جراءة نيوز - اخبار الاردن -
ذكرت صحيفة 'الحياة' اللندنية أن نقاط التفتيش التي يقيمها تنظيم داعش على طريق عمان – بغداد تجبر سائقي الشاحنات المحملة بالبضائع على دفع الضرائب للتنظيم بحسب حمولة الشاحنة. ونقلت الصحيفة شهادات عن سائقي شاحنات يعملون على نقل البضائع من ميناء العقبة إلى العاصمة العراقية بغداد، قولهم إن التنظيم جنى ملايين الدولارات من هذه 'الأتاوات' التي يفرضها على السائقين، وهو ما دفع محافظة كربلاء إلى منع إدخال الشاحنات الآتية من منفذ طريبيل الحدودي مع الأردن، لأنها تشكل مصدر دخل لداعش.
وقال التقرير:' لا يفكر سائقو الشاحنات على طريق عمان – بغداد وقد تحول مساره قبل نحو عام ليمر بناحية النخيب ثم محافظة كربلاء، متجنباً مدن الرمادي والفلوجة، كثيراً في ذكرى إعدام القيادي في «داعش» أبو وهيب عدداً من زملائهم السوريين في منطقة الرطبة، خلال توجيه أسئلة إليهم عن عدد ركعات صلاة الفجر. فسلوك أبو وهيب في تلك الحادثة، يختلف عن سلوك التنظيم وهو يدير علناً التجارة البرية بين العراق والأردن وسورية، وقد عادت عليه مئات الملايين من الدولارات خلال نحو عام ونصف العام.
يبتسم السائق حسين مجبل حين يتحدث عن رحلته الأسبوعية بين ميناء العقبة وبغداد، عبر نقطة تفتيش لـ «داعش» في منطقة الرطبة (450 كلم غرب بغداد)، ويقول: «ماعدا الراية السوداء التي تعلو نقطة التفتيش تلك، فإن إجراءات المرور لا تختلف عن الإجراءات في أي نقطة أخرى. نسلم جوازاتنا والأوراق الثبوتية لمنشأ بضاعتنا إلى موظف في تلك النقطة، فيدقق فيها، فيما يتفحص موظف آخر البضاعة ومقارنتها مع الأوراق قبل أن يمنحنا وصلاً بقيمة الضريبة التي علينا دفعها لدى موظف ثالث ليتم تسليمنا جوازاتنا.
والقيمة التي ندفعها في منفذ داعش تختلف وفق نوع البضاعة وحجمها، وهي تتراوح بين 200 و500 دولار وتزيد عندما تكون الحمولة كبيرة». وحتى يحسم التساؤلات الطائفية المحرجة يقول مجبل: «أنا شيعي، ويعرف أفراد داعش هذا، وبعض الشاحنات فيها سائق ومساعد أحدهما سنّي والآخر شيعي لضمان عدم المضايقات سواء لدى الوصول إلى مناطق داعش، أو عندما نصل إلى كربلاء».
وكانت محافظة كربلاء قررت أول من أمس منع إدخال الشاحنات الآتية من منفذ طريبيل الحدودي مع الأردن، والتي تمر عبر نقطة تفتيش «داعش»، معلنة أن تلك الشاحنات تمر في المناطق التي يُسيطر عليها التنظيم الذي يفرض إتاوات، ما يجعلها مصدراً لتمويل للتنظيم. وقابل سائقو الشاحنات هذا القرار بـ «الازدراء».
وقال علي الجبوري باستغراب: «كأنهم (المسؤولون في المحافظة) اكتشفوا اليوم أن داعش يفرض إتاوات بملايين الدولارات، نحن ندفع هذه الإتاوات منذ سنوات بطرق مختلفة، كنا ندفعها في زمن القاعدة، كما دفعنا إلى مجموعات الصحوة، والنقاط التابعة للجيش والشرطة، والآن ومنذ بداية عام 2014 ندفع لداعش، ومنفذ كربلاء يعلم ذلك جيداً وكان يشترط علينا إبراز الوصل الذي يحمل ختم التنظيم باسم الدولة الإسلامية/ قاطع الرطبة لتأكيد أن البضاعة آتية من الأردن أو من سورية». ويكمل زميل له :»سابقاً كنا ندفع رشوة كبيرة في منفذ طريبيل الرسمي، وندفع مبلغاً آخر إلى منفذ داعش، لكن منذ شهور لم يعد الموظفون في منفذ طريبيل (150 كلم غرب الرطبة) يتلقون رشاوى، ونحن وهم والحكومة نعلم أنهم تحت حكم داعش أيضاً، وعندما يتم تبليغ نقطة التنظيم عن حصول رشاوى في منفذ طريبيل يتم قتل الموظف المرتشي بعد ساعات».
حسبة معقدة ومتداخلة تلك التي تحكم الطريق الدولي بين بغداد وعمان فـ «داعش» كان احتل نقطة طريبيل الحدودية مع الأردن في حزيران (يونيو) 2014، لكنه عاد وانسحب منها بعد أيام، عندما قررت الحكومة الأردنية إغلاق الحدود، وقرر فتح نقطة بديلة في منطقة الرطبة متيحاً الفرصة لاستمرار سيطرة الحكومة المركزية على طريبيل.
ويقول مطلعون وسائقو الشاحنات أنفسهم أن «داعش» لم يقرر السيطرة الكاملة على نقطة الوليد الحدودية مع سورية الشهر الماضي، إلا بعدما تأكد تماماً أن حركة التجارة بين بغداد ودمشق توقفت، وكان قبل ذلك التاريخ يجبي الضرائب في نقطة الرطبة نفسها. براغماتية «داعش» في إدارة حركة التجارة البرية، تبررها الأموال التي يحصل عليها، ناهيك عن إدارة التنظيم حركة تجارة خاصة به وبالمناطق التي يسيطر عليها في الأنبار والموصل.