حدث في الأردن ... أشقاؤها أبرحوها ضربا .. فبلّغت عنهم أمن الدولة
عقب وفاة والدة "نيفين" ، بدأ اشقاؤها الذكور بممارسة كافة اشكال الضغوطات عليها لترك وظيفتها ، والتفرغ لخدمتهم، والقيام باعمال المنزل .
"نفين " وهو الاسم المستعار لها ، ذات ال40 عاما، ليست "البنت" الوحيدة في المنزل ،وانما لها شقيقة اخرى تقطن معهم حديثة التخرج، ولديها اربع شقيقات اخريات متزوجات ، كل منهن تعيش في بلد، وكذلك عدد من اشقائها .
تولعت نفين بالعلم منذ صغرها ، وبسبب الاوضاع المادية المتردية التي كانت تعيشها العائلة ذات ال20 فردا ، حرمتها عقب تخرجها من الثانوية العامة بمعدل مرتفع من متابعة دراستهاالجامعية في اللغات .
تربت نفين وسط عائلة افتقدت لروح المحبة ، واتسم رب تلك الاسرة بالعصبية الشديدة ، وكان "الضرب والصراخ " لغة الحوار الوحيدة التي كان يتبعها مع ابنائه ، واسهم الحرمان وضيق ذات اليد في تفاقم تلك الحالة لدى الاب .
البيئة الاسرية السابقة اثرت بشكل سلبي على الحالة النفسية ل"نفين " ، وبدات تتعرض لاضطرابات نفسية ، تعاطت على اثرها الادوية المهدئة بوصفات من قبل الاطباء التي كانت تراجعهم .
ساعدتها والدتها، واقنعت والدها بمتابعة دراستها في احدى الكليات الجامعية الحكومية ، وحصلت على الدبلوم ، وبدات تعمل بشهادتها المتوسطة في مدارس خاصة ، مارست عليها اصناف الظلم فيما يتعلق بتدني الراتب .
وعقب جهود مضنية استمرت لأكثر من 10 سنوات ، تمكنت من ادخار مبلغ لمتابعة دراستها في احدى الجامعات للحصول على درجة البكالوريوس، توفي الوالد خلالها .
ونجحت "نفين" بالتحدي المالي والنفسي والعلمي وحصلت على درجة البكالوريوس في تخصص اللغات قبل نحو عام ، وعملت بمدرسة خاصة براتب مرتفع .
وما ان بدات تتنفس الصعداء ، حتى توفت والدتها التي كانت تحميها من تسلط اشقائها عليها ، والدتها التي رغم رعايتها لها ، غير انها لم تزرع المحبة بين ابنائها ، وكثيرا ما كانت تميز في التعامل معهم ، بل وكانت تخفي اصناف الطعام الشهية لبعضهم ، وتحرم اخرين .
وعقب وفاة والدة نفين ، باتت على مواجهة مع اشقائها ، ورغم محاولاتها القيام بالاعمال المنزلية ووظيفتها ، الا انهم اصروا على تفريغها لخدمتهم .
وصادروا كل ما لديها من وسائل اتصال، وحرموها من الذهاب الى وظيفتها ، وفي حال زارتها احدى زميلاتها الموظفات في المنزل ، يدخل احد اشقائها ويبدا بتكسير الزجاج امام الضيفة .
ولم يكتفوا بحرمانها من وظيفتها ومصادرتهم كل وسائل اتصالها بالعالم الخارجي ، وحبسها في المنزل ، ومنع زيارات الاخريات لها ، بل بدؤوا بالتطاول عليها ، تارة بالتطاول اللساني ، وتارة اخرى بالجسدي ، والاعتداء عليها بالضرب المبرح الذي كثيرا ما كان يترك علامات على جسدها ، دون اغاثة من احد .
ولم تجد امامها سبيلا عقب كل تلك الضغوطات ، سوى اللجوء الى الجهات الامنية ، وتبليغ امن الدولة عنهم بتهمة الانتماء الى احدى التنظيمات الارهابية .
كانت تأمل "نفين" أن يكون ذلك الستار الاخير الذي يسدل على فصول قصة معاناتها ، غير انه ولعدم وجود ما يثبت الاتهامات الموجهة لاشاقائها ، اخلت امن الدولة سراحهم ، وعادوا ليبرحوها ضربا من جديد ، تلك الفصول رواها مقربون من تلك العائلة .
الاخصائي الاجتماعي رياض الصرايرة علق على ماسبق ان كل الطرق سدت في وجه "نفين" ولم تجد امامها سوى الجهات الامنية ، غير انها اخطأت بلجوئها الى امن الدولة ، وكان يفترض بها اللجوء الى حماية الاسرة .
ونوه الصرايرة الى انه من المفترض قبل لجوئها الى الجهات الامنية ، التوجه الى احد الاقارب من الدرجة الثانية او الثالثة او الرابعة للتدخل لحمايتها ، محذرا "ان كثرة الضغط يولد الانفجار " ، وقد بلغ الالم لدى نفين الذروة ،وباتت تفكر باي طريقة تنجيها من بطش اشقائها .
وأكبر فيها حرصها على نيل الدرجات العليا متحدية حالتها النفسية والظروف المحيطة فيها ، لافتا الى انه من حقها ان تعيش بالطريقة التي تراها مناسبة لها ، شريطة ان تكون متوافقة مع العرف الاجتماعي والشرع .
واشار الى ان القصة تعتبر انعكاس واضح للتفكك الاسري الذي عاناه افرادها ، منبها الى ضرورة بناء الاسرة على الاسس التربوية السليمة ، محذرا من عاقبة التمييز بين الابناء في التعامل، اذ لابد من وجود العدالة في تعامل الوالدين مع اطفالهم .
وشدد على ضرورة عمل الوالدين على ايجاد اواصر المحبة والمودة والتراحم بين افراد الاسرة ، واحترام كل منهم للاخر ، وعدم التطاول باللسان او اليد فيما بينهم ، لافتا الى ان حالة نفين تحتاج للاحتضان والرعاية و
بدلا من الضرب والاهانة .
وبلغت حالات العنف الاسري التي وقعت ما بين عام 1997-2015 نحو خمسين الف حالة اي بمعدل 1800 حالة سنويا في ظل صعوبة اغلاق ملفات الحالات المسجلة عنفا بسبب بقاء عوامل الخطورة في محيط اصحابها الذين معظمهم من النساء والاطفال، وفق ارقام رسمية لوزارة التنمية الاجتماعية .
وتقول البيانات للوزارة ان هناك زيادة بعدد حالات العنف المسجلة ما بعد عام 2011 والبالغ عددها اربعة الاف حالة سنويا نصفها عنف ضد الاطفال والنصف الاخر للنساء ، و ان اكثر انواع العنف شيوعا هو العنف النفسي والمتسبب فيه الازواج والاخوة في حين ان العنف الواقع على الاطفال هو عنف جسدي والصادر عن الاباء وغيرهم من مانحي الرعاية للاطفال.
و منذ عام 1997 وجدت الوزارة اليات مؤسسية لحماية الاسرة من العنف كادارة حماية الاسرة واقسامها بالمحافظات ومن خلال 17 مكتبا للخدمة الاجتماعية ،ودور الوفاق الاسري ودوررعاية الاطفال.