ثلج مثل العمر.. لا أروع منه ولا أوجع
هي ثلاثة أيام ،عزيزها برد وتلاه ثلج وبياض انعش الارواح وغسل النفوس!.
..ولعل فكرة الاديب العالمي جبران خليل جبران ، تحملنا الى لحظات تأمل في عشق حال الثلج، وهي عامة ولغتها مؤثرة ومن العمق ما يجعلها نقطة غنية عندما قال : « العواصف و الثلوج تفني الزهور ولكنها لا تميت بذورها».
واعاد لهفة الناظر الى حكايات الثلج واحوال الشتاء عندما ارسل الى معشوقته نتفا من بريد القلب، على هيئة ثلج قال عبر الحبر والحمام الزاجل:
«أحب الثلج،
.. أحب بياضه،
.. وأحب هبوطه «
الى ان صمت ونقش اجمل العبارات الشاعرية:
«..وأحب سكوته العميق».
يا لتلك الرائعة بحجم كرة مشعة من بياض الثلج» مي زيادة» التي تلقت بريدها قبل ان يذوب الثلج!
همست على جدار نافذتها وصوبت سهام عينيها نحو بيادر الثلج وقرأت:
«..وأحب الثلج في الأودية البعيدة المجهول حتى يتساقط مرفرفاً،
ثم يتلألأ بنور الشمس، ثم يذوب ويسير أغنيته المنخفضة.
أحب الثلج وأحب النار، وهما من مصدر واحد،
ولكن لم يكن حبي لهما قط سوى شكل من الاستعداد لحب أقوى وأعلى وأوسع».
***
..وعلى افق الايام الباردة ، تنحى الثلج وغيب حكاياته وسهرات الاطفال والناس حول النار كوانينها ومواقدها، الى ان تناسلت النار تواجه البرد والانجماد ،كانت هناك «طفلة» تتماوج مع ريح رطبة وهي تقرأ ما بان لها من كلمات مخطوطات عن علي بابا و السندباد البحري و فلة والاقزام السبعة و روميو وجولييت و ليلى والذئب.
وكانت نقلت طبش الخشب والعيدان الى تنور البيت لتتابع مع دموعها مخاوف «سندريلا» التي اضاعت في البرد والثلج والخوف ، صمت احلامها بالعشق الجميل يوم نتف وندف الثلج العزيز.
وكما نامت الاميرة النائمة ، جاهدت الطفلة دموعها وآهاتها تنتظر والدها الذي خرج يبارك ارضه ويحرث بورها سعيا الى الحياة والازهار والثمر والجمال.
..نامت على تقوس جمرات التنور وحلمت بالثلج.الثلج المشاكس يعطل عربة والدها وتتناثر ملابسه ومعاوله وسط العاصفة.
***
..لونه الساحر، العابه مثيرة وتنال منا على خبث كرات من الثلج المغشوش، نصنع بإحتراف طفل الثلج وخيال مآته من قبض يذوب، وبعده لا عزاء للطيور في ظل يذوب.
..ذات نهار من صيف بغدادي قائظ ،سار الجاحظ على جسر الرصافة وانتبه الى بائع للثلج المبروش .
استغرب اصرار البائع على مناشدة الناس من المارة على الجسر:
-ارحموا رجلا ، راسماله يذوب.
..ومع ذوبان الموجة الاولى من ثلوج عمان وعجلون والسلط والكرك وغيرها ، نهمس للعمر الدارج: ــ الراي
- ثلج مثل العمر لا أروع منه ولا أوجع.