النسور: رفض "النواب" لقانون الانتخاب يعـيدنـا "للـصوت الـواحـد"

أكد رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور أن المملكة أمام فرصة تاريخية لانجاز إصلاح سياسي عميق مبني على ثقة الدولة بنفسها وبشعبها.
وقال رئيس الوزراء إن هذا الإصلاح ليس مناورة بل فرصة حقيقية وصادقة تقرع الأبواب، مؤكداً أن جلالة الملك عبدالله الثاني يرغب في استثمار هذه الفرصة في هذه الأوقات لانجاز القفزة المنشودة في الإصلاح السياسي المبني على ثقة الدولة بنفسها وبشعبها وصولا إلى العدل والمساواة والفرص للجميع. وقال خلال افتتاحه أمس مؤتمر «دور الأحزاب السياسية في الحياة البرلمانية» الذي نظمته وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية في منطقة البحر الميت بمشاركة عدد من الوزراء والأمناء العامين للأحزاب السياسية والقيادات الحزبية.
وبين ان هذا النهج الإصلاحي هو نهج جلالة الملك وليس عمل حكومة، لافتا إلى أن جلالته يقود العملية الإصلاحية استنادا إلى ثقته بشعبه ومؤسساته، وأن جلالته قد اختط لهذه الحكومة وللبرلمان الحالي خطة طموحة للتطوير السياسي. وأضاف النسور أن جلالة الملك وفي أوراقه النقاشية وفي خطب العرش السامي وكتب التكليف السامي للحكومة اختط النهج الإصلاحي وحدد عناوينه ومراحله.
وقال رئيس الوزراء أن القوانين الناظمة للحياة السياسية هي أربعة قوانين أولها قانون الأحزاب السياسية، مؤكدا أن وضع قانون الأحزاب كمرحلة أولى في عملية الإصلاح السياسي لم يأت عفويا بل مقصودا بأن يكون الإصلاح بدءا من الأحزاب ومن قانون الأحزاب ثم يليه قانون البلديات وقانون اللامركزية وانتهاء بقانون الانتخاب. ولفت النسور إلى أن مشاريع قوانين الأحزاب والبلديات واللامركزية استقبلت استقبالا متفاوتا بين آبه وغير آبه وبين مصدق ومنكر.
وأضاف «عندما جاء مشروع قانون الانتخاب جرت التفاتة وعودة إلى النظر بالقوانين الثلاثة للتأكد فيما إذا كانت تلك القوانين الثلاثة قد أحدثت تغييرا حقيقيا جوهريا أم لا لأن قانون الانتخاب أكد دون شك ان الإصلاح مقصود لذاته وليس أمرا للزينة». ودعا رئيس الوزراء المشاركين إلى تسليط الأضواء على مشروع قانون الأحزاب الذي اقر ولكن لم تصدر به الإرادة الملكية السامية رغم انجازه قبل نحو شهرين حتى الآن. وأعرب عن اعتقاده بهذا الصدد ان عدم مصادقة جلالته على مشروع قانون الأحزاب هو أن جلالته توقع وأراد قفزة أوسع في الحياة الحزبية ولم ير ما يكفي من التقدمية التي أرادها في قانون الأحزاب وأن ما وصل إليه مجلس الأمة والحكومة لم يكن بالدرجة الكافية من الإصلاح .
وقال «إذا كان تقديري هذا صحيحا فهناك وقت ومتسع للعودة إلى مشروع القانون وفتحه وإعادة النظر به». وأكد رئيس الوزراء ان قانوني البلديات واللامركزية قانونا إصلاحيان كونهما قد اوجدا حلقة اتخاذ قرار جديدة مبنية على الانتخاب في المجالس المحلية واللامركزية . وقال «ولما كانت مبنية على الانتخاب والاقتراع وقرار الناخب مباشرة دون تدخل من الحكومة المركزية فضلا عن إعطاء صلاحية من المركز إلى الأطراف والميدان فهي قوانين إصلاحية تصب في إكمال الصورة التي أرادها جلالة الملك».
ولفت إلى ان مشروع قانون الانتخاب جاء لإكمال هذه الصورة، مؤكدا ان مشروع القانون استقبل باهتمام وبحفاوة وربما بقبول «وهو شأن مجلس النواب الآن بعد أن سلمنا مشروع القانون اليه»، مشيرا الى ان مجلس النواب هو صاحب الصلاحية في المشروع وان دور الحكومة يقتصر على الايضاح وتبيان المبررات والاسباب والاسناد المطلوب لمشروع القانون . و
قال «إذا صح ما قرأت في وسائل الإعلام بأن 20 حزبا أصدرت بيانا بعد 24 ساعة من الإعلان عن مشروع القانون لم تقبل المشروع وإذا مجلس النواب سار وراء هذا الطرح ورفض المشروع فستتم العودة إلى القانون الحالي قانون الصوت الواحد . واضاف ان استطلاعات الراي يوم امس اشارت الى قبول 82 بالمائة لمشروع القانون في حين يرفضه نحو 18 بالمائة واذا افترضنا ان ال 20 حزبا تمثل 18 بالمائة على أكثر تقدير فكيف لها ان تطالب بـ 50 بالمائة من المقاعد .
واكد بهذا الصدد ان ضمان كوتا للأحزاب مجاف للواقع لأن الأحزاب ليست فئة اجتماعية وليس لها خصوصية لإعطائها مثل هذه الكوتا. كما اكد أن الدولة جادة وهي تدرك بأنه لا توجد ديمقراطية في الدنيا دون وجود أحزاب والأحزاب هي ملح الديمقراطية وحاجة للمجتمع. وأكد كذلك ان الدولة التي تقصي الأحزاب وتقصد إضعافها دولة ليست واعية وليست حصيفة، مشددا على ان الاحزاب من لزومات الديمقراطية والحياة البرلمانية. ولفت الى ان الدولة التي ليس فيها ديمقراطية ليس لها حضور في عالم الحاضر وعالم الغد «ولم يعد هناك مجال لديمقراطية غير مبنية على الانتخاب».
وقال ان الجدية ان يكون هناك برلمان فاعل لان وجود برلمان غير فاعل تجعل المواطن يرى بعدم ضرورة وجوده. وقال النسور حول مشروع قانون الإنتخاب الذي احالته الحكومة إلى مجلس النواب الاثنين الماضي « أن الحكومة لم تقدم مشروعا أصم»، مبيناً «ادخلنا تحسينات كثيرة على مسودة مشروع قانون الانتخاب بعد عرضه على الراي العام في المرة الاولى وانتقد النسور الموقف الرافض لمشروع القانون الذي عبرت عنه عشرين من الأحزاب مؤخرا، متسائلا فيما إذا كانت تلك الأحزاب قد استفتت قواعدها في المشروع أم أن الموقف كان لقياداتها فقط. وفيما اعتبر النسور أن بادرة الأحزاب بالرفض هي بادرة غير مقصودة، أشار الى أن الحديث عن رفض مشروع القانون الحالي ورده لاحقا في مجلس النواب، يعني العودة إلى القانون الحالي أي قانون الصوت الواحد.
ورأى النسور أن الاحزاب التي عبرت عن ذلك قد تشكل ما نسبته 18 في المائة من استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية الذي أجري مؤخرا،حيال مشروع قانون الانتخاب، مشيرا الى أن الاحزاب لاتمثل أكثر من ذلك فكيف يمكن أن نمنحها قائمة بواقع خمسين مقعدا من مقاعد مجلس النواب.
ودعا النسور أيضا الأحزاب السياسية إلى استثمار الفرصة القائمة في مناقشة قانون الأحزاب مجددا، باعتبار أن الارادة الملكية السامية لم تصدر للمصادقة عليه رغم إنجازه منذ أكثر من شهرين. واعرب رئيس الوزراء عن قناعته بان مشروع قانون الانتخاب يشابه قانون عام 1989 وهو افضل منه لان القائمة المفتوحة التي تم اقتراحها في مشروع القانون الحالي تعطي كل القوى في المجتمع والاحزاب فرصة الحضور ودخول البرلمان .
واكد ان تحديد عتبة انتخابية او نسبة معينة كحد ادنى لنسبة النجاح والفوز بمقاعد من شانه ان يشكل اقصاء للاحزاب الصغيرة. وحول المال السياسي قال ان الحكومة اجرت الانتخابات البلدية والبرلمانية ولم تتدخل الحكومة في كلمة او موقف او في اسناد اي شخص ولكن هناك مال سياسي والاجهزة الحكومية ترصدته وكذلك ستكون الاجهزة هذه المرة مستعدة كل الاستعداد لمحاربة المال السياسي، لافتا الى انه تم وضع مادة في القانون تعفي من ياتي بمعلومة عن الرشوة من العقوبة. وجرى عدة مداخلات من ممثلي الاحزاب خلال الحوار الذي تخلل أعمال الجلسة الأولى بحضور رئيس الوزراء، وسط مطالبات بإعادة القائمة الوطنية في مشروع قانون الانتخاب. من جانبه قال وزير الشؤون السياسية والبرلمانية الدكتور خالد الكلالدة ان وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية تأمل بعد هذا المؤتمر بأن تُساهم الشراكة مع الأحزاب في إثراء مسيرة الإصلاح على أرض الواقع وتوسّعها وتُنمّيها
. واضاف ان «التئام نخبة من الحزبيين والسياسيين على مائدة الحوار للحديث عن آلية دعم الأحزاب في الحياة البرلمانية ونحن على أبواب مشروع قانونِ انتخاب جديد يتطلب العمل التشاركي بدلاً من التنافسي بين المُرشحين ، مما يُنبئ بأن يكون مجلس النواب القادم ممثلاً أكثر شمولية للمجتمع وللشعب والأحزاب والذي يُتوقع أن يكون ركيزة مهمّة وهي ترجمة الحكومات البرلمانية».
واضاف»نؤمن بأن القواسم المُشتركة ونقاط اللقاء كثيرة مع الأحزاب فإننا على ثقة بأن مُخرجات هذا المؤتمر ستكون ذات فائدة مهمّة للمرحلة القادمة لهذا سنستفيد في الوزارة من كلّ ما يُقال ويُطرح ولن تذهب الحوارات أدراج الرياح فهناك فريقٌ من الوزارة مهمّته أن يوثّق كل ما يُطرح ،حرصاً منّا على أن نعود لمكاتبنا لنواصل العمل على هذه المُخرجات وليس لننسى كلّ ما قيل، لهذا أدعو الأحزاب من الآن أن تتوافق فيما بينها على تشكيل لجنة منها بالتعاون مع الوزارة لوضع خطة عمل .. تؤسس لرؤية أكثر شمولية بهدف ترسيخ دور الأحزاب في الحياة السياسية والبرلمانية».
وناقش المشاركون في المؤتمر اليات تعزيز دورالاحزاب السياسية في الحياة البرلمانية من حيث وضع البرنامج السياسي للحزب، واليات تفعيل مشاركة الاحزاب في الانتخابات واقامة مؤتمر عام للحزب لاختيار المرشحين وتمويل الحملة الانتخابية والتنظيم الاداري في اطار العملية الانتخابية.
كما ناقش الحضور مشروع قانون الانتخاب الذي اقرته الحكومة واحيل الى مجلس النواب ، وقالوا ان قانون الاحزاب ينظم عمل الاحزاب السياسية الاردنية ولكن قانون الانتخاب يعد رافعة حقيقية للاحزاب .
واشاد المتحدثون بالتخلص من قانون الصوت الواحد الى غير رجعة، مشيرين الى الكثير من الايجابيات في مشروع قانون الانتخابات والتي قالوا انها بحاجة الى المزيد من الحوار والدراسة المعمقة للخروج بقانون انتخاب عصري يلبي الطموحات والاشارة الى السلبيات لتجاوزها. واجمع عدد من الامناء العامين للاحزاب على انه لم يكن هناك رفض لمشروع قانون الانتخاب الجديد ولكن الجميع اجمع ان القانون بحاجة الى المزيد من التعديل والتطوير وانهم مع التوافق الوطني وعدم اقصاء لاي طرف ،خاصة ونحن بحاجة ماسة جدا الى التلاحم والوحدة في ظل ما يمر به الاقليم الملتهب من ظروف . وطالب اخرون بتفعيل دور الاحزاب في مشروع قانون قانون الانتخاب ومنها ان يكون هناك قائمة وطنية للاحزاب، مشيرين الى ان مشروع القانون لا يزال خاضعا للتطوير والتحسين عليه خاصة ما يتعلق منه في نسبة الحسم.