جراءة نيوز - اخبار الاردن -
حذر تقرير اقتصادي متخصص من غياب رؤية اقتصادية شمولية للدولة تتصل بالسياسات الضريبية والتغيرات المستمرة فيها لما لها من آثار سلبية ونتائج غير متوقعة على الاقتصاد الوطني.
ووجه التقرير الذي أصدره مركز هوية للتنمية البشرية إلى ضرورة وجود رؤية اقتصادية شمولية للدولة تقلل من الإشكالات المرتبطة بتغير القوانين الضريبية والرسوم بصورة عشوائية، موضحا أنه دون وجود الرؤية المذكورة في هذا المجال "سيكون للتغيرات على السياسة الضريبية آثار سلبية ونتائج غير متوقعة على الاقتصاد المحلي لا سيما في حال عدم المواءمة بين استخدام أدوات السياسات المالية والنقدية بشكل يتوافق مع حالة الاقتصاد في حال الكساد وتراجع النمو.
وأظهر التقرير الذي أصدره المرصد الاقتصادي الاردني التابع لمركز هوية أن العبء الضريبي في الأردن (في الضرائب الرئيسة) لا يختلف كثيرا عن المتوسط العالمي.
وفي المقابل، قال التقرير المعنون بـ"العبء الضريبي في الأردن- واقع وآفاق" والموجود على موقع المرصد الالكتروني، إنه إن تمت إضافة بقية الضرائب والرسوم إلى التحليل، يتوقع أن يكون العبء الضريبي العام أعلى وبشكل ملحوظ.
وفي التحليل لبنية إيرادات الضريبة في الأردن، فقد ظهر أن أغلبية الإيرادات تأتي من ضريبة المبيعات، بينما تأتي نسبة قليلة من ضريبة الدخل، لافتا إلى أن هذا الاتجاه يزداد وضوحا عند مقارنة بنية الضريبة في الأردن مع دول أخرى ومع المتوسط العالمي.
وقال التقرير، بما أن الضرائب غير المباشرة هي تنازلية بطبيعتها، فإن من الممكن القول إن نظام الضريبة في الأردن يعاني من درجة كبيرة من الحالة التنازلية مقارنة مع معظم الدول؛ ورغم أن نظام ضريبة الدخل قد تم تصميمه ليكون تصاعديا، إلا أن مساهماته إلى الإيرادات العامة تعد منخفضة جدا، ما لا يسمح باعتبارها ضريبة تصاعدية.
ولفت التقرير إلى أن التعديلات الكبيرة التي تم إدخالها على نظام الضريبة في المملكة وتشريعاتها خلال العقد المنصرم، أدت إلى تقليل إمكانيات توليد الإيرادات عبر الضريبة؛ إذ زادت خلال هذه الفترة، حصة الإيرادات العامة من الناتج المحلي الإجمالي وانخفضت ببعض السنين، كما انخفض كذلك عدد دافعي الضرائب المسجلين والنشطين خلال الفترة الممتدة بين عامي 2009 و 2012.
وعزا التقرير انخفاض عدد دافعي الضرائب إلى التعديلات التي تم تقديمها على تشريعات الضريبة بسنة 2009 والتي سمحت بإعفاءات واسعة.
وقال رئيس المرصد الاقتصادي الأردني المستقل غالب السلعوس ان تفحص بنية الضريبة في الأردن مقارنة بالدول الأخرى، يظهر أن خزينة الدولة تعتمد وبقوة على الضرائب غير المباشرة لتوليد معظم إيراداتها العامة، موضحا أن بنية الضريبة تتسم بعدم اتزان كبير حيث تميل وبقوة إلى الضرائب غير المباشرة على حساب الضرائب المباشرة.
وأضاف السلعوس ان للبنية الضريبية الحالية آثارا كبيرة على عدالة الضريبة في الأردن بسبب الطبيعة التنازلية للضريبة غير المباشرة، ما يعني أن الشرائح الأفقر في المجتمع تدفع حصة أكبر من دخلها على الضرائب غير المباشرة مقارنة بالشرائح الأفضل حالا ماديا والتي توفر أو تستثمر أكثر أو تستهلك سلعا وخدمات خارج الدولة، ما يعني أنها تنفق حصة أقل من دخلها على الضرائب غير المباشرة.
وتظهر أغلبية الدراسات الاقتصادية عن موضوع الضريبة وانعكاسها وإصلاح أنظمتها في الدول النامية والمتقدمة، أن الضريبة غير المباشرة هي تنازلية الطبيعة بينما تكون الضريبة المباشرة ذات طبيعة تصاعدية على الأغلب.
وقال السلعوس إن التقرير اظهر حالة عدم استقرار في البيئة التشريعية فيما يخص قوانين الضريبة والرسوم عبر عرض التسلسل التاريخي لها، كان آخرها ما مر به قانون ضريبة الدخل الذي أقره مجلس النواب مع تحفظات مجلس الأعيان لإجراء تعديلات عليه، مشيرا إلى أن البيئة التشريعية تعد من أبرز محددات الاستثمار بعدة دلالات.
ومن أبرز هذه الدلالات وفقا للدراسة، تراجع مرتبة الأردن بمؤشر قوة حماية المستثمرين من المرتبة 78 في عام 2006 إلى المرتبة 130 في عام 2014.
واشتملت الدراسة الموجودة في التقرير على أوجه استخدامات العوائد الضريبية، والتي تم استغلالها في عملية زيادة النفقات الجارية كمحفز للنمو عبر زيادة الرواتب في القطاع العام، حيث ارتفعت ما بين عام 2004 و 2013 بنسبة 173 بالمئة دون ارتباطها بتحسن في مستويات الخدمات العامة كما صدر عن بعض المؤسسات الرسمية، مثل وزارة التربية والتعليم والتي عزت هذا التراجع إلى الترهل الإداري.
وهدف تقرير "العبء الضريبي في الأردن- واقع وآفاق" إلى تقديم نظرة عامة عن بنية الضريبة وسياساتها في الأردن مع بعض التركيز على التعديلات الحديثة التي تم إدخالها على قانون ضريبة الدخل لسنة 2014.
وقال التقرير إن الحكومة ، وعبر تاريخها، اعتمدت على الضريبة غير المباشرة كمصدر أساسي للإيرادات المحلية، بينما بقيت هناك معارضة مستمرة للضريبة المباشرة من قبل الأطراف ذات العلاقة مما جعلها أداة أقل نفعاً لتوليد الإيرادات.