قرار محكمة التمييز في قضية مقتل "بتول حداد" على يد والدها
نقضت محكمة التمييز قرار بقضية قاتل ابنته 'بتول حداد' في عجلون في شهر نيسان من العام الماضي بسبب تغيير ديانتها، حيث أعادت اوراق القضية الى محكمة الجنايات الكبرى لاعادة 'وزن البينة' مجددا والبحث عن وجود سبق الاصرار من عدمه في جريمة القتل موضوع الطعن.
وكانت محكمة الجنايات الكبرى اصدرت في كانون اول الماضي قرارا بتجريم والد المغدورة والحكم عليه بالاشغال الشاقة المؤقتة 20 عاما بعد استبدالها بعقوبة الاعدام بسبب وجود اسقاط حق شخصي من ذوي المغدورة وبراءة عمها من جرم القتل.
وجاء في قرار محكمة التمييز بصفتها 'مُحكمة موضوع' 'ان الشروط الشكلية لاشهار الاسلام غير متوافرة في هذه القضية فيكون اسقاط الحق الشخصي صادر عن الورثة الشرعيين ومعتد به قانونا، من وقائع البينات المقدمة، ولا محل للحديث عن شبهة في الاسقاط مما يجعل هذا السبب يرد على القرار المطعون فيه '.
كما جاء في القرار ايضا 'ان المحكمة بصفتها 'مُحكمة موضوع' وبعد استعراضها اوراق الدعوى وما قدم فيها من بينات نجد، من استقراء نص المادة 329 من قانون العقوبات انها عَرفت الاصرار السابق بانه القصد المصمم عليه قبل الفعل لإرتكاب جنحة او جناية يكون عرض المُصر منها ايذاء شخص معين او اي شخص غير معين وحده او صادفه ولو كان ذلك القصد معلقا على حدوث أمر او موقوف على شرط'.
وجاء في القرار: 'وان من المستقر عليه فقها وقضاء على انه لتوفر سبق الاصرار يتوجب توافر عنصرين هما عنصر زمني يتمثل بمرور فترة زمنية كافية بين عزم الجاني على ارتكاب جريمته وبين قيامها بتنفيذها، والعنصر نفسي يتمثل باقدام الجاني على ارتكاب جريمته بعد هدوء وترو وهو هادئ البال مطمئن النفس بعد ان يكون قد رتب وسائل الجريمة، وتدبرعواقبها ثم أقدم عليها دون اضطراب او تردد او انفعال'.
كما ان من المستقر عليه بقضاء المحكمة قرار رقم 15572008 في شباط 2009 ان جناية القتل العمد تتميز في القانون عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بأركان مادية ومعنوية تشتمل على عناصر خاصة وهي تفكير الجاني بالجرم ثم التصميم على ارتكابه ثم مراقبة المجني عليها واختيار الوقت الملائم ثم هدوء البال ثم التنفيذ ومن حيث الوصول الى ذلك فإنه يتوجب التأكيد على كل عنصر من تلك العناصر بدليل مؤيد ومتساند مع بقية الادلة والعناصر الاخرى ليصبح وقوع القتل بطريق العمد.
كما ذهب الاجتهاد القضائي الى ان عنصر سبق الاصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع احد من ان يشهد بها مباشرة وانما تستفاد من وقائع خارجية تستخلصها المحكمة من ظروف الدعوى وعناصرها.
وفي الحالة المعروضة فان الثابت من اوراق الدعوى الواقعة التي تم استعراضها سابقا وللقول بوجود سبق الاصرار من عدمه في جريمة القتل موضوع الطعن لا بد من البحث عن توافر عناصر سبق الاصرار بعنصريه الزمني والنفسي على النحو الذي سلف.
فالعنصر الزمني المتمثل بمرور فترة زمنية كافية بين عزم الجاني على ارتكابه جريمته وبين قيامه بتنفيذها غير متوافر في هذه الدعوى.
كما ان العنصر النفسي المتمثل باقدام الجاني على ارتكاب جريمته بعد هدوء، وترو، وهو هادئ البال مطمئن النفس، بعد ان يكون رتب وسائل الجريمة وتدبر عواقبها ثم اقدم عليها دون إضطراب او تردد او انفعال غير متوفرين في هذه الدعوى، وبدليل ان المتهم كان في حالة غضب مستمر ومتجدد بسبب الظروف والواقع الاجتماعي الذي يعيش فيه كل من المتهم والمغدورة، وأنه أي المتهم لم يقم بتهيئة المكان والزمان لتنفيذ الفعل، وأن جريمة القتل كانت آنية وبنت لحظتها كونه اتيحت له اكثر من فرصة قبل الاقدام على قتلها ولأنه كان يعلم أنه غيرت دينها قبل ارتكاب الجريمة ب 9 ايام، بالاضافة إلى ان الخيوط البلاستيكية التي استخدمت في لف عنق المغدورة تستخدم للزراعة كما أكد شهود الدفاع ذلك بان المتهم كان يستخدم الخيوط البلاستيكية في تربيط محصول الحمص.
وامام هذه الوقائع الثابتة في الدعوى والتي توصلت اليها المحكمة بصفتها 'محكمة موضوع' كان على المحكمة مُصدرة القرار ان تاخذ بالحسبان عند 'وزنها البينة' وتقديرها واضفاء التكييف القانون السليم على وقائع الدعوى، وحيث انها لم تفعل فيكون حكمها مستوجبا للنقض من هذه الناحية.