بالتزامن مع تباشير فصل الشتاء، وما يعنيه ذلك من علاقة بين البرد والحطب أو التحطيب، طالب مواطنون ومهتمون بالشأن البيئي الجهات الرسمية "بحماية الغابات الطبيعية في المملكة بشكل عام، والأشجار الحرجية المعمرة بشكل خاص، من الاعتداء عليها".
وأكد الناشط البيئي المهندس سليمان تيم "أن هناك اعتداءات على الغابات الطبيعية في المملكة، وتناقص واضح في عدد الأشجار المعمرة، مثل البلوط واللزاب والعرعر والسرو الطبيعي"، في ظل "غياب رقابة الضمير" والرقابة من قبل الجهات المعنية بالحراج، لافتا إلى انتشار واضح "لمنشار الخشب الآلي لهذه الغاية، واستخدام التحطيب كمهنة".
من جانبه، قال المهندس الزراعي منير السمور إن غابات المملكة الطبيعية والصناعية "تعاني من أخطار التحطيب والتصحر والجفاف" التي تتآزر مع تراجع كميات الأمطار والثلوج لعدة أعوام متتالية في "الفتك" بهذه الغابات.
وأكد "غياب الخطط الاستراتيجية من قبل وزارة الزراعة" لإنقاذ هذه الثروة الوطنية من موجات الجفاف العاتية والتحطيب الجائر، مطالبا بزراعة المساحات الفارغة من الغابات وجوانب الطرق بالأشجار، باعتبارها رئة الأرض وزينتها.
بدوره، أكد الناطق الإعلامي لوزارة الزراعة نمر حدادين "ان المناطق الحرجية والغابات في المملكة تتعرض لاعتداء جائر سواء من خلال التقطيع والتحطيب أو من خلال افتعال الحرائق للاستفادة من بقايا الأشجار المحترقة بالاتجار ما يلحق الضرر ببيئتنا".
وشدد على اعتبار الثروة الحرجية "ثروة وطنية يجب حمايتها والمحافظة عليها"، مشيرا الى ضرورة إشراك جميع المؤسسات الوطنية في المحافظة على الثروة الحرجية وحماية الأشجار باعتبار ذلك هدفا وطنيا.
وأضاف حدادين ان الوزارة تنبهت لـ "الاعتداءات على الغابات والأشجار النادرة، حيث كثفت الحماية بطاقم متكامل من الطوافين والمفتشين"، عازيا انتشار وتطور هذه "الظاهرة إلى ارتفاع أسعار المحروقات وعدم تمكن العديد من العائلات من شراء الكاز والديزل لأغراض التدفئة".
ودعا إلى تطبيق قانون العقوبات في قضايا الاعتداء والتحطيب للحد من هذه الظاهرة وتفعيل تطبيق قانون الزراعة على المعتدين عند اتخاد العقوبة بحقهم.
وقال حدادين إنه وفي حال إلقاء القبض بقضية تحطيب "يتم تحرير ضبط حرجي بحق المعتدين وتحويلهم إلى القضاء"، مشيرا الى دعوة مجلس الوزراء مؤخرا إلى تكثيف الرقابة على الثروة الحرجية.
وتمارس وزارة الزراعة دورها في هذه المهمة، كما يقول حدادين من خلال مديرية الحراج التي تكثف الدوريات الحرجية في مناطق الغابات، بالإضافة إلى التعاون مع اصدقاء البيئة والشرطة البيئية لمكافحة المعتدين.
وأشار بهذا الصدد إلى ان الوزارة بدأت مؤخرا ببناء أبراج مراقبة في محافظات عجلون وجرش لتسهيل مراقبة وكشف الاعتداءات والحرائق، خاصة مع بداية فصل الشتاء الذي تزداد خلال عمليات التحطيب.
وكشف حدادين عن ان بعض المعتدين يقومون بإزالة لوحات أرقام مركباتهم التي يستخدمونها خلال عمليات نقل الاشجار الحرجية المسروقة "لغايات التمويه والتحايل على القانون".
وكانت دائرة الافتاء العام أكدت في فتوى لها مؤخرا "حرمة الاعتداء على الاشجار العامة باعتبارها اعتداء على ملك عام يحرمه الدين".
وأشارت إلى أن الشجر مظهر أساسي من مظاهر الحياة وسبب من أسباب البقاء على هذه الارض جعله الله عز وجل رحمة وبركة وخضرة ونعمة ومنّ بها على الانسانية جمعاء، مؤكدة أن "من شكر هذه النعمة وتذكرها أن لا تمتد يد الإنسان إليها بالعدوان عليها"، وإلا لو ترك على غاربه لما بقيت شجرة على وجه الارض طمعا وجشعا لتحقيق مكاسب آنية.
وكان مجلس النواب وافق مؤخرا على قانون معدل لقانون الزراعة، تم فيه تغليظ العقوبات على المعتدين على الغابات والأشجار الحرجية، كما وافق مجلس الوزراء اخيرا على إعفاء استيراد الحطب والفحم من الرسوم والضرائب للحد من ظاهرة التحطيب والاعتداءات.