الزرقاء.. ازدحام ومزاجية سائقين و"كنترولية" تنفر الركاب
يفضل أبو أحمد، المسير على قدميه لمسافة ثلاثة كيلومترات، بدل الانتظار لساعات طويلة لركوب احدى حافلات النقل العام في الزرقاء، من قناعة اصبحت راسخة لديه 'تتعب قدماي ويرتاح رأسي'.
لكن اختياره للمسير منذ عام تقريبا، ليس ترفاً ولا حبا في المشي، فشوارع المدينة بحسب ما يرى 'متكدسة وأرصفتها إن وجدت فهي على الأغلب تحت طائلة اعتداءات الباعة أو المواطنين'، غير انه لم يعد قادراً وهو على أبواب الخمسين عاما، تحمل المزيد من تصرفات بعض السائقين و'الكنترولية' المسيئة.
يعود ابو أحمد بالذاكرة الى آخر مرة اختبر فيها الحافلات، وكانت خلال وقفة عيد الأضحى الماضي، متوجها إلى منطقة الزرقاء الجديدة' كانت الحافلة تغص بالركاب، وفجأة سمعنا صراخ السائق ، وتبعه شتائم'.
ويتابع حديثه .. تبين أن الأمر الذي أغاظ السائق، كان مطالبة أحد الركاب له بعدم تحميل ركاب لإضافيين، لكن السائق أوقف الحافلة بالقرب من دوار الشهيد هزاع المجالي، وبدأ وصلة شتائم، ونزل من المركبة لتدخين سيجارة بينما الركاب في الحافلة.
ويبدو كما يتحدث ابو احمد، أن نزول السائق للتدخين لم يطفئ غضبه، فاستأنف بعد عودته وصلة السباب والشتم، وهنا يقول ابو احمد 'قررت الا اركب حافلة مجددا، للأن خياراتي كانت محدودة بين القيام بأعمال ضد السائق، أو عدم ركوب الحافلة مجددا'.
أما فوزي، الذي اتخذ هو الآخر قرارا شبيها بقرار أبو أحمد، فيقول، علاوة على تردي خدمات النقل العام في المدينة منذ عقود، لكن السنوات العشر الاخيرة، حملت تغيراً لا يمكن تحمله من سلوكيات، أفضت إلى جعل العلاقة مع الراكب تخضع إلى مزاجية السائق والكنترول.
ويشير الى إجراءات تعسفية بحق الراكب إذا اعترض على تصرفات السائق مثل التحميل الزائد، وعدم الوصول إلى نهاية الخط وتقاضي اجرة مضاعفة، أو تسليم الركاب لحافلة أخرى، تبدأ بالامتناع عن تحميله 'عمدا'، أو التحرش به لفظيا، وقد تصل أحيانا إلى الاعتداء الجسدي، وهي اجراءات اختبرها العديد من ركاب الحافلات المتوسطة في الزرقاء لمرات عديدة.
ويقول إن ركوب الحافلة في الزرقاء هم لا يكاد يفارقه، فالمسألة باتت تتعدى قلة عدد الحافلات، وتدني مستوى الخدمات إلى الحد الذي أصبح فيه الراكب ' أسيرا' للسائق والكنترول.
ويضيف ان الاعتراض على الاستغلال سواء بتقاضي أجرة أعلى من المقررة، أو رفض إخلاء المقعد ' إن وجد' لصالح إحدى الفتيات 'نتائجه وخيمة'، رغم أنه لا يرفض التخلي عن مقعده إلا عندما تكون الحافلة قد تكدست بالركاب ولا يوجد مكان لـ'موطئ قدم'.
ويؤكد أن معاناة الركاب في الحافلات ليست حديثة، بل تعود إلى عقود، لكنها ازدادت سوءا خلال السنوات الماضية، حيث أضحى الفلتان عنوانها، لافتا أنه أصيب العام الماضي برضوض متوسطة عندما هاجمه السائق والكنترول بعدما رفض الانصياع لمطالب الكنترول بإخلاء مقعده لصالح فتاة، رغم أن الحافلة كانت مكدسة بالركاب الواقفين.
ويتابع.. استشاط الكنترول غضبا وبدأ بتوجيه شتائم بذيئة على مسمع الركاب، وأقسم أن لا يقوم بـ'تحميلي مجددا'، وزادت عصبيته أكثر عندما قلت له بأنني سأتقدم بشكوى ضده، وقام بالهجوم 'علي عندما قلت له هذه حافلة عامة'.
انتهى الأمر بشكوى تقدم بها فوزي العام الماضي، مرفقا بها تقريرا طبيا من مستشفى حكومي، لكنها ما زالت حبيسة الأدراج، 'ولا أعلم ماذا جرى بها للآن'.
هذا الحال عن تردي خدمات النقل العام، وفوضى المواصلات في الزرقاء، شكل تحديا لمواطني المدينة البالغ تعدادهم قرابة 900 ألف نسمة، فيما يصل عدد الركاب بين الزرقاء وعمان وحدها نحو 100 ألف راكب يوميا، ونحو 350 ألف مواطن يستخدمون حافلات النقل الداخلية.
ولا تنحصر مشكلة وسائل المواصلات العامة في عدم توفر عدد كاف من حافلات النقل العاملة على الخطوط الداخلية أو تلك التي تربط المدينة بالمحافظات المجاورة بل ومن تدني مستوى الخدمات وغياب رقابة فعلية من جانب الجهات المعنية على سلوك بعض السائقين.
ويقول سميح ابراهيم، إن تكرار حوادث 'تطاول' السائقين والكنترولية على الركاب، وغياب المساءلة من جانب الجهات المعنية، جعل من هذه الحوادث عنوانا يوميا يواجهه الركاب.
واكثر ما يغيظ ابراهيم، توقف سائق الحافلة في منتصف الطريق، والطلب من الركاب النزول والركوب في حافلة أخرى - وهي عادة متبعة عند السائقين وتسمى 'كر'- تكون مزدحمة في العادة، حيث تبدأ المعاناة بالبحث عن موطئ قدم، وفي حال الرفض يرد الكنترول' روح اشتكي علي'.
ويؤكد المعلم إياد محمود ان معاناة المواطنين في وسائل المواصلات باتت أمرا طبيعيا لسكان المدينة، لاسيما سكان الأحياء البعيدة عن منطقة الوسط التجاري، معتبرا أن أزمة المواصلات يمكن التغلب عليها بقليل من التنظيم، لكن المشكلة تكمن في تصرفات بعض السائقين و'الكونترولية ' الذين يتعاملون مع الركاب كقطيع من الأغنام.
وعزا المواطن خالد إبراهيم تفاقم المشكلة من عام لعام إلى عدم اكتراث الجهات المسؤولة عن القطاع بما يعانيه المواطن ويقول ' فقد المواطن في الزرقاء أمله في إيقاف تجاوزات هؤلاء على حقوق المواطنين، فلا تجد في المحافظة وسيلة مواصلات تليق بالبشر'.
ويقول إن سوء المواصلات شكل انطباعا لدى المواطنين بان المواصلات هي وسيلة الفقراء والمعدمين فيما لجأت العديد من الأسر إلى شراء مركبات خاصة الأمر الذي فاقم من أزمة السير الخانقة في شوارع المدينة .
ويرى سميح خدام أن تردي وسائل النقل العام في المدينة، يكلف الدولة ملايين الدنانير جراء اضطرار المواطنين إلى اقتناء مركبات خاصة؛ بين محروقات وقطع غيار وحوادث سير.
و كانت قد أشارت تصريحات صحفية إلى وجود تنسيق وتعاون مع المباحث المرورية للقيام بدوريات مشتركة مع الهيئة للخطوط التي تكثر عليها شكاوى من قبل المواطنين والتي تنعكس سلباً على الخدمة المقدمة لهم، بحيث يتم توجيه الإنذارات العدلية واخذ التعهدات على السائقين وأصحاب وسائط النقل بعدم تكرار المخالفة والالتزام بتقديم الخدمة للمواطنين.
وقالت إن مكاتب هيئة النقل العام لا تملك صفة الضابطة العدلية لتقوم بضبط المخالفين من اصحاب وسائقي وسائل النقل، حيث تقوم الهيئة بمخاطبة المباحث المرورية لاجراء المتابعة وضبط المخالفين'.