الذكرى الثانية عشرة لرحيل المشير حابس المجالي

جراءة نيوز - اخبار الاردن :

توافق غدا الاثنين الذكرى الثانية عشرة لرحيل المغفور له بإذن الله المشير الركن حابس رفيفان المجالي احد رجالات الأردن الكبار الذي كان رمزا وطنيا ومناضلا كبيرا يشار اليه بالبنان , رمز الرجولة والنخوة والفداء وصاحب الكوفية الحمراء الذي أعطى للجندية مذاقا وطعما خاصا برائحة أشجار الشيح والزعتر.

والفقيد احد رجالات الرعيل الأول الذين تبوأوا مسؤوليات كبيرة وكرس حياته جنديا مخلصا شجاعا مدافعا عن ثرى الأردن.

التحق الراحل المجالي الذي ولد في معان عام 1910 بالخدمة العسكرية عام 1932 وتدرج فيها الى ان اصبح قائدا عاما للجيش عام 1958 ووزيرا للدفاع عام 1969 وحاكما عسكريا عاما وقائدا عاما للجيش عام 1970 .
وكان قد عين كبيرا لامناء جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه ووزيرا للبلاط وعضوا في مجلس الاعيان , ومنح العديد من الأوسمة والشارات من أبرزها : النهضة المرصع , والنهضة من الدرجة الاولى , والخدمة العامة بفلسطين , والكوكب من الدرجة الاولى , كما منح العديد من الأوسمة والشارات من عدة دول شقيقة وصديقة.

نشأ المغفور له في كنف أسرة أردنية عشقت ثرى الوطن وكان سبيلها وطريقها للوحدة وحب الجهاد والكرم والجود , فنشأ فارسا اردنيا عربيا يرى الجهاد سبيلا للخلاص من اعداء الامة , وتلقى دراسته الابتدائية في مدينة الكرك واكمل دراسته الثانوية في مدرسة السلط الثانوية.

وكان الفقيد موضع الاحترام والتقدير في كل المواقع التي حل بها وخدم فيها في مختلف بقاع الوطن , وكان اول عربي اردني يشكل كتيبة أردنية ويقودها في حرب 1948 وتقدًم طلائع القوات العربية ليكون رأس الحربة التي كسرت شوكة المعتدين في باب الواد والقدس الشريف التي احبها وعشقها حتى مماته.

وخاض الفقيد في جبهة باب الواد عدة معارك , واستمرت المعارك في باب الواد بكل شجاعة واقتدار حتى كان توقيع الهدنة الأولى في الحادي عشر من حزيران 1948.

وفي ذلك اليوم زار المغفور له جلالة الملك المؤسس الشهيد عبد الله بن الحسين طيب الله ثراه الكتيبة الرابعة والتقى بقائدها وأثنى على جهوده وجهود ضباط وأفراد الكتيبة حيث قال جلالته للقائد حابس " انك تقاتل فوق الأرض التي سار عليها عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد وصلاح الدين وانك اليوم تجدد أمجادهم".

واستمر رحمه الله في خدمة الأردن بكل إخلاص وتفان ووفاء وكان الأردن في قلبه ووجدانه يرى من خلاله ان الوطنية الصادقة هي الانتماء الصادق لكل حبة تراب من ثرى الأردن.

وكان المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه كلف المشير المجالي ليقود الجيش العربي في عدة فترات عصيبة كانت فيها الديار الأردنية تتعرض لتحديات مختلفة.


معالي المشير حابس المجالي في سطور

 (حابس حبسهم بالوادي .. حابس وجنوده وتادي)

    سنة الهية تلك الثورة التي أججها رجال الكرك والمحيطون بها ، حاملين مئات بل آلاف من صفحات التاريخ العريق، الهية أو هية الكرك تعد فاصلة حاسمة في تاريخ نضال الشعب العربي، وعلامة أولى للتحول من حقبة معتمة إلى أخرى مسكونة بالأمل والهواجس معاً، هنا.. في هذه اللحظة التاريخية، والرجال الأحرار ينثرون أرواحهم فداء للأرض والكرامة رفعاً للظلم والظلام، فينثرونها دحنوناً مرتوياً كما يطلقون الرصاص من أفواه البنادق معدودة العد والعدة، هنا بالتحديد عندما سيرت الدولة العثمانية قطعانها المدججة بالمدافع والعسكر من أجل هدم البيوت وحصد الأرواح الأبية والعصية على الرضوخ، ومن اجل ملئ القلعة بالمعتقلين والسجناء، وهي التي بنيت حضارة بعد حضارة لحفظ الأرض والأنفس والأعراض.

    وسط كل ذلك، في خضم إرهاصاته أنجبت بندر الكركية حابس المجالي ، ولدته في المعتقل وهي ترافق (مشخص) فكانتا أول معتقلتين سياسيتين في المنطقة، حرائر ثائرات وزوجات شيوخ، قادوا ثورة كانت بوابة كبرى عبرت منها حركات التحرر العربية حتى انطلاق ثورة العرب الكبرى.

    ولد حابس المجالي من رحم الثورة وعلى جبينه رايات المرحلة القادمة ، ففي تلك السنة 1910 م أرخ لمولد المشير حابس المجالي، وإن ذهب البعض إلى أن ولادته كانت سنة 1914 م، لكن العرب كانوا يؤرخون بالأحداث وهو من أبناء سنة الهيّة ، ولعل من آثار تلك المرحلة أن دفعت بحابس للالتحاق بالخدمة العسكرية في سن مبكرة، فهو مفطور على النضال والفروسية، حاملاً في ذاكرته وفكره صور تلك البطولات التي خطّها الآباء والأجداد في سجلات الفخار الأردني، فلم يكن عام 1932 م يؤرخ لدخول منتسب جديد لصفوف الجيش العربي الناشئ فقط، بل يؤكد على توجهات شاب توج حياته ووطنه بالبطولة والفداء، حيث أخذ الفتى الكركي يثبت نبوغه العسكري وإخلاصه الحقيقي من خلال تدرجه في الرتب والمناصب العسكرية التي كلما علت وزاد رقيها ثقلت مسؤولياتها وتعاظمت واجباتها.

    يعد حابس المجالي أسطورة عسكرية تجلت صورها من خلال حروب جيش الإنقاذ في فلسطين عام 1948 م ، فلا زالت الوثائق الإسرائيلية والعربية تشهد على شجاعته وحنكته كلما حمي وطيس المعركة، فهو أسد معارك القدس في اللطرون وباب الواد .

    ففي معركة اللطرون التي قاد خلالها حابس القوات الأردنية المكونة من (1200) جندي في مواجهة شرسة مع عدد جيد التسليح يصل تعداده إلى (6500) جندي، وتمكن هذا القائد الشاب أن يدفع بالقوات الأردنية للتفوق وتحقيق نصر عز نظيره في تلك الحروب، منادياً نشامى الجيش العربي بعبارته الشهيرة ( الموت ولا الدنية) فتلحق بالقوات الإسرائيلية هزيمة نكراء، وقد قدرت بعض الجهات اليهودية خسائرها بألفي قتيل، وأسر عدد كبير من الإسرائيليين من بينهم رئيس وزراء إسرائيل السابق (ارئيل شارون) ونقل إلى معسكر الأسرى في مدينة المفرق، وقد كانت هذه المعركة خطوة كبيرة في تحرير القدس، ليكون النقيب حابس المجالي يومها قد كسر توقعات العدو، ورفع معنويات الجيوش العربية التي عانت من إخفاقات متلاحقة.

    أما معركة باب الواد فهي درس بالغ القسوة لقنه اسود الجيش العربي الأردني لليهود بقيادة حابس المجالي، وقد وقعت هذه المعركة بعد اقل من أسبوع على معركة اللطرون ، وتجلت في هذه المعركة أروع صور البسالة والفداء ، وانقضّ نشامى الجيش على خطوط اليهود مقدمين أرواحهم فداء للقدس والأرض المباركة، ففتكوا بهم والحقوا بهم شر هزيمة. 



فلقد قتل منهم المئات وجرح أكثر من ألف جندي وعدد من الأسرى، في حين استشهد من الجيش العربي الأردني عشرون جندياً، وبذلك تمكنت القوات الأردنية من تحرير مدينة القدس من يد القوات الإسرائيلية من خلال رائعة عسكرية، وملحمة تاريخية قدم فيها حابس المجالي نفسه كقائد عظيم قادر على التعامل مع أقسى الظروف وفي ظل ضعف الإمكانيات للقوات العربية ، وسجل الجيش الأردني واحدة من انصع الصفحات في التاريخ العربي الحديث، فقد قال مؤسس الكيان الإسرائيلي ديفيد بنغوريون عام 1949 م أمام الكنيست "لقد خسرنا في معركة باب الواد وحدها أمام الجيش الأردني ضعفي قتلانا في الحرب كاملة".

    وفي ظروف صعبة واجهت الأردن أصبح المشير حابس المجالي قائداً عاماً للجيش عام 1970 م، ليثبت من جديد انه الجندي الوفي والشجاع ، وانه قادر إذا ما دعت الحاجة، أن يلبي نداء الواجب في أحلك الظروف لتعود عمّان عاصمة للأمن والطمأنينة، وداراً لأحرار العرب ومستغيثيهم، لذلك لم يبخل (أبو سطام ) حابس بيوم واحد من عمره على الوطن الغالي.

    وتقلد مناصب عدة وهبها كل ما يستطيع لا يبغى غير حفظ الأرض الأردنية وخدمة شعبها وقيادتها، فعين كبيراً لأمناء جلالة الملك ووزيراً للبلاط ووزيراً للدفاع وعضواً في مجلس الأعيان حتى وفاته.

    وكان القائد البطل رقيق القلب ، مرهف الحس، كثيراً ما انساب الشعر على لسانه رقيقاً سلساً، ومن أشعاره:

    يا عيال مين يريحني
    ويطرد هوى البيض يومين
    وانا هوى البيض سوسحني
    سم وسقط بين ضلعيني
    دنا القلم وابيض القرطاس
    وبخاطري ناظم بيتين
    عاللي بهواها سلين الناس
    سبع سنين تواليني
    وش علمك بالمراجيل
    ياردي الجبل وش علمك بالمراجيل
    والمشي بالليل حنا ارجال
    حنا كراسيها حنا رماح
    القنا لا تعكزت فيها

    من الرعيل الاول المشير حابس المجالي - جريدة الدستور

    إن الحديث عن المشير حابس المجالي هو حديث عن أحد رجالات الرعيل الأول اللذين تبوأوا مسؤوليات كبيرة وكرس حياته جندياً مخلصاً شجاعاً مدافعاً عن ثرى الاردن.

    فهو علم من أعلام الأردن استطاع نقش إسمه بحروف من نور في تاريخنا المعاصر عبر مسيرته الحافلة بالشجاعة والكرامة والإنتماء والتضحيات.

    إنه الرجل القائد الذي يصعب أن تؤرخ سيرته ومسيرة حياته إنه الرجل الزعيم ببساطة خصاله وسمو أفعاله فالقيادة والزعامة عندما تجتمعان في رجل فإنما تضعنا منه رجلاً كبيراً فيه من شمولية المناقب والصفات ما يحتل مساحة أوسع من أن تفيها حقها الأحاديث.

    الحديث عن أبو سطام هو السهل الممتنع فمن السهل الحديث عن شخصيته النقية والهادئة وعن نظافة مسلكه وخلقه وأصبح مشهوداً له بذلك. ولكنه كان الممتنع في الحديث عن نفسه أو الترويج لها أو السماح بالمس بكرامته أو كرامات الناس مهما اختلف معهم. فهو أحد الرجالات اللذين بنوا الأردن وشيدوه وعمروه وحرسوه بدمائهم وترفعهم وسموهم وتساميهم.

    ولد حابس ارفيفان المجالي في مدينة معان عام 1910 وتلقى دراسته الإبتدائية في مدينة الكرك ، وأكمل دراسته الثانوية في مدرسة السلطة الثانوية. وكان المشير حابس المجالي القائد الأشم الذي جسد معنى الرجولة وشرف العمل في ميادين المعارك.

    إنه البطل المغوار الذي تعرفه ساحات اللطرون وباب الواد ومشارف القدس الشريفة.وقد سار حابس باشا في طريق الرجولة ليكون أول ضابط عربي برتبة مرشح يحمل الرقم (47) في القوات الاردنية ، يسير فوق ثرى الأردن وهو يخدم كل الأنحاء ويحمل في قلبه حب القيادة ووفاء الخدمة ولا شك بأنه قد اجتمعت الرجولة والصدق والإخلاص وشرف العمل الذي كان للميدان وفي الميدان الاختبار الحقيقي.

    فهو فارس من بداوة الاردن الطيبة فحين ضمته مدرسة السلط طالباً وضمته أرض عجلون والسلط وإربد وجرش ومعان قائداً وسار في دروب غزة وبئر السبع مقاتلاً ووقف في باب الواد يحمي القدس فحين كان حابس باشا كل ذلك كان القائد العربي الأصيل الوفي لأمته ووطنه.

    وقد تحدث المؤرخ الكبير الدكتور بكر خازر المجالي عن شخصية المرحوم حابس باشا المجالي قائلاً: حابس...التاريخ الذي بقي صامتاً يرفض الحديث عن بطولات صنعها وعن تاريخ سطرة بأحرف من رصاص عرفته أبواب القدس وباب المسجد الأقصى وروابي بيت لحم ورام الله ووقف إلى جوار مقام معاذ بن جبل وفوق الأرض التي سار عليها أبوعبيدة عامر بن الجراح ، وعمر بن الخطاب وصلاح الدين ليخبره قادة زملائه "إنك يا حابس تجدد أمجاد الماضي وترسخ صورة التاريخ العربي الناصع" فقد احتل قلب الأردنيين بشهامة الرجولة وصفاء السريرة وحسن المحيا والعدل البديهي النابع من بياض القلب وعمق الرؤيا التي لا ترنو إلا إلى ما هو أندى وعمق البعيد الأعلى فالأعلى.

    وأضاف الاستاذ راكان المجالي قائلاً: إن الكلمات غير قادرة على الإحاطة بتجربة شخص عام أعطى وطنه كل عمره وكان متميزاً بالولاء لوطنه وتميز بالفروسية فقد كان فارساً بالمعنى المطلق فهو لم يكن فارساً اردنياً ولا فارساً عربياً فحسب بل هو آخر فرسان الزمان.

    ولذلك فإن المشير حابس المجالي أبوسطام يعتبر رمزاً أردنياً وعربياً فهو صاحب سيرة يفتخر بها الأردني ويعتبر صاحب مواقف جريئة وشجاعة ودوداً ، محباً للآخرين إكتسب العفة والرجولة كابراً عن كابر صريحاً في قول الحق فهو رمز للعطاء والإنسانية لم يعادً سوى أعداء الأمة. جرأته كانت لحد التضحية بنفسه وبكل ما يملك أمين حين يقتضي الأمر الأمانة بطل في المعارك لا يشق له غبار وأعداء الأمة شاهدين على ذلك.

    فهو من الرجال الذين خدموا الوطن والأمة بصدق وأمانة وشرف لم يغيروا الطريق رغم كل الصعوبات التي تعرضوا لها ، بالإضافة لذلك فقد كان للمرحوم المشير حابس المجالي دور كبير في دعم ومناصرة الثورة الجزائرية 1954( - )1962 سواء عن طريق حملات التبرعات التي كان يدعو لها ويشرف عليها ، وكذلك الإشراف على تدريب الضباط والطلاب الجزائريين في الكليات والمعاهد العسكرية والمشاركة في الكثير من المهرجانات التي كانت تعقد لمساندة تلك الثورة.

    رحل المشير حابس المجالي وهو يوصي بالأردن ، الأردن الذي يتجسد في وجدان حابس في أكثر من معنى ، الأردن الذي لا زال يمثل لحابس الهوية والإنتماء والمستقبل والحاضر والماضي.

    والاردن الذي كبر في ذاكرة حابس المجالي عاش وتعايش معه ، الاردن الذي شكل له ولأهله ذاكرة نضالية فيها من العمل النضالي الوطني ما يفسر لنا كيف تخرج الرموز الوطنية من رحم الوطن ، وكيف هي العلاقة التي ربطت حابس باشا مع تاريخ الوطن لحظة بلحظة ، فقد توحد دوماً مع الوطن أو في لحظة أضاع بها الآخرون متاهات وبقي الأقرب والأكثر التصاقاً بالوطن والقضية فمن حق كل الأردنيين أن يحملوا صوراً للرموز الوطنية وللرجالات الخالدة.

    وقد التصق المرحوم المشير حابس المجالي بالخدمة العسكرية عام 1932 بعد أن أكمل دراسته في مدرسة السلط الثانوية ثم تدرج في المجال العسكري إلى أن أصبح قائداً عاماً للجيش عام 1958 ووزيراً للدفاع عام 1969 وحاكماً عسكرياً عاماً وقائداً عاماً للجيش عام 1970 ، فقد نشأ المرحوم المشير حابس المجالي في كنف أسرة أردنية عشقت ثرى الوطن وكان سبيلها وطريقها للوحدة وحب الجهاد والكرم والجود فنشأ فارساً أردنياً عربياً يرى الجهاد طريقاً للخلاص من أعداء الأمة ، وكان المجالي موضع الاحترام والتقدير في كل المواقف التي حل بها وخدم فيها في مختلف بقاع الوطن وبعد أن خاض عدة معارك في باب الواد. تم توقيع الهدنة الأولى في الحادي عشر من حزيران عام 1948 ، وفي نفس اليوم زار الملك المؤسس الشهيد عبد الله بن الحسين طيب الله ثراه الكتيبة الرابعة والتقى بالقائد الشجاع حابس المجالي وأثنى على جهوده وجهود الضباط وأفراد الكتيبة حيث قال جلالته للقائد حابس المجالي "إنك تقاتل فوق الأرض التي سار عليها عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد وصلاح الدين وإنك اليوم تجدد أمجادهم".

    وقد كلف جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه المشير المجالي ليقود الجيش العربي في عدة فترات عصيبة كانت فيها الديار الاردنية تتعرض لتحديات مختلفة.

    وكان حابس المجالي قد خرج إلى فضاء الوطن الأردني الكبير ومعه زاد من غضب الكرك وكتاب من صبر الجنوب وحلم بأن تترسخ الدولة الأردنية القومية حتى ترد عن الأمة العربية شر الاستعمار وخطر الغزو الصهيوني ، فالاردن بالنسبة لحابس المجالي ذلك الكيان الذي بناه جيل من الرجال الأوائل الأبطال والقادة والمفكرين والسياسين الذين طبقوا القاعدة التي تقول أن الوظيفة تكليف وليست تشريف ، فهو عروبي النشأة والتطلع ، لكنه أعطى الأولوية للوطن الاردني فالاردن هو محور الاهتمام باعتباره النقطة لأقرب والسبيل الوحيد للوصول إلى الأولويات الأخرى.

    وكانت فلسطين بالنسبة لحابس المجالي الأرض التي لا أغلى ولا أحب وميدانه الذي تجلى به انتماؤه ومقداميته ، والولاء عنده هو الولاء المشتق من خلق الفرسان ومن المبادىء والقناعات والولاء للقادة الهاشميين. ولا غرابة في كل ذلك فحابس هو الإبن الأبي للكرك الأبية ، حاضنة التاريخ والفكر القومي ، إنه البطل الوفي المخلص لأهله وقضايا أمته ، وفي ذكر مناقب القائد المقدام فقد كان عف الضمير ، لطيف الكلام ، جم التواضع ، جذاب للمودة والاحترام.

    وفي ذلك تحدث دولة السيد زيد الرفاعي رئيس مجلس الأعيان قائلاً: إننا نتعلم من سيرة المرحوم المشير حابس إرفيفان المجالي أن الغنى غنى الاخلاق الحميدة ونتشرف بك أباسطام وأنت قدوتنا في دماثة الخلق وحسن المعشر وخفة الظل فاستذكر مسيرتنا في رحلة عمر من الأخوة والصداقة وخدمة العرش الهاشمي المفدى والاردن الغالي امتدت على مدى أربعين عاماً بحلوها ومرها ربما فيها من جلسات الأدب والشعر والسمر وما كنت تتحفنا به من شيق الحديث خلال لقاءاتنا وأسفارنا بمعية المغفور له جلالة الحسين المعظم ، نقتدي بك أخي أباسطام وأنت ترى الكل من حولك أبناء لك لا تميز بينهم إلا بمقدار حبهم للأردن وعشقهم لهذا الثرى الطهور وتفانيهم في خدمة العرش الهاشمي المفدى الذي نلت شرف خدمته على مدار عقود من الزمن.

    وكان رحمه الله عزيز النفس لطيف اللسان طيب المعشر حريصاً على وحدة أهله وصلاح عشيرته ، فقد كان يحب البساطة في جلساته مع أهله وأصدقائه يتبادلون القصيد البدوي وهذا بيتاً من الشعر البدوي يحفز الاعتماد على النفس ، منها :

    الناس ما يرووك لن كنت عطشان ما يرتوي المظمي إلا من ذراعه

    المشير حابس المجالي سهم في كنانة بني هاشم ما انتمى لغير لهيب النار عُرف عبر مسيرة الوطن الخيرة ضابطاً مقداماً وقائداً فذاً رابط الجأش ثابت الجنان ، أبا حانياً ، مترفعاً أبداً عن الصغائر صاحب القلب الكبير والحضور المهيب ظل على ما هو عليه إخلاص بلا منّه ووفاء بلا حدود ، عزيمة يلين لها الصخر ولا تلين كان الجندي المخلص الأمين الذي ما تأخر يوماً عن وطنه وأهله ومليكه فقد عاش شهماً ما رمى إلا لكل فعل مشرف ولم يكتفي بالقول بل بالفعل.

    كان - رحمه الله - رجل المهمات الصعبة والمواقف الجريئة لم يجامل على حساب الوطن ولم يحد قلبه عن بوصلة الاردن ظل الوطن هاجسه الدائم الدائب المتجدد يعشق الجندية ويحب العسكر ويقدس تراب الوطن.

    فارس لم يترجل عن صهوة جواده حتى لا يجف الصهيل في رئة الخيول ، خاض وزملاؤه من فرسان الجيش العربي غمار المعارك في فلسطين وظل يحرس أحلام الأمة في باب الواد واللطرون وعمواس واستطاع رغم شح الإمكانات وقلة السلاح أن يحفظ ما استطاع من أرض فلسطين ويكبد العدو أفدح الخسائر رحم الله القائد البطل المشير حابس إرفيفان المجالي وأسكنه فسيح جناته.

عاش المشير حابس المجالي قرابة التسعين عاماً قضاها جندياً مقاتلاً وقائداً شجاعاً ومسؤولاً رفيع المستوى حتى وفاته في 24 /4 /2001 .. رحمه الله.