جراءة نيوز - اخبار الاردن :
اكثر من عامين مرت على اقرار الحكومة لتعليمات وانظمة تضمن حقوق عاملات المنازل وكفلائهن، وتهدف من حيث المبدأ الى تنظيم قطاع استقدام عاملات المنازل، ولكن في الواقع تبقى التشريعات مجرد اثبات «حسن سلوك « لتبييض «صورة « اطراف معنية في عملية الاستقدام، صارت سوداء، بلا مفاعيل قانونية.
بحسب تعليمات وانظمة استقدام عاملات المنازل، فان مكاتب الاستقدام تلتزم بتبليغ الاجهزة الحكومية المعنية عن اي انتهاك تشهده لحقوق عاملات المنازل، كما تلتزم بتغطية نفقات سفر العاملات اللواتي يعانين من امراض خطيرة اثناء فترة الاختبار « الثلاثة اشهر الاولى « وبعد ذلك يصبح الكفيل « المواطن» مسؤولا عن نفقات عودتها الى بلادها.
شكلا، تمثل التشريعات خطوة ايجابية تنطوي على اعتراف بوجود خلل وانتهاكات سافرة في قطاع استقدام عاملات المنازل من الواجب اصلاحه، اما مضمونا، فانها لا تضيف الى الواقع شيئا، فالامور تزداد سوءا، والشكاوى يرتفع معدل ورودها الى وزارة العمل والجهات الاخرى المعنية بشكل لافت، والازمة تتضخم وتتفاقم لحد «الخطر»، والتشريعات صارت مجرد «لمسة معنوية ناعمة «، فضفاضة حينا ومبهمة احيانا اخرى عند الشروع في تطبيقها.
ما زالت «مكاتب الاستقدام» تتنصل من مسؤوليتها المنصوص عليها بالقانون، وتنقطع علاقتها بالعاملة بمجرد خروجها من المكتب وتسليمها للكفيل دون الالتفات الى ما سيحدث لاحقا، ودون ادنى احترام لبنود الاتفاق المبرم بين العاملة وكفيلها ومكتب الاستقدام، ويبقى « الكفيل « هو الضحية الاوحد « في دائرة علاقات عملية الاستقدام، يخسر امواله دون ان يجد سبيلا الى تعويضه في حال تبين ان العاملة مريضة او غير قادرة على العمل وتفاصيل اخرى في اختبار «الثلاثة اشهر الاولى «.
الاشكال ذاته يكبر وتتضخم تداعياته على «الكفيل» في حالات هروب عاملات المنازل من منازل مخدوميهن، ولا يعول في هذه اللحظة على الاجهزة الرقابية والتشريعات التي لا يمكن ان تحصل او تسترد حقا ماليا للكفيل، غياب» تفعيل القانون « يعني اقتصار العمل على الاليات «التقليدية والعشوائية» المتاحة والتي تتعدى التوصل الى تسويات يكون» الكفيل « ضحيتها في اغلب الحالات.
من هنا، يبدو مشروعا السؤال عن تلك الانتهاكات والتجاوزات السافرة التي ترتكبها مكاتب استقدام عاملات المنازل تصل الى حد -الجنحة والجناية-، ولا تلاحق قضائيا وقانونيا، ويتم التستر عليها وتزيد من معاناة المواطنين وترهقهم ماليا، وتذهب حقوقهم مع الريح، وتبقى التشريعات مجرد «اثبات شكلي « لتبييض صورة الحكومة ومكاتب الاستقدام.
الوزارة ترفض الاعتراف بعجزها وقصورها الواضح في القضاء على مظاهر الانتهاكات والتجاوزات التي يذهب ضحيتها « الكفيل « وجنوح مكاتب استقدام الى سلب حقوق الكفلاء والاتجار بالعاملات بطرق غير شرعية وباساليب مختلفة تراوح بين تهريب العاملات ورفض تعويض الكفلاء عن الخسائر، واستقدام عاملات مصابات بامراض سارية خطيرة دون اخضاعهن الى الفحوص الطبية الدقيقة والموضوعية المنصوص عليها في تعليمات الاستقدام.
ما يسمع ويقرا من اخبار من- هنا وهناك - عن اكتشاف وضبط عاملات منازل اجنبيات مصابات بامراض سارية كان اخرها تسفير 8 عاملات اسيويات مصابات بـ»مرض الايدز « ما يؤكد بما لا يدع مجالا للشك ان قطاع استقدام عاملات المنازل خارج سيطرة الحكومة، وان عجزا مرصودا وواضحا في ادارة عملية الاستقدام يسمح للعابثين والباحثين عن تحقيق ارباح مالية خيالية بتمرير خططهم ومشاريعهم دون اي رقابة تذكر عليهم.
ثمة عجز اخطر في قطاع استقدام عاملات المنازل يضاهي كل مظاهر العجز السابقة ويتمثل في تفعيل بروتوكولات واتفاقيات التبادل العمالي مع الدول المصدرة لعاملات المنازل، وخصوصا التي تحظر على رعاياها العمل في الاردن، ولكن يبدو ان العجز الواقع يزيد من المخاطر الصحية والعمالية « الحقوقية « التي تتوسد ازمة استقدام عاملات المنازل.
حالة الفوضى التي يعيشها قطاع استقدام عاملات المنازل وعدم القدرة على ضبطه، يزيد يوميا من شكاوي المواطنين، ويعرض حقوقهم الى الضياع، ويبقى الكفيل هو الطرف الاضعف في معادلة الاستقدام، ويزيد ايضا من الكلف الانسانية التي تتحملها الدولة نتيجة عمليات هروب العاملات وتعرض حقوقهن الى الانتهاك."الدستور -فارس حباشنه"