بات في حكم المرجح أن الدبلوماسية الأردنية تريد التحرك في عمق الملف اللبناني أيضا في إطار المساحة التي يتم توفيرها سياديا للمسؤولين الأردنيين للتعامل مع الملفين اللبناني والفلسطيني في بيروت وقطاع غزة تحت عنوان الإغاثة الإنسانية.
وأغلب التقدير سياسيا أيضا ان زيارة وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي الى بيروت على متن طائرة عسكرية فيها العديد من الرسائل السياسية الأساسية.
وهي رسائل من الطراز الذي يقول ان الحراك الدبلوماسي الأردني يبادر ويحاول تقليب وإعادة تقليب الزوايا في المشهد الإقليمي أملا في تركيب مشهد يؤدي في المحصلة لتجنب حرب إقليمية موسعة او مفتوحة عبر العودة لصياغة وقف إطلاق النار.
وهو ما قاله الوزير الصفدي باعتباره وزير الخارجية العربي الوحيد الذي تمكن من زيارة بيروت مؤخرا اثرا لقاء رئيس الوزراء نجيب الميقاتي.
أجندة زيارة الصفدي الى بيروت على متن طائرة عسكرية هذه المرة تمثل بلاده وهي طائرة الإغاثة رقم 5 الى لبنان تضمنت أيضا زيارة خاصة او لقاء خاص مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري.
ومثل هذا اللقاء حيث لا اتصال بالعادة بين بري وعمان مؤشر إضافة تؤشر على ان الوزير الأردني لديه مساحة مناورة او بحث مسائل محددة في العمق اللبناني وعلى ما يبدو ان المجتمع الدولي في الواقع وبعض الدول الغربية وبعض الدوائر الأمريكية قد تكون بصدد انتظار مداخلة ما من الأردن في اطار ترتيب المشهد الداخلي.
بمعنى أو بآخر وصلت الدبلوماسية الأردنية منفردة الى بيروت وهي تتعرض للقصف فيما خيارات الصدام العسكري تتعدد و تتزاحم على المستوى الإقليمي وسط حمأة اتصالات دولية وإقليمية تحاول نزع فتيل الأزمة والحيلولة دون انجاز او انتاج رد إسرائيلي عسكري على الضربة الإيرانية الأخيرة يمكن ان يخلط الأوراق مجددا.
وعليه عموما يمكن القول بان تلك تبقى محاولة اردنية لتقليب الأوراق بمعنى ان اللقاء مع الرئيس نبيه بري إضافة خاصة بعيدا عن العلاقات الخاصة التي تربط عمان بالرئيس ميقاتي والذي يتواجد بصفة شهرية في العاصمة الأردنية ولديه العديد من الأصدقاء فيها خلافا للرئيس نبيه بري.
وقد وصف سياسيون ومراقبون وخبراء أردنيون مؤخرا الرئيس بري باعتباره الممثل غير المسمى لحزب الله اللبناني في معادلة أي مفاوضات أو اتصالات مع الدول الأجنبية أو الدول العربية التي تحمل المبادرات لوقف المعركة الإسرائيلية ضد الشعب اللبناني.
ويبدو أن الوزير الصفدي يلتقي برى انطلاقا من هذه الصفة التمثيلية التفويضية الامر الذي يعني أن محاولة الأردن الدبلوماسية برسم إعادة ترتيب بعض الأوراق فيما الرسالة الأساسية في ما تسميه وسائل الاعلام الأردنية اليوم بدبلوماسية الإغاثة الأردنية من وراء إرسال طائرة خامسة تحمل 13 طنا من المساعدات الى الشعب اللبناني و يتواجد فيها الوزير الصفدي يبقى خطوة تشير الى ان ما يقوله وزير الخارجية او يبادر فيه او يحظى بالغطاء السياسي المرجع السياسي الأردني وهذا مسار من النادر ان يظهر بكل ذلك الوضوح.
لكن خطوة زيارة الصفدي الى بيروت بصفة عامة وعلى متن طائرة عسكرية تحمل طابعا اختراقيا هذه المرة.
وتعيد تذكير الرأي العام والجمهور العربي عموما بالطائرات الأردنية التي انزلت المساعدات عبر السماء واخترقت الحصار والسياق العسكري لأهل قطاع غزة الامر الذي يعيد انتاج وتأطير الدور الأردني الإنساني بصفة عامة باعتباره جسر تحت عنوان الإغاثة الإنسانية يؤدي الى تقارب وجهات النظر وإعادة جمع الموقف العربي على الأقل.
وهو ما يلعب الأردن بمهنية واحتراف في مساحته هذه الأيام بدلالة ان وزير الخارجية الصفدي استثمر في زيارته الى بيروت ولقائه بالرئيس ميقاتي وأعاد ترقيم وتسمية الأشياء محملا حكومة اليمين الإسرائيلي حصرا مسؤولية كل ما يجري في المنطقة.
رأي اليوم