جراءة نيوز- عمان : يحتفل الأردنيون اليوم الخامس والعشرين من أيار (مايو) بالعيد السادس والستين لاستقلال المملكة، مستذكرين محطات المسيرة المظفرة والمفعمة بالعمل الجاد والمتواصل والناجزة بسواعد أبناء الأردن وبناته ومتمسكين بثوابت الدولة الأردنية المستندة إلى دستورها، دولة عربية إسلامية نظام الحكم فيها نيابي ملكي وراثي، يصونون فخر انجازاتهم ويتطلعون للغد الأكثر إشراقا وإصلاحا بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين.
احتفال الأردنيين بيوم الاستقلال
قبل ستة وستين عاما، وفي مثل هذا اليوم كانت عمان وسائر مدن المملكة على موعد مع فرح النصر والعز، فازدانت شوارعها بالاعلام الأردنية والعربية وردد الأردنيون اهازيج وطنية نسجوا كلماتها تيمنا بالخير وابتهاجا بالحدث المهيب، فها هي امانيهم وآمالهم تتحقق، وها هم يرون وطنهم يبنى وتعتلي راياته بسواعد أردنية خالصة.
القرار التاريخي المرصع بالتاج الهاشمي والموشح بالتوقيع الملكي السامي، خطت كلماته بعناية، ففيه أراد الأردنيون أن يكون إعلان استقلال بلادهم محققا للاماني القومية وعاملا بالرغبة العامة التي أعربت عنها المجالس البلدية الأردنية في قراراتها المبلغة إلى المجلس التشريعي واستناداً إلى حقوق البلاد الشرعية والطبيعية وجهادها المديد وما حصلت عليه من وعود وعهود دولية رسمية.
في نص القرار التاريخي جاء: وبناء على ما اقترحه مجلس الوزراء في مذكرته رقم 521 بتاريخ 13 جمادى الاخرة 1365هـ الموافق 15 ـ 5 ـ 1946 م فقد بحث المجلس التشريعي النائب عن الشعب الأردني امر اعلان استقلال البلاد الأردنية استقلالاً تاماً على اساس النظام الملكي النيابي، مع البيعة بالملك لسيد البلاد ومؤسس كيانها (عبدالله بن الحسين المعظم)، كما بحث أمر تعديل القانون الأساسي الأردني على هذا الأساس بمقتضى اختصاصه الدستوري، ولدى المداولة والمذاكرة تقرر بالاجماع اعلان البلاد الأردنية دولة مستقلة استقلالاً تاماً وذات حكومة ملكية وراثية نيابية والبيعة بالمُلك لسيد البلاد ومؤسس كيانها وريث النهضة العربية عبدالله بن الحسين المعظم بوصفه ملكاً دستورياً على رأس الدولة الأردنية بلقب حضرة صاحب الجلالة عبد الله بن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية.
المحطة الأولى للثورة العربية الكبرى
حمل جلالة الملك عبدالله المؤسس طيب الله ثراه راية الثورة العربية الكبرى التي ارتفعت في العاشر من حزيران (يونيو) العام 1916 بقيادة المغفور له الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه لترتفع عاليا في سماء المجد في معان المحطة الأولى لوصول الأمير عبدالله في الحادي والعشرين من تشرين الأول (اكتوبر) العام 1920 حين بايع الأحرار العرب سموه وعاهدوه على العمل من أجل الاستقلال وبقاء راية الثورة العربية خفاقة عالية كما هي مبادؤها وأهدافها.
يشير الاحصاء المتوفر عن عدد سكان إمارة شرق الأردن العام 1938 إلى أنه كان نحو 300 الف نسمة بينهم 260 ألفا من العرب المسلمين وثلاثون ألفا من العرب المسيحيين وعشرة آلاف من الشركس وقدر عدد سكانها في العام 1945 بأربعمائة ألف نسمة.
في الثاني من آذار (مارس) العام 1921 بدأت مرحلة مهمة من تاريخ الأردن بوصول الأمير عبد الله إلى عمان، وفي نيسان (أبريل) تشكلت أول حكومة في شرق الأردن سمي رئيسها الكاتب الاداري وهو يرأس مجلس المشاورين المؤلف من: رشيد طليع رئيسا، ونائب العشائر الأمير شاكر بن زيد، وقاضي القضاة محمد خضر الشنقيطي، ومشاور العدلية والصحة والمعارف مظهر رسلان، ومشاور الأمن والانضباط علي خلقي، ومشاور المالية حسن الحكيم، ومعاون نائب العشائر أحمد مريود.
في 25 أيار(مايو) 1923 أعلن استقلال شرق الأردن في حفلة رسمية، ووقع الأردن على اتفاقية مع بريطانيا في العشرين من شباط (فبراير) 1928 مثلت الاعتراف الكامل بالدولة الأردنية وتغيير اسمها من حكومة الشرق العربي إلى إمارة شرق الأردن.
فلسطين والقدس..القضية المركزية
في حرب النكبة العام 1948 دافع الأردنيون عن القدس والأراضي الفلسطينية، وحددت مهام الجيش الأردني بالزحف نحو رام الله والقدس، فدافع الجيش العربي المصطفوي ببسالة وبقيادة الملك المؤسس الذي قال في اليوم التالي للنكبة بعد أن عقد مجلس الوزراء جلسة بالديوان الملكي "أريد منكم تأليف مجلس وصاية على العرش لأنني أريد أن اتولى بنفسي قيادة القوات في القدس، انني لا اطيق البقاء على قيد الحياة اذا سقطت القدس وانا اتفرج".
وأبدى أهالي فلسطين رغبتهم بالانضمام إلى المملكة بهدف تقوية جبهتهم الداخلية لوجود كيان سياسي معترف به يدافع عن حقوقهم، وتم عقد مؤتمر في أريحا ضم زعماء القدس، الخليل، بيت لحم، رام الله، والوجهاء وتمت المناداة بالوحدة الأردنية -الفلسطينية، ومبايعة الملك عبد الله ملكاً على فلسطين والأردن، وعقد مؤتمر آخر في نابلس والمناطق التابعة لها في 28/ 12 / 1948 واتخذ نفس القرار بمبايعة الملك عبد الله ملكاً دستورياً على فلسطين والأردن.
في الرابع والعشرين من نيسان (ابريل) العام 1950 أعلن مجلس الامة وحدة الضفتين، وفي أول خطاب للملك المؤسس تلي في مجلس الأمة وقد جمع ضفتي الأردن. قال طيب الله ثراه:" على أن إبرام أمر الوحدة وقد تم فعلا باجماع هذا المجلس الموقر الممثل للضفتين مع عدم المساس بالتسوية النهائية التي تحق حق العرب في امر فلسطين سيعزز في الواقع دفاع الامة الواحدة عن عدالة قضيتها".
في نيسان (أبريل) العام 1950 تشكلت أول حكومة أردنية برئاسة سعيد المفتي بعد وحدة الضفتين الغربية والشرقية، وتكونت الحكومة من 11 وزيرا.
كان السابع من شباط (فبراير) العام 1999 يوم حزن وامل عند الأردنيين، وسمّاه الأردنيون بيوم الوفاء والبيعة، الوفاء للملك الحسين باني الأردن الحديث والبيعة لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين معقل الأمل والرجاء ووريث العرش الهاشمي ومعزز الإنجاز وحامي حمى الأردن العظيم.
عهد الإنجاز والإصلاح بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني
في خطاب العرش السامي لجلالة الملك عبدالله الثاني في الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) العام 1999 اختتم جلالته خطابه بالآية الكريمة "إن أريد إلا الاصلاح ما استطعت، وما توفيقي الا بالله عليه توكلت وإليه انيب"، ليكون الاصلاح بكل مجالاته عنوان العهد الجديد.
وفي التاسع عشر من شباط (فبراير) الماضي وخلال لقاء جلالته رئيس واعضاء مجلس النواب أكد جلالته "أننا قطعنا خطوات مهمة على طريق الإصلاح، ولن نتوقف ولن نتراجع ولن نسمح لأي أحد، أو أي جهة أن تعيق هذه المسيرة أو أن تنحرف بها عن مسارها الصحيح وأهدافها الوطنية النبيلة".
وقال "نحن قادرون على تجاوز هذه المرحلة الدقيقة والظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الوطن بعون الله، كما تجاوزنا كل التحديات التي واجهناها في السابق، اذا عملنا بروح الفريق الواحد".
ونذر جلالته نفسه لخدمة الشعب الأردني الوفي، فكان الوعد الصادق يترجم على مدى الثلاثة عشر عاما الماضية، وعد قائد بادله شعبه بالحب والوفاء وتحتفظ ذاكرة الوطن بكلمات خطاب العرش الأول لجلالته الذي القاه أمام مجلس الامة حين قال: "وقد استقر في الضمير والوجدان منذ اللحظة الأولى، التي أكرمني الله فيها، بشرف أمانة المسؤولية الأولى في الأردن العزيز، إني نذرت نفسي لخدمة الشعب الأردني الوفي، العربي الوجه والضمير والرسالة والذي اعتز بالانتماء إليه، وأفاخر الدنيا بأصالته وقدرته على مواجهة التحديات والصعاب، والحرص على النهوض بالواجب، دفاعا عن قضايا أمته، وإسهاما في صياغة مستقبلها، الذي يليق بتاريخها، ورسالتها الانسانية والحضارية العظيمة".
وفي خضم ما تشهده المنطقة من حركات شعبية تنادي بالاصلاح وتدعو إلى المزيد من الحريات لم يتوان جلالته عن وصف الربيع العربي بانه محطة مهمة في التاريخ اذ قال جلالته في لقائه أبناء وبنات الجالية الأردنية في الولايات المتحدة الأميركية، خلال حفل الاستقبال الذي أقامته السفارة الأردنية في واشنطن كانون الثاني (يناير) الماضي "لقد شكل الربيع العربي بالنسبة لنا في الأردن مناخا حافزا على الإصلاح وفرصة حقيقية نسعى لاغتنامها بتجديد العملية السياسية بما يجعل الأردن أنموذجا إصلاحيا في المنطقة ويكون دافع ثقة وفخرا للأردنيين جميعا".
لقاءات جلالته مع الأهل والعشيرة وجميع الأردنيين في المضارب والبوادي والقرى والمدن والأرياف والمخيمات بقيت مستمرة ومتواترة، وفي كل لقاء كان الأردنيون يؤكدون التفاهم حول القيادة الهاشمية الحكيمة ويؤكدون إصرارهم على السير قدما في تحقيق الخطوات الاصلاحية التي يقودها جلالة الملك لتحقيق الغد الافضل للأردن والأردنيين.
شيوخ ووجهاء العشائر والعائلات وابناؤها يحتفلون بقدوم القائد ويرسمون اروع صور المحبة بعفوية صادقة نابعة من قلب كل واحد منهم، ومن جميع الأصول والمنابت، يسعدون برؤية القائد ويتحدثون اليه فهو أهل للخير والأمل والعطاء.
وعمد جلالته الى القيام بزيارات مفاجئة ومتتالية الى العديد من المؤسسات الخدمية، فكانت زياراته إلى مستشفيات البشير والزرقاء الحكومي والجامعة الأردنية ومراكز التربية لذوي الاحتياجات الخاصة والمراكز الحدودية والجمركية وغيرها من المؤسسات التي لمس المواطن فيها تحسن خدماتها مباشرة بعد زيارة جلالته لها بحرصه ومتابعته لادق التفاصيل التي كان يرى فيها خللا يحتاج الى التصويب والإجراء السريع.
وجلالته دوما يؤكد على قدسية حق المواطن وكرامته وبقي المواطن في نظر جلالته اهم الثروات وأغناها وإن حق المواطن وكرامته خط أحمر، وكرامة الأردنيين عند جلالته أسمى وأقدس من أن يمسها أحد بسوء.
وعمل الأردن وبتوجيهات من جلالة الملك عبدالله الثاني على تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين الجنسين في التعليم، واسهمت الخطط الاجرائية في خفض نسبة الامية الى 2ر7% وما يزال العمل جاريا على تخفيض هذه النسبة الى النصف في العام 2015.
لقد حمل جلالة الملك عبدالله الثاني على عاتقه مسؤولية وأمانة تقديم جانب مشرق إلى العالم، يوضح فيه الصورة النقية والحقيقية للدين الإسلامي الحنيف، حيث أطلقت العام 2004 رسالة عمان لتشرح منهج الإسلام القائم على احترام قيم الإنسان ونبذ العنف والتطرف والدعوة للحوار وقبول الآخر، وتبرز صورة الإسلام الحقيقية المبنية على أسس الخير والعدالة والتسامح والاعتدال والوسطية.
ودعا جلالته في تموز (يوليو) 2005، إلى عقد المؤتمر الإسلامي الدولي الذي شارك فيه مئتان من العلماء المسلمين البارزين من خمسين بلداً.