شدد رئيس جمعية المحامين العرب ببريطانيا وخبير القانون الدولي صباح مختار، على ضرورة قيام المملكة الأردنية باللجوء إلى المحاكم الأمريكية لمقاضاة (إسرائيل) على خلفية عرضها مخطوطات أثرية للبحر الميت في أحد المعارض الدولية بالأمم المتحدة والتي كانت قد سرقتها عام 1967 من متحف بمدينة القدس المحتلة.
وأوضح مختار ' أن عزم الأردن على تقديم شكوى ضد (إسرائيل) في الأمم المتحدة يمثل 'خطوة إيجابية هامة، إلا أنها ليست كافية لاستعادة آثار البحر الميت المسروقة'.
وكان مدير عام دائرة الآثار العامة الأردنية بالوكالة فارس الحمود، أعلن في تصريح لمصدر الأحد الماضي، أن بلاده تعتزم تقديم شكوى رسمية ضد (إسرائيل) في منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم 'اليونسكو'، على إثر عرضها مخطوطات البحر الميت في أحد المعارض الدولية.
وأكد الحمود أن دائرته ستبلغ وزارة الخارجية الأردنية بعرض (إسرائيل) لمخطوطات البحر الميت المسروقة في المعارض العالمية، لتتخذ بدورها الإجراء الدبلوماسي المطلوب، مشيراً إلى أن الدائرة ستخاطب 'اليونسكو' أيضاً لتقديم شكوى رسمية حول الانتهاك الإسرائيلي، المتمثل في عرض هذه القطع الأثرية الأردنية المسروقة، من دون إخطار الأردن.
وكان أحد المعارض في الولايات المتحدة قد عرض مؤخراً القطع الأثرية العائدة لمخطوطات البحر الميت، بحضور أعداد كبيرة من الزوار، من دون إخطار السلطات الأردنية، التي تعتبر صاحبة الشأن بهذه القطع المسروقة.
خرق للسيادة الأردنية
وقال مختار لـ'فلسطين':' على الصعيد التاريخي، فإن آثار مخطوطات البحر الميت كانت محفوظة بمتحف في مدينة القدس التي كانت تتبع للسيادة الأردنية وفقاً لأحكام القانون العام والدولي اللذين جاء في نصوصهما أنه يحق للدولة التي تمتلك السيادة على الممتلكات تتبع ملكية هذه الآثار، كما يحق للأردن أن يقدم شكوى بحق السلطات الإسرائيلية لأن مدينة القدس كانت تحت سيادته'.
وفيما يتعلق بالجانب الموضوعي، أوضح مختار أن آثار البحر الميت المتنازع عليها مملوكة للسلطة الأردنية، وبالتالي فإن من يستول عليها يعتبر 'سارقاً' بإقرار كافة القوانين المحلية والدولية، كما أن هناك قرارين من 'اليونسكو' يطالبان السلطات الإسرائيلية بإعادة الآثار إلى الأردن.
وبين أن تعريف السرقة في القانون 'هو أخذ ما يملكه الغير دون موافقته'، وهو ما ينطبق تماماً على قضية آثار البحر الميت التي سرقتها (إسرائيل)، مشيراً إلى أنه 'حتى لو كانت هذه الآثار يهودية إلا أن هذا لا يعطيها الحق في الاستيلاء عليها، إذ إن هناك نصوصاً للتوراة والقرآن والإنجيل في معظم متاحف العالم، وقد تمت حيازتها بشكل قانوني، فلا يجوز لأي دولة دينية الاستيلاء على هذه النصوص لأسباب دينية'.
والجدير بالذكر أن السلطات الإسرائيلية قامت عام 1967 بسرقة هذه المخطوطات التي كانت معروضة في متحف بمدينة القدس المحتلة، خلال غزوها للمدينة واحتجاز جميع حراس المتحف الذي كان يخضع تحت السيطرة والإدارة الأردنية آنذاك.
وفى عام 1968، قامت الحكومة الأردنية بتقديم شكوى رسمية إلى منظمة 'اليونسكو' حول هذا الموضوع، وصدر القراران رقم 30342 و30343 القاضيان بضرورة إرجاع المخطوطات إلى الجانب الأردني، حيث يعتبر الأردن هذه المخطوطات 'إرثاً حضارياً لا يمكن الاستغناء عنه ويجب إعادتها إلى المملكة الأردنية'.
خطوة دبلوماسية
وحول تقديم الأردن شكوى لمنظمة 'اليونسكو'، أكد مختار أنها 'خطوة جيدة لكنها دبلوماسية بالدرجة الأولى وليست قانونية'، منبهاً إلى أن قرارات اليونسكو لا تملك صفة الإلزام عند التطبيق، وأن 'الأفضل هو تكليف مكتب محاماة أمريكي بتقديم طلب إلى المحاكم الأمريكية، بوضع اليد على هذه الآثار المسروقة لحين البت في أمرها'، حسب قوله.
ونوه إلى أن المحاكم الأمريكية ستقبل الطلب؛ استناداً إلى قانونين أمريكيين أولهما هو قانون حماية الملكية الثقافية الذي أقر عام 1983، وقانون حماية ملكية الآثار المسروقة، مشيراً إلى أن الأخير يحتوي على نص صريح 'يعاقب سارق الآثار التي تزيد قيمتها عن خمسة آلاف دولار بالحبس لمدة 10 سنوات أو الغرامة أو كليهما'، وشدد على أهمية التقدم بهذه الشكوى قبل نقل الآثار إلى خارج أراضي الولايات المتحدة.
وقال مختار:' علينا المطالبة بحقوقنا بطريقة مجدية، والمواظبة على طلب حقنا بهذه الآثار المسروقة وعدم التنازل عنها أبداً'، مؤكداً أن إثارة القضية في مختلف المحافل الدولية ليس كافياً 'بل يجب بذل الجهود لاسترجاع الآثار بأقرب فرصة عبر إثارة القضية على الصعيد القضائي بذكاء وصبر'.
واستذكر مختار حوادث سرقة آثار تشير إلى إمكانية استرجاع ما سُرق، كما حدث مع مصر التي استمرت في مطالبة الولايات المتحدة باسترداد عدد كبير من آثارها المسروقة، والتي استرجعت منها حتى الآن أكثر من 200 قطعة أثرية على الأقل.
واستطرد بالقول:' لا تمنع وصاية الأردن على هذه الآثار السلطة الفلسطينية أيضاً من التقدم بطلب يثبت حقها في استرداد هذه الآثار، بحكم أنها 'الخلف العام' للسلطات الأردنية على الأراضي الفلسطينية، أي وريثتها.
وأضاف:' يحق للسلطة الفلسطينية تولي المطالبة بهذه الآثار، والقيام بذات الخطوات كالتقدم بطلب إلى السلطات الأمريكية من أجل استرجاعها'، منوهاً إلى أن 'حصول فلسطين على عضوية كاملة باليونسكو سيسهل المسألة إلى حد بعيد'، حسب تقديره.