جراءة نيوز - اخبار الاردن :
انتقد القيادي في الحركة الإسلامية د. ارحيل غرايبة ما وصفه " الفهم الطارئ والمخالف لفكر الحركة الإسلامية، ومنهج عملها، وما نص عليه مؤسس جماعة الاخوان المسلمين الشهيد حسن البنا".
وقال أن ذلك الأمر هو الأكثر خطورة الذي يستحق الحوار والمناقشة العميقة والمستفيضة والتوقف الذي يقتضي المراجعة الحقيقية.
وبيّن غرايبة في مقالة ناقدة في يومية العرب اليوم الصادرة صباح الاثنين " إنّ تحويل الحركة الإسلامية إلى مجرد حزب سياسي أضرّ بالحركة إضراراً بالغاً، والإصرار على تحويل فكرة الإحياء الحضاري للأمّة، إلى مجرد فئة سياسية وتنظيم مستغرق في العمل السياسي على هذا النحو أدّى إلى تقزيم الحركة وأدّى إلى ضعف انتشارها وخراب مؤسساتها الاجتماعية، وانهيار وجودها المتجذر في المجتمع، وطغى على سطحها الممارسات الخاطئة التي تفتقر إلى الفكر وتفتقر إلى الروح، وحوّلها إلى ساحة للصراع والتنافس مع الأطراف السياسية على بعض المكاسب."
وتابع " ليس المقصود هجران السياسة، وإنّما المقصود أن لا يطغى المجال السياسي على عمل الجماعة ومجالاتها الأخرى، التي لا تقل أهميّة عن الاشتغال بالسياسة، بل تزيد، ممّا يستوجب إعادة النظر بالأوزان الحقيقية لمجالات العمل المختلفة ".
جاء حديث الغرايبة في معرض نقده والتعبير عن "دهشته" الممزوجة بالخوف في ردود الفعل داخل الحركة حول "مبادرة زمزم" ، وبين في حديثه " عندما يقول بعض من يتصدر قيادة الحركة الإسلامية، أنّ العمل الاجتماعي وإنشاء جمعيات تعنى بالقرآن الكريم والحديث النبوي، ومشاكل الأسر والشباب وحماية البيئة وما يتعلق بالهلال الأخضر؛ إنّ هذا ليس من عمل الجماعة ولا شأنها ولا من خطتها ولا برامجها، ولا يهمّنا ذلك فنحن نهتم بالجانب السياسي فقط"
تاليا نص المقالة التي حملت عنواناً " حوار داخل اروقة الحركة الاسلامية":
في حوار داخلي جرى على هامش مناقشة موضوع إطلاق المبادرة الأردنية للبناء، داخل أروقة الحركة الإسلامية، حول مضامين المبادرة ونقاط الاتفاق والتقاطع بينها وبين الحركة الإسلامية وأذرعتها ومؤسساتها ولافتاتها، وقد تناول الحديث مجموعة كبيرة من المبادرات العديدة والمتنوعة التي تمّ إطلاقها بالتعاون مع الحركة الإسلاميّة، ونجح بعضها نجاحاً كبيراً وملحوظاً وانتشر انتشاراً واسعاً في المجتمع، وبعضها لم يكتب له النجاح ولا الانتشار، وبعضها اجتماعي وبعضها سياسي، وبعضها تربوي أو صحي أو علمي.
من المبادرات الناجحة للحركة الإسلامية "جمعية المركز الإسلامي الخيرية"، التي أطلقها مجموعة من قيادات الإخوان بالتعاون مع مجموعة من رجالات الأردن وأهل الخير الذين أسهموا في انطلاقتها ورعايتها، حتى أصبحت بهذا الحجم الكبير وبهذا الاتساع الملحوظ والانتشار في مختلف مناطق المملكة، ويتبع عدد كبير من المبادرات الأخرى المتفرعة عنها مثل إقامة بعض المستشفيات، وبعض المدارس والروضات، وبعض الكليات المجتمعية، وبعض الصناديق الخيرية المتعددة الأغراض.
وهناك مبادرات أخرى كنت قد تشرفت بالاشتراك في تأسيسها، مثل مبادرة جمعية المحافظة على القرآن الكريم، التي أصبحت من أكثر المؤسسات الأهلية نجاحاً وتميزاً وتنظيماً وانتشاراً، وهناك أيضاً مبادرة الهلال الأخضر الإغاثية التي تمّ تأسيسها أثناء حرب العراق الأولى، وهناك أيضاً مبادرة جمعية العفاف الخيرية، التي تشق طريقها في ميدان العمل الأسري والإصلاح الاجتماعي، وعدد آخر من المبادرات الأخرى التي يصعب حصرها.
لم تقتصر المبادرات على المجالات الخيرية والإغاثية والاجتماعية، وخدمة القرآن الكريم والحديث والسنة النبوية، بل هناك مبادرات في المجال السياسي أيضاً، مثل مبادرة "جبهة الإصلاح الوطني" التي شارك الإسلاميون في فكرتها وإنشائها وتأسيسها، وشاركوا كذلك في إدارتها، وهناك مبادرة "التجمّع الشعبي للإصلاح" أيضاً التي كان للحركة الإسلامية إسهام واضح في تأسيسها وانتشارها، وإن لم تحظَ برعاية رسمية من الجماعة، ولا بإذن من قيادتها، ومع ذلك فإنّ التجمّع الشعبي للإصلاح من أكثر الحركات الشعبية نشاطاً ومشاركة في فعاليات الحركة الإسلامية الإصلاحية، واستجابة لنداءاتها.
ممّا يبعث على الدهشة الممزوجة بالخوف، عندما يقول بعض من يتصدر قيادة الحركة الإسلامية، أنّ العمل الاجتماعي وإنشاء جمعيات تعنى بالقرآن الكريم والحديث النبوي، ومشاكل الأسر والشباب وحماية البيئة وما يتعلق بالهلال الأخضر؛ إنّ هذا ليس من عمل الجماعة ولا شأنها ولا من خطتها ولا برامجها، ولا يهمّنا ذلك فنحن نهتم بالجانب السياسي فقط، وذلك من باب التعبير عن خوفه من مشروع "المبادرة الأردنية للبناء" التي قد تمس المجال السياسي ممّا قد يؤدي إلى احتمال التقاطع مع قرارات الحركة الإسلامية بهذا الشأن واحتمال نشوء المعارضة أو المناقضة!!.
مع أنّ هذا الأمر مسبوق في تجربة (جبهة الإصلاح الوطني) التي تعنى بالجانب السياسي، وتصدر قرارات سياسية قد تتعارض مع الحركة الإسلامية، وقد تتوافق معها، وقد حدث هذا فعلاً، عندما أصدرت الجبهة الوطنية قراراً بعدم المشاركة بمسيرة (5 /10/ 2012م) المشهورة، مع أنّ الحركة الإسلامية لها مندوبون في الهيئة التنفيذية العليا للجبهة، ولكن الحركة لم تتحسس من هذا الجسم السياسي.
الأمر الأكثر خطورة الذي يستحق الحوار والمناقشة العميقة والمستفيضة والتوقف الذي يقتضي المراجعة الحقيقية هذا الفهم الطارئ والمخالف لفكر الحركة الإسلامية، ومنهج عملها، وما نص عليه الإمام الشهيد المؤسس في رسائله.
إنّ تحويل الحركة الإسلامية إلى مجرد حزب سياسي أضرّ بالحركة إضراراً بالغاً، والإصرار على تحويل فكرة الإحياء الحضاري للأمّة، إلى مجرد فئة سياسية وتنظيم مستغرق في العمل السياسي على هذا النحو أدّى إلى تقزيم الحركة وأدّى إلى ضعف انتشارها وخراب مؤسساتها الاجتماعية، وانهيار وجودها المتجذر في المجتمع، وطغى على سطحها الممارسات الخاطئة التي تفتقر إلى الفكر وتفتقر إلى الروح، وحوّلها إلى ساحة للصراع والتنافس مع الأطراف السياسية على بعض المكاسب.
ليس المقصود هجران السياسة، وإنّما المقصود أن لا يطغى المجال السياسي على عمل الجماعة ومجالاتها الأخرى، التي لا تقل أهميّة عن الاشتغال بالسياسة، بل تزيد، ممّا يستوجب إعادة النظر بالأوزان الحقيقية لمجالات العمل المختلفة .