آخر الأخبار
  وزير الخارجية المصري: رفح لن يكون بوابة للتهجير وندعو لنشر قوة استقرار دولية في غزة   تفويض مديري التربية حول دوام الاحد   الحكومة: إجراء قرعة اختيار مكلفي خدمة العلم الاثنين   محافظ العقبة: إنقاذ 18 شخصا تقطعت بهم السبل في القويرة   تسجيلات للأسد: لا أشعر بالخجل فقط بل بالقرف   أمانة عمّان: لا إغلاقات ولا أضرار في العاصمة والأمور تحت السيطرة   تفاصيل ملابسات جريمة قتل داخل محل خضار في الأزرق   آمنة ابو شباب تنعى زوجها ياسر ( رجل القضية والمواقف )   تجار يكشفون معلومات جديدة حول زيت الزيتون المستورد أماكن بيعه   الارصاد تحذر المواطنين من تشكل السيول في الأودية والمناطق المنخفضة   ولي العهد: أداء جبار من النشامى الأبطال   رئيس مجلس النواب مازن القاضي: مشكلتنا في الأردن ليست الفقر، بل البطالة   علوان يحصد جائزة افضل لاعب في مباراة الأردن والكويت   إعادة فتح طريق المفرق – إيدون بعد إغلاقه جراء الأمطار   علوان: الاعبين قدموا أداء جبار وسنقاتل لتحقيق العلامة الكاملة   جمال سلامي يعلق على مباراته اليوم أمام المنتخب الكويتي   الترخيص المتنقل "المسائي" للمركبات بلواء بني كنانة الأحد   أمانة عمان: 4600 موظف و200 ورشة جاهزة للتعامل مع الحالة الجوية   مهرجان الزيتون يعلن إعادة الرسوم لأصحاب الأفران والمخابز   المصري: مديونية البلديات تجاوزت 630 مليون دينار

ماذا بعد شرم الشيخ؟

{clean_title}
جراءة نيوز - الدكتور منذر الحوارات يكتب ..

توقف الموت في غزة، ولا أحد يدري إلى متى، فقد أدّى الزخم الدولي والضغط الأميركي العربي إلى اتفاقٍ لوقف إطلاق النار، يريده الجميع جسراً نحو السلام والاستقرار، وربما نحو شرق أوسط جديد، لكن هذه الرغبة لا تبدو متطابقة لدى كل الأطراف؛ فإسرائيل تختبر حدود المكاسب الممكنة دون قتال، بينما تختبر حماس حجم الخسائر الممكنة دون أسرى، في محاولة لمعرفة إن كانت هذه الخسائر قابلة للاحتمال أم لا.


وافقت إسرائيل على الخطة تحت سيل من الضغوط، أبرزها الأميركي الناتج عن إدراك واشنطن وتل أبيب لحجم العزلة التي تواجهانها، ومع ذلك، لم تغيّر إسرائيل قناعتها بأن القوة هي الضامن الوحيد للأمن، بالتالي فإن التزامها بالاتفاق سيكون تكتيكياً أكثر منه إستراتيجياً، وستحتفظ بحق العودة إلى الحرب بذريعة خرق حماس، سواء بسبب تأخر تسليم الجثث أو السلاح أو اتهامات بإعادة بناء قدراتها العسكرية، وهكذا ستتعامل مع الخطة كوقفٍ طويل لإطلاق النار، لا كتسوية نهائية، وستُبقي خيار الحرب ورقة ضغط دائمة.


يبقى السؤال: كيف سيضغط ترامب على إسرائيل للالتزام بما تعهّدت به؟ من الواضح أنه سيُمسك بإنجازه حتى النهاية، وربما يمارس ضغوطاً سياسية أو اقتصادية على نتنياهو، لكنها ستظل في حدود التهديد، دون أن تتحول إلى ضغط عسكري حقيقي، وقد يلجأ إلى تقليص بعض الأسلحة الحساسة أو يسعى إلى شرعنة «مجلس السلام» بقرار من مجلس الأمن، لكنه لن يتجاوز هذا الحد، وسيعتمد على الوسطاء لمواصلة الضغط على حماس للحصول على المزيد من التنازلات.


أما حماس، فلديها خطوطها الحمراء، وأهمها البقاء في المشهد السياسي، فالحركة تدرك أن خروجها من المعادلة العسكرية يعني استبعادها سياسياً، ولذلك ستحاول استثمار ما تبقّى من سلاحها للمساومة على مكاسب مختلفة، كما فعلت مؤخراً بضبط الأمن في القطاع، لتبعث برسالة مفادها أنها قادرة على إدارة الميدان والمساعدات، وأنها تمتلك الخبرة والأدوات البيروقراطية الكافية لإدارة الشؤون المدنية، وقد تسعى إلى تثبيت وجودها من خلال شخصيات تكنوقراطية قريبة منها، ومع ذلك، يبقى السؤال: هل ستسمح إسرائيل وواشنطن بهذا الوجود غير العسكري؟

 

من المؤكد أن تسليم السلاح والتخلي عن شعار «المقاومة المسلحة» سيكونان مفتاح النقاش في هذا الملف، وربما مدخلاً لحدث أكبر في المستقبل، لكن الحركة لن تسلّم سلاحها ما لم تضمن لنفسها موقعاً ثابتاً في مشهد ما بعد الحرب، هذه الرغبة الحمساوية تتقاطع مع رغبة أطراف إقليمية، كان لسلاح حماس الدور الأكبر في جلوسها على طاولة التفاهمات، والمكاسب أيضاً.


وفي خضمّ هذه التعقيدات، يبرز السؤال حول موقع السلطة الفلسطينية، خصوصاً بعد ظهور موظفيها في معبر رفح، هل هو وجود فني مؤقت أم عودة ناعمة على أطراف الأصابع تحاشياً للفيتو الإسرائيلي؟ الأرجح أن الأمر اختبار أولي أكثر منه عودة رسمية، فالسلطة تحتاج إلى دعم عربي كبير لتجاوز الرفض الإسرائيلي، وحتى لو نجحت في تثبيت وجودها الإداري، فإن استعادة حضورها الكامل الشبيه لما قبل عام 2007 تبدو مهمة شبه مستحيلة، وتواجه السلطة ثلاث عقبات رئيسة: احتمال الصدام مع حماس إن شعرت الأخيرة بمزاحمتها، وتراجع الثقة العربية بقدرتها على الإدارة الميدانية، بعد سنوات من الغياب عن القطاع، والفيتو الإسرائيلي الذي يقيّد أي خطوة فلسطينية مستقلة.


هكذا تبقى سيناريوهات غزة مفتوحة على كل الاحتمالات: استمرار التهدئة وتحولها إلى مسار جاد للسلام، أو انفلات الوضع في أي لحظة لتعود الحرب بكل تعقيداتها، وما يحدث في غزة لا يقتصر على حدودها الجغرافية، بل ربما يشكّل بداية لإعادة تعريف المنطقة بأسرها، الجميع يقف اليوم على رؤوس أصابعه:

 

إسرائيل تترقب لحظة خلط الأوراق من جديد، وترامب يسعى لاقتناص لحظة مجده السياسي، وهو سيقاتل لأجلها حتى النهاية، وحماس تناور للبقاء، والسلطة تنتظر فرصتها، والمنطقة تتوجّس مما سيأتي، فهل يولد من تحت أنقاض غزة شرق أوسط جديد؟ أم أننا أمام هدنة مؤقتة تسبق عاصفة أخرى تنثر الأوراق وتعيد الجميع إلى المربع الأول؟ الإجابة الشافية على هذا السؤال تبقى محفوفة بالمخاطر، وإمكانية التأويل الخاطئ لمعطيات الأرض بكل تعقيداتها يبقى هو الاحتمال الأقوى.