في إطار التقييمات الإستخبارية الدولية التي يجريها قادة كبار في أجهزة إستخبارات دولية في غرف مغلقة في العاصمة البريطانية لندن، يتضح أن قادة إسرائيل لا يترددون في إظار الدهشة والإستغراب من حصول خلخلة سياسية، تؤدي الى إنهيار الوضع السياسي في الأردن، وعدم إنتقال عدوى الربيع العربي إليه، إذ يفردون أوقاتا طويلة لمراجعة أسباب عدم تأثر الأردن بالزلزال السياسي العربي الذي شمل أنظمة عربية تمتلك أجهزة إستخبارات قوية جدا، وتمتلك قدرة على القمع ما تملكه أجهزة الإستخبارات الأردنية، وهو أمر يفاقم منسوب الحيرة الإسرائيلية.
وفي إطار ما أمكن من الإطلاع عليه من مضمون هذه النقاشات، فإن ضباط إسرائيل المشاركين في هذه اللقاءات النقاشية الإستخبارية قد أبدوا حيرتهم، من عدم وجود أي سبب مقنع حتى الآن، لإحتفاظ الأردن بإستقرار أمني وسياسي، فالأردن يتأثر بالأوضاع ذاتها التي تأثرت بها شعوب دول عربية عدة، من فقر مدقع، وبطالة متنامية، وعدم وجود فرص عمل لآلاف الخريجين، إضافة الى تفشي الفساد في الطبقة المخملية الأردنية، وسحق للطبقة الإجتماعية الوسطى.
وخلال اللقاء قال ضباط بريطانيين: أنهم كجهاز إستخبارات فهم يعلمون الكثير عن الأوضاع الدقيقة في الأردن، معتبرين أن عدم تأثر الأردن بالربيع العربي هو أمر غير واقعي، لأن الأردن كان أول دولة عربية في الإقليم تتأثر بالإضطرابات والإحتجاجات عام 1989، وهي إضطرابات دفعت الملك الراحل حسين بن طلال لألغاء حال الطوارئ، وإقالة الحكومة، والدعوة لعودة الحياة الديمقراطية، كما كان الأردن بحراكه الشعبي الداخلي قد سبق الشاب التونسي محمد بو عزيزي، لكن الفرق حتى الآن، في بقاء قناة الإتصال بين الحاكم والمحكوم في الأردن، وهو أمر حرص عليه الملك الأردني عبدالله الثاني، كوالده الذي نجا من عشرات محاولات الإغتيال والإنقلاب.
ويقول الضباط البريطانيين لنظرائهم الإسرائيليين، أن القيادة السياسية للأردن، تستطيع أن تقف في مكان يحجب مسار العاصفة الهوجاء، وتستطيع أن تتخذ القرارات الصعبة، بل والمستحيلة في أوقات الرخاء السياسي، وهو ما يجعلها بعيدة عن السيناريوهات التي حصلت وستحصل في دول عربية لاحقا، إذ يمكن القول – والكلام للضباط البريطانيين- أن الأردن قد نجا بشكل موقت من أي تداعيات سياسية خطرة.