بينما تسعى وزارة التربية والتعليم في نطاق خطتها الإستراتيجية الوطنية للتغذية المدرسية (2021- 2025) إلى التوسع في التغذية المدرسية، دعا خبراء تربويون إلى تعميم البرنامج على مدارس في مناطق متعددة، ليطال فئات عمرية وأعدادا كبيرة في مراحل دراسية متنوعة، بخاصة بعد تحقيقه نجاحا كبيرا.
وفيما يهدف البرنامج لتحسين الوضع التغذوي والصحي لطلبة المدارس الحكومية، أظهرت نتائج أولية لدراسة تقييمية لأثر الوجبات الصحية ضمنه، أن نموذج الوجبة الصحية يسهم بخفض متوسط عدد أيام الغياب عن المدرسة، ويزيد من التنوع الغذائي ومستويات الطاقة لدى الطلبة.
كما بينت الدراسة التي نفذت بالتشارك بين الوزارة ووحدة تقييم الأثر الإنمائي في البنك الدولي، ومكتبي التقييم والبرامج المدرسية في برنامج الأغذية، وأعلنت نتائجها أخيرا، "أن النساء العاملات في المطابخ الإنتاجية للبرنامج، تحسن دخلهن وارتفعت مشاركتهن في سوق العمل، وارتفعت نسبة تقبل أزواجهن ما يتعلق بنسبة أُجور النساء.
مدير إدارة التعليم بالوزارة أحمد المساعفة، بين أن الوزارة تسعى في خطتها إلى التوسع في البرنامج، مبينا أن الوزارة وضمن مشروع موازنتها للعام المقبل، رفعت المبلغ المالي المرصود لمشروع التغذية المدرسية، بهدف التوسع فيه ليشمل شريحة أوسع من الطلبة ومناطق أكثر.
ويهدف البرنامج، وفق المساعفة لتحسين الوضع التغذوي والصحي للطلبة، بتقديم وجبة غذائية يومية متوازنة لهم، وضمان جودة عملية التعليم والتعلم وإذكاء تفاعلاتها، وتنمية وتثبيت اتجاهات وعادات غذائية سليمة عند الطلبة، تستمر طويلا.
وأضاف المساعفة، أن أبرز تحد يواجه المشروع، يتمثل بقلة الموارد المالية، لافتا إلى أن الإستراتيجية، تتضمن بدائل لتوفير التمويل اللازم للبرنامج، مبينا أن عدد الطلبة المشمولين بالمشروع يصل لـ520 ألفا في 2500 مدرسة، موزعة على 34 مديرية تربية و3 مخيمات، ومدارس وكالة غوث.
وأشار إلى أن الوزارة ستبدأ بتوزيع الوجبة المدرسية ضمن مشروع المطابخ الإنتاجية في الـ12 من الشهر الحالي، بالإضافة للبسكويت "السادة" المحشو بالتمر في الـ16 من الشهر الحالي، لافتا إلى أن المشروع يتكون من 3 مشاريع فرعية، هي المطابخ الإنتاجية، والبسكويت المحشو بالتمر، والبسكويت "السادة".
وأوضح أن مشروع التغذية يستهدف طلبة المدارس الحكومية من مرحلة رياض الأطفال حتى الـ6 الأساسي، موضحا أن عدد من يستفيدون من وجبة المطابخ الإنتاجية في هذا الفصل الدراسي، يبلغ 100 ألف، ويستمر لـ60 يوما، مبينا أن الوجبة تتكون من: حبة معجنات، وحبة خضار (خيار)، وحبة فاكهة (تفاح أو موز)، إذ إن المعجنات تعد في المخابز ثم تنقل إلى مطابخ إنتاجية لتغليفها وغسل حبات الخضراوات والفواكه ليصار إلى تغليفها ومن ثم توزيعها على الطلبة.
وبين المساعفة، أن عدد المطابخ الإنتاجية الريادية وصل إلى 11، موزعة على 8 مديريات تربية وتعليم، لافتا إلى أن فكرتها تقوم على تمكين السيدات في مطابخ إنتاجية تابعة لمؤسسات مجتمع محلي، لإنتاج وجبات غذائية مدرسية صحية، إذ يدعم المشروع المجتمعات المحلية بتوفير أكثر من 400 فرصة عمل لسيدات من المنطقة.
وأشار إلى أن المناطق المشمولة بالمشروع هي: مادبا، الشونة الجنوبية، الطفيلة، بصيرا، الأغوار الجنوبية، المفرق، الرمثا، والبادية الشمالية الشرقية، موضحا أن مدارس مديريات الأغوار الجنوبية والشونة الجنوبية ومادبا كافة، سيحصلون على الوجبة الغذائية الصحية من المطابخ الإنتاجية، في حين سيحصل طلبة المديريات الخمس المتبقية على 70 % من الوجبة التي تعدها هذه المطابخ، و30 % يحصلون على البسكويت المدعم بالفيتامينات والمعادن.
ولفت إلى أنه سيوزع على باقي مديريات التربية المشمولة بمشروع التغذية، البسكويت المحشو بالتمر والمدعم بالفيتامينات والمعادن لـ25 يوما، وهذا المشروع مدعوم من برنامج الأغذية العالمي، كما سيقدم البسكويت عالي البروتين المدعم بالفيتامينات والمعادن من إنتاج القوات المسلحة الأردنية، لـ25 يوما، بحيث يصبح مجموع أيام الإطعام 50 يوما في الفصل الدراسي الواحد.
وفي هذا الصدد، قال الخبير التربوي
د. محمود المساد إن الوزارة ومنظمة الأغذية العالمية، أصبحتا ذات خبرة واسعة في مجال برنامج التغذية بالمناطق الفقيرة، مبينا أن هذه الخبرة كشفت الكثير من فوائد البرنامج غير تحسن تغذية الأطفال، وانتظامهم في الدوام المدرسي، وارتفاع دافعية المعلمين للتدريس بوجود طلبتهم، وتحسن درجة تفاعلهم، إذ أصبحت جدواه تصل إلى أولياء الأمور، وزاد سرورهم نتيجة تحسن تعلم أطفالهم، وإعادة برمجة أوقات مساعدتهم لهم في العمل لما بعد الدوام المدرسي، فضلا عن ميلهم أكثر للاستقرار في بيوتهم وأعمالهم.
ولفت المساد، إلى أن قلق الوزارة المستمر، ينصب على صحة الأطفال، واختيار مواد غذائية ذات قيمة غذائية عالية لهم، والحفاظ عليها طازجة في الوقت نفسه، بخاصة وأن شروط تخزينها ونقلها إلى مدارس الفئات المستهدفة، صعبة ومستحيلة أحياناً، ما اضطر الوزارة وإدارة البرنامج لاختيار مواد جافة لا تتأثر بالنقل ودرجة الحرارة المرتفعة، مثل: البسكوت وحبة فاكهة وخضراوات ومعجنات.
واشار إلى أن نتيجة تطور الخبرة لدى القائمين على البرنامج، والرغبة في توسيع دائرة الفائدة منه باتجاه المجتمع المحلي، وتظافر ذلك مع سياسات الدولة في دعم المشاريع الصغيرة، وبالذات المطابخ الإنتاجية، فقد وجدت الوزارة أن هذا الاتجاه في توسيع دائرة الاستهداف، يخفف من المشكلات التي كانت تواجه البرنامج من جانب، وترفع من عوائده على الطلبة والمجتمع المحلي من جانب آخر. لهذا فإن تشبيك البرنامج مع مطابخ إنتاجيه يوفر مواد غذائية طازجة وصحية مثل: المعجنات من المخابز، والخضراوات والفواكه من المزارع والحدائق المنزلية والمطابخ الإنتاجية.
وبحسب المساد، فإن هذا التوجه للبرنامج يعتبر في غاية الأهمية لصحة الأطفال وتعلمهم، ودعم عمل النساء بالذات، وتحسين وضع عوائلهن الاقتصادية، وتخفيض نسب البطالة في هذه المناطق الفقيرة، كما ينعكس ذلك على التوسع في المشاريع الصغيرة والمطابخ الإنتاجية التي أصبحت تتوسع على نحو لافت للنظر بدعم واسع من جهات كثيرة حكومية وأهلية.
بدوره، قال مدير إدارة التخطيط والبحث التربوي بالوزارة سابقا د. محمد أبو غزلة، إن التغذية المدرسية دعامة مهمة في تحسين صحة الطلبة وانتظامهم بالتعليم والتعلم، وتجويد حياتهم، ولعل ما ركزت عليه خطة التنمية المستدامة 2030 في الأهداف الخمسة الأولى، يؤكد هذه الحقوق وأهميتها من حيث القضاء على ظاهرة الفقر والجوع وتحقيق الأمن الغذائي، وحصول الأطفال على الأغذية الكافية والمفيدة على مدار السنة.
وبين أبو غزلة، أن الوزارة أعدت إستراتيجية لبرنامج التغذية، امتدادا للبرنامج ذاته الذي بدأ في العام 1999، ليكون من روافع شبكات الأمان الاجتماعي والتعليمي، نظرا لدورها الكبير بتحسين صحة الطلبة وجودة حياتهم، وبما ينعكس على أدائهم الأكاديمي والاجتماعي والصحي، بما يضمن استمرارهم في الانتظام المدرسي، وبالتعليم بدلا من التسرب منه أو الرسوب أو الإعادة، وزيادة الدافعية للتعلم.
واشار أبو غزلة إلى دور الإستراتيجية في التوعية والتثقيف بأهمية التغذية الصحية والتخفيف من الأمراض، وأعباء الأسر نتيجة أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، بخاصة وأن البرنامج "مشروع المطبخ الإنتاجي"، يستهدف نسبة كبيرة من الطلبة في مختلف المناطق الجغرافية، وبالذات جيوب الفقر، وتفعيل مشاركة سيدات وشباب وأهال للانخراط والعمل فيه، والمساهمة بتخفيف نسب البطالة في هذه المناطق، وزيادة الدخل والإنتاج.
وأكد أن النجاح الذي حققه البرنامج، يستدعي وضع تشريعات وسياسات ومعايير وطنية، وشروط ناظمة له، وتطوير أدوات رصد ومتابعة وتقييم للتوسع فيه وتعميمه على مختلف المناطق، بدلا من اقتصاره على مناطق جيوب الفقر، وأن يطال مختلف الفئات العمرية من طلبة المرحل الدراسية وبأعداد كبيرة.
ودعا أبو غزلة لتشكيل مظلة وطنية، تضم أعضاء من جهات وطنية فاعلة في التغذية المدرسية، وجهات صحية رقابية ومجتمع مدني، تناط بها هذه المهمة، لتبني سياسات وطنية في نطاق تنظيمي واضح للتوسع في المشروع، وتحديد الشركاء في التنفيذ، ووضع آليات تنفيذ ورقابة لمتابعة الإشراف على تنفيذها السليم.
ولضمان التوسع أيضا في المشروع، بين أبو غزلة أن القائمين على إستراتيجية البرنامج في الوزارة، وفي ضوء توافر جهات خارجية وداخلية لدعمه، وضمان الحصول على الدعم للتوسع فيه، لا بد وأن تبادر الوزارة بإجراء دراسة علمية مسحية شاملة لعناصر البرنامج، وليس نوع الوجبات فقط، لقياس أثر المشروع على صحة وأداء الطلبة الأكاديمي والصحي والاجتماعي، وتقديم بيانات متكاملة للداعمين وصناع القرار لتطوير سياسات المشروع وتنفيذها، ما سيساعد هذه الجهات على اتخاذ قرارات تشجع على الاستثمار فيها، نظرا لأثره الكبير على النظامين الصحي والتعليمي للطلبة.
وبحسب أبو غزلة، من المهم إبراز التحديات والمشكلات التي يواجهها المشروع، بالإضافة لمصادر تمويله وسبل استدامته، وتقديم مقترحات للتقليل من أثر ارتفاع كلفته، لتوسيع قاعدة المزودين والمستفيدين منه، إلى جانب تقديم توصيات للتطوير والتوسع فيه، لإفادة طلبة مدارس المملكة، لما له من فوائد تسهم بتحسين نتائج التعلم والتعليم والصحة للطلبة، وتجويد أداء النظام التعليمي، ودراسة أثر ذلك على تشغيل القوى العاملة في المجتمعات المحلية، بخاصة النساء اللواتي يعملن في المطبخ الإنتاجي، وقدرتهن على المساهمة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والحد من الفقر والبطالة وانتشار الأمراض في المجتمع.
وشاطرهم الرأي الخبير التربوي عايش النوايسة، إذ بين أن الوزارة تتطلع لتحسين عمليات تعلم وتعليم الطلبة، ولما للجسم السليم من أهمية، رفعت درجة الوعي الغذائي والصحي للطلبة وذويهم ومسؤولي الصحة والتغذية المدرسية والهيئات التدريسية، وتعزيز الاتجاهات الإيجابية وتعديل غير الصحيحة، وتتعاون الوزارة في هذا المجال مع جميع المنظمات الدولية المعنية بالتغذية المدرسية.
وبين النوايسة، أن الوزارة أطلقت بالتعاون مع برنامج الأغذية الإستراتيجية الوطنية، كخريطة طريق لتحسين الوضع الصحي والتغذوي للطلبة، إذ تضمنت رؤية للعمل المشترك لتطوير منظومة التغذية المدرسية، وتعزيز ثقافة الغذاء الصحي لبناء جيل قادر على اتخاذ خيارات غذائية صحية، بما يسهم في تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع بأكمله.
وأكد النوايسة، أهمية التوسع في المشروع ليشمل عددا أكبر من الطلبة، داعيا لتطوير المطابخ الإنتاجية التي توفر فرص عمل ووجبات غذائية، لافتا إلى أن هذه المطابخ تنسجم مع التحولات في الوزارة نحو التعليم المهني، بخاصة ما يرتبط بالتعليم الفندقي وإنتاج الغذاء، ما سينعكس على مهارات وكفايات الطلبة، وبالتالي إشراك المجتمع المحلي ليكون أكثر إنتاجية، بحسب الغد.
وبين النوايسة، أن الوزارة وفرت منذ فترة زمنية طويلة عناصر تغذوية، تحسن من بنية الطلبة الجسمية والذهنية، لافتا إلى أن الوزارة تبنت مؤخرا، وضمن نهجها، إستراتيجية تغذوية، لتحسين الوضع التغذوي والصحي لأطفال المدارس الحكومية في المناطق الأقل حظا، عبر تقديم عناصر غذائية متكاملة.
واشار إلى أن غاية الوزارة القصوى من وراء التغذية المدرسية، بناء الشخصية المتوازنة للطلبة في جوانبها الصحية والنفسية والاجتماعية والمعرفية والتربوية، بما يسهم في نموهم ودعم هم ورعايتهم، بناء على مؤشرات صحية تؤدي إلى بناء تربوي وتعليمي سليم.