كيف ترصدون زيت الزيتون «المغشوش»؟
يشعر العديد من الأشخاص بالحيرة والإرتباك عندما يتعلّق الأمر بإختيار زيت الزيتون العالي الجودة، وطريقة التفريق بين مختلف الأنواع الموجودة في الأسواق. وفي ظلّ قيام بعض الشركات المصنّعة بخلط زيت الزيتون مع أنواع أخرى من الدهون والمواد الكيماوية، كيف يمكنكم تفادي الوقوع ضحيّة هذا الخداع؟
من منّا لا يحبّ الزيتون وزيته، خصوصاً وأنهما يُعتبران من بين المكوّنات الأساسية لنظام البحر الأبيض المتوسط. لكن لسوء الحظ، يتعرّض زيت الزيتون لعمليات «غشّ» في بلدان عديدة، ما يجرّده حتماً من خصائصه الصحّية والغذائية، لا بل يمكن أيضاً أن يُصبح مضرّاً للجسم.
تمّ الحديث أخيراً عن قيام بعض الموزّعين بإضافة زيوت منخفضة الجودة والكلفة ومليئة بالملوّنات الصناعية إلى زيت الزيتون البكر الممتاز (Extra-Virgin Olive Oil).
في الواقع، أثبتت دراسة شملت منتجات زيت الزيتون المُباعة في كاليفورنيا أنّ نحو 69 في المئة من زيت الزيتون المستورد والمدوّن على غلافه «Extra-Virgin» فشل في تلبية المعايير، بعدما حلّل الباحثون الرائحة والمذاق على حدّ سواء.
أبرز أنواعه
وقبل الكشف عن المعايير التي يجب إتّباعها عند شراء زيت الزيتون، سلّطت خبيرة التغذية جوزيان الغزال الضوء على أبرز أنواعه والفارق بينها:
- زيت الزيتون البكر الممتاز (Extra Virgin Olive Oil): يتمّ إستخراجه على البارد من العصارة الأولى لحبوب الزيتون الطازجة والعالية الجودة، الأمر الذي يحافظ على قيمته الغذائية ولذلك يُعتبر النوع الأفضل. يحتوي هذا النوع نسباً عالية من حامض الـ»Oleic» المفيد جداً للصحّة ومعدّل حموضة يبلغ 0,8 في المئة.
- زيت الزيتون البكر (Virgin Olive Oil): الفارق بينه ونظيره الأوّل أن الحموضة تبلغ 2 في المئة، ونوعية الزيتون تكون أقلّ جودة.
- زيت الزيتون المكرّر أو العادي، أو الـ»Pure»، أو «Light»: تُشير كلّ هذه التسميات إلى نوع واحد من زيت الزيتون الذي يبلغ مؤشّر حموضته 0,3 في المئة. يتألّف من القليل من زيت الزيتون البكر والباقي يكون عبارة عن كيماويات من شأنها تخفيف معدّل الحموضة. هذا الزيتون مكرّر ولا يُعتبر جيداً مقارنةً بزيت الزيتون البكر الممتاز.
- Olive Pomace Oil: يتمّ إستخراجه من القشرة السميكة التي تبقى بعد عصر الزيتون، ويُضاف إليه أيضاً النوع المكرّر. ليس صحّياً كثيراً ولكنه يتحمّل معدّل حرارة أعلى من زيت الزيتون البكر.
ميزاته الغذائية والصحّية
وتحدّثت لـ«الجمهورية» عن أهمّ ميزات زيت الزيتون البكر الممتاز الغذائية والصحّية، فقالت إنه «يحتوي بشكل خاصّ الفيتامينين E وK، والأوميغا 3 و6، والدهون الأحادية غير المشبعة (MUFAs) المفيدة جداً للصحّة. لا يمكن الطبخ بهذا النوع من الزيت لأنّ نقطة التدخين (Smoking Point) تكون متدنّية جداً، ما يعني أنّ الدهون الجيّدة تصبح مضرّة.
لذلك يجب إستعماله فقط على النيّئ كسَلطات الخضار، وفي حال إضافته إلى الطبخة يجب أن يتمّ ذلك في النهاية على البارد وليس أثناء إشعال النار. أما على صعيد الكالوري، فكلّ ملعقة صغيرة من زيت الزيتون تحتوي 45 وحدة حرارية، أي ما يوازي نحو 5 إلى 6 حبات زيتون. غير أنّ هذه الأخيرة غنيّة بالملح، لذلك يجب على مرضى الضغط الحذر والإنتباه إلى الكمية».
وأضافت أنّ «الدراسات أجمعت على أنّ إستهلاك زيت الزيتون العالي الجودة بكمية معتدلة يساعد على خفض الكولسترول السيّئ (LDL) ورفع نظيره الجيّد (HDL)، والسيطرة على الضغط العالي، ومنع إنسداد الشرايين، وحماية القلب، وتحسين إستخدام الإنسولين ما يُفيد مرضى السكري من النوع الثاني.
فضلاً عن أنه يعزّز إمتصاص الكالسيوم فينعكس إيجابياً على الأشخاص الذين يعانون ترقق العظام، ويسهّل حركة الأمعاء وبالتالي يعالج الإمساك، ويؤثّر إيجاباً في الجهاز الهضمي فيقلّص إرتجاع المريء والحرقة، ويحمي من السرطان لغناه بمضادات الأكسدة، ويتصدّى للإلتهابات، ويرطّب البشرة».
أصول تخزينه
وأكّدت أنه «كلما كانت جودة زيت الزيتون أعلى إحتوى كمية مغذيات أكثر، وكلما خُلط بمواد أخرى تقلّصت منافعه الذهبية المذكورة. وللحفاظ على سلامة هذا المنتج، يجب الإنتباه إلى طريقة التخزين التي لا يمكن تجاهلها إطلاقاً لأن بعض العوامل، كالحرارة، قد تحفّز الأكسدة ومشكلات أخرى.
يُنصح بتخزين زيت الزيتون في مكان داكن وبارد بعيداً من أشعة الشمس المباشرة أو مصادر أخرى للحرارة مثل الفرن، والتأكّد من إغلاق الزجاجة جيداً. الإلتزام بهذه القواعد والحرص على شراء الزجاجات الداكنة يضمن صلاحية الزيت لعام كامل، أما الزجاجات الفاتحة اللون فتُفقده جودته خلال شهرين بسبب تكاثر الجذور الحرّة، ليصبح مضرّاً أكثر منه نافعاً».
إبحثوا عن هذه المصطلحات
وعرضت الغزال أهمّ خصائص زيت الزيتون التي يجب أن تتوافر على أغلفة الزجاجات في مقابل تلك التي يجب الحذر منها:
- شراء زيت الزيتون البكر الممتاز، أي المشتقّ من العصارة الأولى للزيتون. قارنت مجموعة دراسات القوّة المضادة للإلتهابات للزيت المستخلص من العصارة الأولى بنظيره المُستخرج لاحقاً، وتبيّن أن زيت الزيتون البكر الممتاز خفّض الإلتهابات، بعكس نظيره الذي تمّ عصره في وقت لاحق.
- إختيار زيت الزيتون غير المصفّى لاحتوائه طبيعياً عناصر مهمّة، مثل مضادات الأكسدة التي تحمي ضدّ الضرر التأكسدي.
- البحث عن زيت الزيتون الذي يتمّ عصره على البارد (Cold-Pressed Olive Oil)، ما يعني أنّ المصنّعين يستخدمون حرارة ضئيلة عند تجهيز حبوب الزيتون للحصول على زيتها. زيت الزيتون البكر الممتاز المعصور على البارد يؤمّن أقوى قيمة غذائية ممكنة بفضل تجهيز الحرارة المنخفضة، إلى جانب محتواه العالي بالـ»Phytonutrients».
- الحذر من المصطلحات المضلّلة التي يستخدمها بعض الشركات، مثل زيت الزيتون النقيّ (Pure Olive Oil). هذه العبارات تُشير غالباً إلى مزيج من زيت الزيتون المكرّر وغير المكرّر.
- تجنّب الـ»Extra-Light Olive Oil». تحبّ الشركات إستخدام مصطلح «لايت» على الأطعمة لأنها تلعب دوراً في مخاوف الناس من الدسم. هذه العبارات تقترح بمهارة أنّ كلّ الدهون سيّئة لكم وتسبب البدانة، لكنّ الواقع يؤكّد أنها ليست كلها مضرّة. المأكولات القليلة الدهون واللايت تكون حتماً مصنّعة جداً ومكرّرة.
إجراءات ضرورية
وقدّمت أيضاً مجموعة إستراتيجيات يجب أخذها في الإعتبار عند شراء زيت الزيتون وإستعماله:
- إختيار الزيت العضوي، وغير المكرّر، والمعصور على البارد. تضمن هذه العبارات أنكم تشترون منتجاً عالي الجودة والقيمة الغذائية.
- التوجّه إلى المصنع إذا أمكن، والتأكّد من أنه يتمّ فعلاً عصر المنتج على البارد، والإلتزام بالمعايير المطلوبة، وعدم إستخدام محاليل سامّة في عملية التكرير.
- التأكّد من إغلاق الزجاجة جيداً بعد الإستخدام، فالأوكسيجين يمكن أن يدمّر الزيت سريعاً.
- شراء الحجم الصحيح من الزجاجة وإستهلاكها في الوقت المحدّد، وتذكّروا أنّ الزيوت تصبح سيّئة بعد غضون بضعة أشهر أو أعوام إعتماداً على نوعها.
للتفريق بين الأصليّ والمزوّر
أمّا الأمر المُثير للإهتمام الذي كشفته أخيراً خبيرة التغذية، أنّ هناك وسيلتين يمكن من خلالهما التمييز بين زيت الزيتون الأصلي ونظيره المزوّر:
- وضع قطرة من زيت الزيتون على اليد وفركها لمدة دقيقة. إذا شعرتم بالحرارة واستنشقتم رائحة الزيتون الذكية، يعني أنه أصليّ. أما المغشوش، فلا يصدر أيّ رائحة ولا يؤمّن الشعور بالدفء.
- سكب القليل من زيت الزيتون في فنجان قهوة ووضعه في الثلّاجة لمدة ساعتين. إذا تغيّر لونه وأصبح أبيضاً ومجمّداً، يعني أنه أصليّ ويحتوي الدهون الأحادية غير المشبعة (MUFAs) التي تُجمّد عند تعرّضها لحرارة متدنّية. أما عند خلط زيت الزيتون بمواد أخرى أقل كلفة، فلا يمكن أن يصبح مجمّداً كلياً وهذا يدلّ على أنه مزيّف.