
جراءة نيوز - اخبار الاردن -
بقلم : هاشم الخالدي
كانت تلك الليلة هي الاقسى في حياتي اثناء توقيفي في سجن ماركا لاربعين ليله .
كانت الغرفة (7) في المهجع (أ) التي أقمت فيها هادئه بكل المقاييس ، اتجه السجناء قبيل منتصف ليلة 7/3/2015 للنوم فيما بقي اثنان من السجناء هما ابو رائد السوري وابو رفعت يقظان ويتهامسان بأحوال الدنيا خوفاً من ان يزعج حوارهما السجناء الأخرين الذين استسلموا للنوم باكراً في تلك الليلة.
كنت أرقد على سريري في تلك الاثناء ولم يغمض لي جفن وانا افكر كيف سأقضي الأعوام المقبلة علي في السجن وانا بعيد عن اولادي .. وتذكرت ابنتي فرح التي كنت احرص على تقبيلها وتوديعها صباح كل يوم قبل ذهابها للمدرسة فأصابتني غصة ومنعت دموعي من الإنهيار خوفاً من ان يتفكك ذلك التماسك الذي حرصنا عليه انا و زميلي ورفيقي في السجن سيف عبيدات.
بعد لحظات .. قررت ان اغادر سريري و اتوجه للإنضمام لرفاق السجن ابو رفعت و بو الرائد كي ابعد حزني والكآبة التي سيطرت علي في تلك الليلة و انسى ولو لوقت قصير ذلك الشوق والحنين لأبنائي.
جلست معهم للحظات اقلب معهم بعضاً من الذكريات خارج أسوار السجون وفجأة تلبسني آلم شديد في الصدر قطع انفاسي رافقه آلم في كتفي الأيسر وآلم أكثر شدة في خلفية الرأس .
شعر الاثنان بأن اموري ليست على ما يرام وتحول الحديث الى خوف عما يحدث معي ، وحين اخبرتهم بما يحدث معي هم 'ابو الرائد' وهو سوري الجنسية لطرق باب الغرفه في منتصف الليل من اجل ابلاغ الامن انني اعاني من جلطة في القلب وانه يجب نقلي الى المستشفى بأسرع ما يمكن .
لم أكن حينها ادرك ما يجري معي ، واذكر انني تركت آلامي فجأة وبدأت ارجو ابو الرائد و أبو ابو رفعت ألا يبلغ أحدهما الأمن عما يحصل معي .
سألني ابو الرائد بلهجته السورية المحببة ' شو .. بيك يا زلمة .. مشان الله يا ابو زيد خلينا نبلغ الامن واكيد همه رح يعملوا اللازم فوراً .. مش لازم تسكت على حالك .
حينها – لا ادري كيف استجمعت قواي وامسكت بيد 'ابو الرائد' ورجوته مره اخرى قائلاً أرجوك .. ان كنت اعز عليكم كما تقولون وتكنون لي الإحترام الذي وجدته منكم طيلة كل تلك الفترة ألا يطرق احدكم باب السجن حتى لا يعلم الامن بما يحدث لي .. وللأمانة فجميع مرتبات سجن ماركا كانوا يعاملوننا بإحترام قل نظيره.
بعدها قلت لهم ارجوكم اتركوا سيف نايم ولا تبلغوه ، لأنه من شدة حبه لي سيقوم بإبلاغ الأمن فوراً رغما عني وهذا ما لا اريده.
سألني ابو الرائد وقد بدأت عيناه تغصان بالدمع 'ليش ما بدك تبلغ يا ابو زيد..نترجاك'
قلت لهما : انتما تعلمان انني مصنف في قيود الامن بحسب تهمتي 'خطير جداً' وهذا يعني ان الطبيب اذا قرر نقلي بشكل عاجل الى المستشفى فإنه يتوجب حسب قانون السجون ان يتم تقييدي بالجنازير من يداي وخاصرتي وقدماي ونقلي الى المستشفى بهذا الشكل القاسي الذي ربما يفجر ما تبقى من أنسجة دماغية في رأسي من شدة القهر فاموت بالزنزانه قبل ان اصل المستشفى.
قلت لهما انا اعلم انكما حريصان على كرامتي لذلك ارجوكم اتركوني اموت على سريري بكرامة .. فقد عشت رجلاً حراً ولا أحب ان اموت مقيداً بالسلاسل .
غصت عينا الاثنان بالدموع لكنهما استسلما لرغبتي وذهبت الى سريري الحديدي و أسدلت عيناي للنوم انا افكر في راما و فرح و حلا و تمنيت لو يتاح لي فقط ان احضنهم قبل الموت.
ارخيت جسدي المرهق على السرير واستشهدت في داخلي ولم اتوقع والله ان اصحوا في صباح اليوم التالي علي قيد الحياة سيما وان هاجس الموت في السجن كان قد سيطر على تفكيري منذ تاريخ 1/3/2015 ولأكثر من ثمانية ايام.
لم يكد فجر تلك الليلة يبزغ حتى كان شاويش الغرفة يوقظني لصلاة الفجر ، فكتبت لي الحياة بعد ان زال آلم الصدر والرأس ، فتوضأت و أدينا صلاة الفجر ومكثت أقرأ القرآن حتى الثامنة صباحاً.
مضت الدقائق ثقيلة في صبيحة يوم 8/3/2015 وكانت كل دقيقة توازي يوماً كاملاً وربما عاماً بأيامه الـ360 خاصة انني كنت موعود بالافراج .
عاد الهدوء يلف الغرفة بعد انتهاء وقت الزيارات و أدركت ان ايامي في السجن ستكون طويلة و بدأت أنا و سيف نهيىء انفسنا للتعايش مع هذا الوضع وسلمنا امرنا لله ثم أرخينا جسدانا المرهقان لقيلولة الظهر.
بعد لحظات .. فتح باب السجن بقوة من قبل شرطي يدعى انور ابو حماد و أخران احدهما يدعى امجد الخلايلة و ماجد الزواهرة وبدأ احدهما ينادي بصوت مرتفع .. هاشم حسن الخالدي .. سيف نواف عبيدات .. إفراج .. إفراج .. إفراج.
الجيش يحبط 4 محاولات تهريب كميات كبيرة من المخدرات عبر بالونات
الضمان الاجتماعي يعلن نتائج الدراسة الاكتوارية الـ11
ارتفاع أسعار الذهب محليا
زين كاش تُطلق حملة استقبال العام 2026 للفوز بـ 2026 دينار
الدفاع المدني يحذر: تجنّبوا النوم والمدافئ مشتعلة وبكافة أنواعها
طقس بارد حتى الثلاثاء وأمطار متوقعة اعتبارًا من مساء الاثنين
الإدارة المحلية: التعامل مع 90 ملاحظة خلال المنخفض ورفع الجاهزية للتعامل مع أي طارئ
توقف عمل تلفريك عجلون اليوم بسبب الظروف الجوية