساعات من إصدار الصندوق تقريره الأخيرة ظهرت الأخبار المفاجئة التي تتعلق بالانتخابات وشيكة البدء. وبالكاد تساعد الأمور المعروفة غير المأخوذة بالاعتبار عمدا أيضا. فعلى سبيل المثال، تبعد سياسات الرئيس ترامب كل البعد عن كونها خططا ثابتة حازمة –فيما يسميها موريس أوبتسفيلد، كبير الاقتصاديين في صندوق النقد، بـ"العمل الجاري" لا أكثر.