من الثابت حسب قواعد القانون الدولي هو أن للشعب الرازح تحت نيران الاحتلال الحق في المقاومة والدفاع عن نفسه بكل الوسائل الممكنة، بما في ذلك الكفاح المسلح للتخلص من أسر الاحتلال، ذلك لأن الاحتلال يعتبر بمثابة عدوان مستمر وانتهاك لحق الشعب في تقرير مصيره، وبالتالي لا يجوز للمعتدي أن يدعي لنفسه الحق في الدفاع عن النفس في مواجهة المقاومة التي تتمتع أصلاً بهذا الحق، ومن هذا المنطلق تأتي ندوة " تطبيقات القانون الدولي من قبل الاحتلال الإسرائيلي"، التي نظمها إتحاد الكتاب والادباء ضمن نشاطاته في مهرجان جرش للثقافة لتناقش مدى إلتزام الدول بتطبيقاته الفعلية على أرض الواقع وإنصاف الشعب الفلسطيني في حقه المشروع للدفاع عن نفسه ضد الاحتلال الغاصب، في هذه الندوة التي شارك فيها عدد من الباحثين والكتاب والقانونيين الحقوقيين هم : المحامي ضيف الله الوريكات، الدكتور محمد نور الدباس ، المحامي سامر ابو شندي، الدكتور امجد شموط، فيما قدمهم الدكتور محمد السردي والذي استهل الندوة بقوله : نحن اليوم مدعوون لمناقشة هذا الموضوع الحيوي والذي له انعكاسات مباشرة على الساحة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في العالم، في ظل تطورات كبيرة شهدها القانون الدولي في السنوات الاحيرة.
وقال الدكتور الدباس: سيكون تناولي للموضوع من خلال تسليط الضوء على بعض النقاط المهمة والتي تشكل عناوين يمكن بحث كل نقطة بشكل موسع، نعرف القانون الدولي العام كمجموعة من القواعد القانونية التي تتكون الى حد كبير من المبادئ والقواعد التي تتحكم في سلوك الدولة وتشعر انها ملزمة بمراعاتها ولذلك تحترمها في علاقاتها المتبادلة والتي تشمل تلك المتعلقة بالافراد والحدات التي لا تعد دولا ولكن تعتبر حقوق وواجبات اي قانون الامم او قانون الشعوب، والقانون الدولي الانساني الذي يرمي الى الحد من اثار النزاعات المسلحة لدواقع انسانية ويحمي هذا القانون الاشخاص الذين لا يشتركون مباشرة او بشكل فعال في الاعمال العدائية وهذا ما نفتقده اليوم في هذه الحرب التي تعتبر مخالفة لكل هذه القواعد والقوانين الدولية، ومنها استخدام اسلحة محرمة دولية في عملاتها العسكرية وذها يخالف القوانين الدولية الانسانية.
وتحدث الدكتور امجد شموط وهو الناشط الحقوقي حول مزايا القانون الدولي بخصوص انتهاكات حقوق الانسان والتحديات التي يواجهها ودور المؤسسات في المجتمع المدني في فضح هذه الانتهاكات، ومنها انتهاك المادة "25" من الاتفاقية الخاصة باحترام قوانين واعراف الحرب البرية والتي تنص على منع استهداف المباني الخاص بالسكان، " تحظر مهاجمة او قصف المدن والقرى والمساكن والمباني غير المحمية ايا كانت الوسيلة المستعملة "، والمادة "27" في حالة الحصار او القصف والتي تنص على يجب ان تتخذ كافة التدابير اللازمة لتفادي الهجوم قدر المستطاع على المباني المخصصة للعبادة والفنون والعلوم والاعمال الخيرية والاثار التاريخية والمستشفيات والمواقع التي يتم فيها جمع المرضى والجرحى، وغيرها من القوانين الانسانية التي شهدت خرق وانتهاك صارخ من قبل هذا الكيان الغاشم في الحرب الشرسة على غزة.
اما الحقوقي سامر ابو شندي، فتحدث عن موضوع الاسرى الفلسطينين وتطبيقات القانون الدولي، وقال لقد ارسى الانتداب البريطاني الاسس القانونية لمصادرة حرية الفلسطينين من خلال قانون منع الجريمة الصادر في اكتوبر 1920 والذي اعطى للحكومة البريطانية الانتدابية الحق في احتجاز او تقييد حرية من ترى انه يشكل خطر على السلام، مرورا بقانون العقوبات الجماعية لعام 1926 والذي وضع الاساس القانوني للعقاب الجماعي في فلسطين، وتظهر لقطات كثيرة من الفيديو والصور التي تظهر جوانب من اشكال التعذيب والمعالمة السيئة التي يتعرض لها المعتقلون على ايدي القوات الاسرائيلية، واعتقال الصحفيين وقتلهم وجرحهم في اعداد هائلة واوامر اعتقال او تجديد الاعتقال ، وكل هذه تشكل خروقات للقانون الانساني فيما يخص الاسرى والمعتقلين والذين استشهد منهم الكثير في السجون.
اما المحامي ضيف الله الوريكات فقد قال : أن المتمع الدولي يرفض الاحتلال الاسرائيلي، ويدين الممارسات الاسرائيلية تلك الجرائم بحق الشعب الفلسطيني من القتل والاعتقال والتعذيب والمعاملة غير الانسانية وهدم المنازل ومصادرة الاملاك والعقارات، وضم الاراضي وتجريفها وتدميرها وبناء المستوطنات والتوسع فيها كلها افعال جرمية وغير مشروعة ومخالفة للقانون الدولي الانساني والمعاهدات والاعراف الدولية، فمنذ الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية ومنها القدس الشرقية سنة 1967 اصدرت الامم المتحدة عدد كبير من القرارات اكدت فيها موقفها الرافض لمحاولات تغيير المركز القانوني للقدس الشرقية بعتبارها جزء من الاراضي الفلسطينية المحتلة، وهناك الكثير من القرارات التي اصدرها مجلس الامن والجمعية العامة للامم المتحدة تعكس موقف المجموعة الدولية من هذه الممارسات الاسرائيلية غير الشرعية والمخالفة للقوانين الدولية والانسانية.
وفي ختام الندوة الحقوقية والقانوينة قدم رئيس الاتحاد عليان العدوان الشهادات التقديرية للمشاركين في الندوة والتي اشاد فيها بأن هذه الندوة تعتبر من أهم الندوات التي يشارك فيها الاتحاد ونخبته من القاء الضوء على اهم قضية حقوقية تتعلق بنصرة الشعب الفلسطيني من وجهة نظر قانونية دولية والبحث عن الحلول القانونية لتطبيق العدالة الدولية وكيفية مواجهة الكيان الغاصب بتشى الطرق ومنها التصدي بموجب فهم كيفية تشكيل قوة دعم في الإطار الدولي كما شكلت دول فريق من المحاميين للدفاع عن الشعب الفلسطيني.