جراءة نيوز - اخبار الاردن :
إعداد الدكتور تيسير الفتياني -المشاركة في الانتخابات النيابية تختلف بحسب المنظور الأيديولوجي لحركات الإسلام السياسي، فالحركات المتشددة تعتبر المشاركة في الانتخابات النيابية محرمة ولا يجوز الانتخاب أو الترشح لهذه المجالس، فيما تعتبرها الحركات المعتدلة جائزة من الناحية الشرعية، ويجوز الترشح والانتخاب، ويشترط ممارسة الحق الانتخابي لمن تعتبره هذه الحركات شخصاً مؤهلاً، يمتلك الخبرة والكفاءة.
وقد كثر الحديث عن حكم المشاركة في المجالس النيابية و بعد أنتملا الشوارع ووسائل الاعلام المختلفة،إعلانات المشاركة من يافطات وصور ودعايات، حيث يزكي كل مترشح نفسه ويعلن انه الأفضل وانه المستحق لإشغال هذا المقعد البرلماني، وترشيح الكتل البرلمانية الهلاميه التي لا تمتلك برامج أو خطط مدروسة لإدارة العباد والبلاد والتي ستشكل الحكومة البرلمانية المرتقبة ولمدة أربع سنوات ،
فالمشاركة في المجالس النيابية تشمل الترشيح والدعاية والانتخاب ثم بعد النجاح الإسهام في المجلس ويمكن تفصيل الأمر كما يلي:
أولا: المشاركة في انتخابات المجلس والدعاية للمرشحين والإنفاق في هذه العمليات من الأمور المشروعة ضمن الضوابط التالية:
أن يعلم النائب انه يملك سلطة محاسبة الحكومة مجتمعة أو متفرقة، ويملك نقد سياساتها الداخلية والخارجية وتصويبها ومحاسبة أصحاب الفساد الإداريوالأخلاقيوالمالي وغير ذلك من أسباب الفساد، وانه يملك محاربة الظلم وتقويم الظالم ومحاسبة المعتدين على المال العام وعقوبتهم، وان يكون لديه الجرأة والشجاعة للقيام بذلك؛ ولا يخشى في الله لومة لائم وينطلق في ذلك كله من قوله تعالى:( ولتكن منكم امة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) آل عمران:104، ومن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فان لم يستطع فبلسانه، فان لم يستطع فبقلبه، وذلك اضعف الإيمان) رواه مسلم.
أن يعلم النائب انه يملك مناقشة مشاريع القوانين التي تعرض على المجلس والمقدمة من الحكومة فيجب عليه أن يناقشها على ضوء أحكام الشريعة الإسلامية، وضمن الدستور الذي ينص بان دين الدولة الإسلام فيقبلها إن وافقت الشريعة الإسلامية، ويرفضها إن خالفت الشريعة الإسلامية؛ فالحاكم هو الله سبحانه وتعالى، والنبي صلى الله عليه وسلم مبلغ عنه فالله تعالى هو الذي يأمر وينهى ويحلل ويحرم ويحكم ويشرع، لقوله تعالى: ( إن الحكم إلا لله) يوسف:40.
أن ينطلق النائب في عمله النيابي القانوني والسياسي والرقابي من عقيدته ودينه، ولا يرجو مصلحة شخصية بل يضحي بكل المصالح الفردية والشخصية من اجل أن يرسي قواعد العدالة، ويقاوم الظلم التشريعي والفساد المالي والإداريوالأخلاقي، وضمن هذه الضوابط يمكن للنائب أن يشارك في المجلس النيابي ليصدع بكلمة الحق ويقيم الحجة كما يجوز الدعاية للمرشحين الملتزمين،وأصحاب الكفاءة ويجوز الإنفاق المعتدل والصحيح في هذه العملية الانتخابية لأنها من الأمور المشروعة، وكل من يبذل جهدا أو ينفق مالا أو يقول كلمة خير ويريد بذلك وجه الله وإعلاء كلمة الله والحق والدين يؤجر أجرً عظيماً وبذالك يكون
حكم الذهاب إلى صناديق الاقتراع أمر مشروع وهو شهادة سيسأل عنها أمام الله، لذلك يجب أن تؤدى إلى مستحقيها فان وضعها في مكانها الصحيح فإن صاحبها مأجور وان لم توضع في موضعها الصحيح أو اخذ أجرا على ذلك أو باع صوته لمن لا يستحق فهي شهادة زور يؤاخذ عليها صاحبها وتعتبر من الخيانة لما روى انه: (من ولَى أحدا وفي المسلمين خير منه وهو يعلم فقد خان الله ورسوله وجماعة المؤمنين ).
ويجب أن يتوافر في صاحب الصوت مايتوافر في الشاهد من الشروط بان يكون عدلا مرضي السيرة والسلوك؛ لقوله تعالى:(واشهدوا ذوي عدل منكم)، وقوله تعالى:(ممن ترضون من الشهداء) فمن شهد للفاسدبأنهصالح فقد ارتكب كبيرة شهادة الزور، لذلك لا يجوز أبداأن يشهد لمرشح بالصلاح لمجرد انه قريبه أو من عشيرته أو لمنفعة شخصية ينالها أو يرتجيها منه، وهذا مخالف لأمر الله تعالى: (وأقيموا الشهادة لله ).
إذا كانت الانتخابات ضمن القوانين العادلة والشروط المعتبرة شرعاً فإن من يتخلف عن أداء واجبه الانتخابي حكمه الإثم لأنه كتم الشهادة، والتي أحوج ما تكون الأمة إليها في هذه الأيام، ولأنه إذا نزل إلىالانتخابات الكفء الأمين، وتخلف المواطن عن أداء واجبه الانتخابي فرسب هذا الكفء الأمين ولم ينجح بسبب التقاعس عن أداء الواجب، فإن في ذلك إثم وخاصة انه في هذه الحالة سيفوز من لا يستحق، والدليل قوله تعالى:( ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا) البقرة:282، وقوله تعالى:( ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه ) البقرة:283.
فالشعب يريد نائباًعنده القوة في الفهم وفي الطرح والمناقشة وفي العلم بالقوانين وبالسياسة، وكذلك العلم بأصول الحوار والجدل،والجرأة في قول الحق، والشخص الأمين على حقوق الوطن والمواطنين ومصالحهم، ولايريد مكاسب شخصية، ولا تغريه الإغراءات ولا المناصب، ولا يتنازل عن ثوابته ولا عن ما عاهد المواطنين عليه في ما طرحه في بيانه الانتخابي مهما كانت الأسباب ويتمثل قول الله تعالى:(إن خير من استأجرت القوي الأمين )، وأن يمارس عمله كنائب للامة بعلم وجرأة وشجاعة ولا يخش في سبيل ذلك احدًإلا الله.
وبناء على ما سبق ، إذا كان المقصود من الانتخابات رفض حاكمية الله للبشر، أو أن الديمقراطية أفضل من الحكم الإسلامي فهذا كفر واضح وصريح، ولا يجوز بأي حال من الأحوال،أما إذا كان المقصود هو رفض التسلط والاستبداد وحكم الفرد وأن يختار الشعب حكامه كما يريد، وأن يحاسبهم على تصرفاتهم، وأن يرفض أوامرهمإذا خالفوا دستور الأمة أيإذا أمروا بمعصية، وان يكون للشعب الحق في عزل الحكام إذا انحرفوا وجاروا ولم يستجيبوا للنصح والتحذير فهذا جائز.
والله موفق للصواب