المخابرات باغتت الارهابيين قبل ساعات فقط من «ساعة الصفر» لتنفيذ عمليات
يمكن القول إن أول «مواجهة» مباشرة على الأرض الأردنية بين الأجهزة الأمنية والأذرع المحلية لتنظيم «داعش» انتهت بصورة حاسمة لصالح المخابرات الأردنية، التي تعتبر الأكثر خبرة في الإقليم بالهرم الهيكلي لتنظيم الدولة وأتباعه ومقلديه والمتعاطفين معه في الأردن.
المواجهة الدامية التي انتهت صباح الأربعاء في حي فقير وهامشي على أطراف مخيم إربد للاجئين الفلسطينيين شمالي المملكة، شهدت حالة «تفوق تكتيكية» باغتت نحو 20 شخصا ممن وصفتهم السلطات في البداية بـ»التكفيريين والخارجين عن القانون».
المباغتة حصلت باللعب أمنيا على وتر «التوقيت» حيث قال مصدر أمني مطلع على التفاصيل أن قوة الاشتباك الأردنية المؤللة والمدربة على مكافحة الإرهاب هاجمت «البيت الآمن» لخلية «داعش» قبل نحو 12 ساعة فقط من «ساعة صفر» حددتها الخلية للانتقال لتنفيذ «أول عملية» في الساحة المحلية تحمل بصمة «داعش».
وفي الجانب التكتيكي بدا واضحا أن المخابرات الأردنية رصدت تحرك المجموعة منذ عدة أيام واختارت التوقيت المناسب لمهاجمة الخلية والقبض على عناصرها متلبسين مع الاستعداد بقوة نارية كثيفة لكل احتمالات المقاومة، وهو ما حصل فعليا حيث قاوم أعضاء خلية مخيم إربد الاعتقال بضراوة وأطلقوا الرصاص بكثافة ضد رجال الأمن الذين حاصروهم أثناء عملية التحضير لتنفيذ عمليات في الشارع الأردني.
وفي الوقت الذي تبين فيه للقوة الخاصة وجود «أحزمة ناسفة»على خصور أعضاء الخلية جاء الأمر من أعلى المستويات بهجوم جذري وشامل قطعت الكهرباء عن المنطقة لتنفيذه فانتهى المشهد بمعركة غير مسبوقة استمرت ثماني ساعات لكنها انتهت باستشهاد الضابط المظلي الأردني راشد الزيود وإصابة خمسة من رفاقه قبل مقتل سبعة من أعضاء الخلية والقبض على 13 آخرين خمسة منهم جرحى ومعتقلون في مستشفى المدينة الذي حوصر حتى مساء الأربعاء منعا لأي مفاجآت.
في الأثناء استخدمت القوة الخاصة قنابل صوتية وعبوات لتفجير أبواب بناية مهجورة تحصن فيها «الداعشيون» وإنزالا مظليا لعدة أفراد مدربين قبل السيطرة التامة على الموقع ثم الإعلان عن نتيجة أول مواجهة من نوعها بالنار على الأرض الأردنية بين اتباع«داعش» والأجهزة الأردنية وسط حالة تأييد شعبية موحدة للسلطة في وجه الإرهاب.
قبل المعركة النارية وصف بيان أمني المسألة بأنها مداهمات لوكر خارجين عن القانون، قبل أن يعلن رئيس الحكومة عبد الله النسور عصرا أن الحادث له علاقة بخلية إرهابية مرتبطة بتنظيم إرهابي في الخارج، فيما جاء التصريح الصادر عن دائرة المخابرات العامة ليضع النقاط على حروف الرأي العام وهو يتحدث عن عملية في مواجهة مخطط إرهابي لتنظيم «داعش».
قبل ذلك اقتصر نشاط «داعش» في مواجهة الأمن على الأرض الأردنية على ملاحقات أمنية مع «مقلدين داعش»» من تجار المخدرات والمطلوبين الجنائيين في بعض مناطق البادية الجنوبية ومدينة معان.
مداهمة إربد كانت وقائية أمنيا واستثنائية في عنصر المباغتة التكتيكي واستخبارية بامتياز لأن السلطات هاجمت مقر المسلحين المتشددين قبل ساعات قليلة من تحضيراتهم لعملية واسعة شمالي المملكة، الأمر الذي يبرر وجود كمية كبيرة من السلاح والذخيرة.
المخابرات الأردنية قالت إنها بعد عمليات متابعة استخبارية حثيثة ودقيقة ومنذ وقت مبكر تمكنت بالتعاون مع الأجهزة الأمنية من إحباط مخطط إجرامي وتخريبي مرتبط بعصابة «داعش» الإرهابية كان يهدف للاعتداء على أهداف مدنية وعسكرية داخل المملكة وزعزعة الأمن الوطني.
وفقا للمخابرات فقد قامت القوات الأمنية المختصة بتتبع المجموعة الإرهابية وتحديد مكانها، حيث اختبأت وتحصنت في إحدى العمارات السكنية في مدينة إربد، وبعد أن رفض الإرهابيون تسليم أنفسهم وأبدوا مقاومة شديدة لرجال الأمن بالأسلحة الأوتوماتيكية، قامت القوات المختصة بالتعامل مع الموقف بالقوة المناسبة، وقد نجم عن الاشتباك استشهاد النقيب راشد حسين الزيود وإصابة خمسة من عناصر قوات الأمن الأردني واثنين من المارة.
كما كانت حصيلة عمليات المتابعة الاستخبارية التي سبقت تنفيذ العملية اعتقال 13 عنصرا متورطا بالمخطط الإجرامي، ونتج عن الاشتباك مقتل 7 عناصر إرهابية كانوا يرتدون أحزمة ناسفة ويطلقون النار على قوات الأمن وتم ضبط كميات من الأسلحة الرشاشة والذخيرة والمتفجرات والصواعق التي كانت بحوزة عناصر المجموعة الإرهابية.
الموقف سياسيا ينهي «قواعد اللعبة» المستمرة منذ عدة أعوام في أوساط السلفيين الجهاديين الذين روجوا مرارا وتكرارا لفكرة أن تنظيم «داعش» لا يعتبر الأردن»ساحة جهاد» وسيمتنع عن تنفيذ عمليات فيها في الوقت الذي سيبرر فيه ما حصل في إربد التوسع في مشاركة الأردن بالحملة الدولية لمكافحة التنظيم خارج الأردن هذه المرة.
لاحقا وصف العاهل الملك عبد الله الضابط الشاب الشهيد راشد الزيود بأنه «ولده»، وشارك شخصيا مع أمراء في العائلة المالكة بتشييع جثمانه وسط آلاف المشيعين من قبيلته بني حسن.